117 ولادة

4.1K 298 790
                                    

ليليا

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

ليليا

استعصى عليّ التنفّس وأنا أشعر بانتفاضات جسد ماتيو عبر يد كريس، عيناهُ زائغتان، نفسهُ يعلو على كل صوت، والذعر في قلبهِ يرفض الطمأنينة وإن عادت الحياة تُنعش أرجاء صدر أبيهِ. كيف بدأ كلّ هذا؟ لاحظتُ على كريس الهدوء وشرود الذهن مُنذ بِضعة أيّام، صحّتهُ في تدهور، الأمر واضح لنا جميعاً، ولكن روحهُ كانت ما تزال تتّقد بهويّة المُنقذ بدون كلل. لذلك كان من الطبيعي جدّاً أن يساورني بعض القلق ما إن اضطربت هذهِ الشعلة. هو قليل الكلام، ولكن ليس معي. هو كثير العبوس، ولكن ليس معي. هو خائف من غدر الحياة، ولكن ليس معي. حاولت مشاكستهُ بقراءة مقاطع متناقضة لماتيو أندرسون فلم يستجب لي إلّا بابتسامة عابرة. طلبتُ من هانا أن تدرس في غرفتنا كي يطمئن بوجودها، ولكنّهُ لم يُعرها الاهتمام المُعتاد. قرّرتُ في نهاية المطاف مُراقبتهُ عن كثب والتأكد من نومهِ قبل نومي. ابتهجتُ اللّيلة الماضية عندما سقطت أهدابهُ سباتاً بعد دقائق قليلة من وضع رأسهِ على الوسائد، استلقيتُ بجانبهِ، احتضنتهُ، وأرحتُ راحة يدي على موضع قلبهِ أطرب لضربات نبضهِ المنتظمة. كُنت بحاجة إلى بعض الطمأنينة، وبقاؤهُ حيّاً وإن كان على غير ما اعتدتهُ هو كافٍ لي. رويداً رويداً، بدأتُ أشعر بتباطؤ ضربات قلبهِ وانخفاض علوّ صدرهِ. فتحتُ عينيّ على وسعهما، فوجدتهُ شاحباً. قرعتُ الجرس أطلب الطبيب على عجل، حاولتُ إيقاظهُ بِلا استجابة، تزعزعت حواسي وتخدّرت، لا أستطيع الشعور بنبضهِ ولا بأنفاس من أنفهِ وفمهِ. الطبيب هُنا، وقد تمّ جرّي بعيداً. مزّقوا قميصهُ يُنعشون صدره، حقنوه بالكثير من المحاليل، يصرخون بإحضار هذا وذاك، يُعلنون عجزهم بالارتياع. كريس ميّت. في تلك الدقائق، زوجي كان ميّتاً. تخلّى عن دورهِ كمنقذ، ولم أكن قادرة على حمل اللّقب فلا قُدرات لديّ لإعادتهِ من عالم لا سلطة لدينا فيهِ. أنا وكريس روحيْن مُثقّلتين بالكثير، ولا يمكن لأحدهم احتمال أن يحمل لقب المُنقذ لكِليْنا، لا الأطباء ولا واللّوردات ولا الخدم، لا أحد! تلك الثواني المُتسارعة للجميع قد توقّفت في مُحيطي قليلاً؛ أتساءل، أحقّاً لا أحد؟ ألم يحمل اللّقب لنا بالفعل؟ ألم يفعل ذلك منذ عاد مُرتاعاً ومُضطرباً، ثمّ مُجبراً، ثمُّ مُصممّاً ملئ قلبهِ على حمل كلّ شيء؟ ألم يكن هو وليد ثمرة إنقاذ بعضنا بعضاً؟ فكيف إذن لا يكون وريث هذا اللّقب؟ كيف لا أعترف بذلك وقد فعل كلّ ما يمكن للمنقذ أن يفعل؟

المفقودحيث تعيش القصص. اكتشف الآن