الفصل الثالث والعشرين

58 5 22
                                    

صلوا على الحبيب المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام 🩷
______________________

انتظرت تلك اللحظة لسنوات تعلم ؟
صدع صوت أجاوستينو بكُره شديد تلاه ضحكته الساخرة وأكمل:
لأرى الخوف في عيناك ولكن خاب ظني فما زلت ترمقني بنظراتك القوية الحمقاء كأنني لا أعلم أنك خائف.
ثم انخفض لمستوى المُقيد على المقعد ويزأر كالأسد الهائج وعروقه تنتفض من شدة الغضب وأكمل بصوته المليء بالكُره:
سأجعلك تترجاني لأعفو عنك ستشعر بالنيران التي حرقت جسدي والنيران التي قضتّ على قلبي بعد قتلك لابني.
رددّ آدم بكُره مما أشعل غضب الآخر:
إن كان ذلك الكفيف ابنك فقد أستحق الموت فأبيه ابن موت.
صرخ أجاوستينو بجنون وهو يصفعه بقوة:
اصمت يا وغد اصمت..
ارتفعت ضحكات الأخر بجنون وعيناه مسلطة عليه بقوة:
الحقيقة مُرة أعلم ولكن نهايتك على يديّ.
انفلتت ضحكة استهزاء من أجاوستينو ورددّ:
وضعك لا يسمح بحديثك الأخرق فأنا سيد اللعبة هنا كما كنت في السابق تتذكر مثل يوم قتلي للمجنونة أمك..
أطلق آدم عدة سِباب عليه وهو يصرخ بجنون ويتحرك بعنف يحاول تحرير نفسه فأجاوستينو قيده جيداً حتى لا يستطع التحرر:
سأقتلك يا حقير أقسم تبا لك..
انخفض أجاوستينو لمستوى آدم وضحكاته تعلو باستمتاع ثم رفع رأسه عنوة بفوهة المسدس فتقابلت أعينهم.
عيناه المُظلمة تنتفض بغضب كجسده الثائر وصراخه يعلو بجنون:
اقتلني هيا أفعلها إن كُنت رجل فتلك فُرصتك الأخيرة إن لم تستغلها ستفتح باب جُهنم بيديك!
اعتدل أجاوستينو مرة أخرى في وقفته مصوباً المسدس أمام وجهه والابتسامة الشامتة الكريهة مرسومة على فمه ثم رددّ بصوت يشبه الهمس الساخر:
ألقاك في جُهنم يا عزيزي..
صدع صوت طلقة نارية تلاها صوت قوي مثل الانفجار هز الفندق على أثره وصرخة ذعر انفلتت من فم أحد بل صرخات عالية وعدة أصوات أخرى متداخلة ثم صمت قطعه أغنية إيطاليا شهيرة!
E se io muoio da partigiano tu mi devi seppellir.
E seppellire lassù in montagna.
E seppellire lassù in montagna sotto l'ombra di un bel fior.
وإن مُت كمقاوم فعليك أن تدفني أعلى الجبال.
يجب أن تدفنيني أعلى الجبال.
يجب أن تدفنيني أعلى الجبال تحت ظلال وردة جميلة.

أغمض آدم عيناه يستعد للموت يتذكر لحظاته القليلة الممتعة التي قضاها رفقة محبوبته ذات الجدائل القصيرة الذي تُيم بُحبها وكان على استعداد للتخلي عن حياته بأكملها لأجل رؤية عيناها تلمع بسعادة وراحة.
لحظة غضب فاصلة.
ورغبة كلاهما في الثأر تزداد..
طلقة بصوتها المفاجئ بددتّ الصمت وخلتّ بتوازنه!
لحظة إدراك..
كلاهما اختل توازنهم مع صدوع صوت انفجار أحدث على أثره اهتزاز الفندق.
لحظة فوضوية غير مرتب لها ستحدد مصيره إما قاتل أو مقتول.
بضع ثواني عند سقوط سلاح أجاوستينو وهو خلفه يحتمي في أريكة صغيرة بفزع وقد ظن أن هناك زلزال، فأرتمى آدم على الأرض يتحرك بحركات مدروسة ليحرر نفسه حتى استطاع تحرير يده وفي تلك الأثناء استمع أجاوستينو لصوت طلقات نارية وصرخات تأتي من الأسفل فاستدار برأسه بخوف ولاحظ محاولات آدم لفك قدمه فنهض بسرعة يقترب من المسدس ليلتقطه فقد سقط بعيداً عنه.
وفي تلك الأثناء حرر آدم قيدّ قدمه وارتمى على المسدس يدفعه بعيداً عن يدّ أجاوستينو الذي ركل آدم في وجهه وكاد أن يتحرك جهة سلاحه فجذب الآخر قدمه بقوة وأسقطه على وجهه ثم نهض واعتلاه يقيد حركته وبدأ في لكمه بعنف وقد أعماه الغضب ولا يرى غير معاناة أمه.
لعنة الله عليك يا حقير سأقتلك.. سأقتلك.
ظل يلكمه بعنف وجنون وصراخه يعلو يكاد يغطي على صوت الطلقات النارية في الأسفل قبل أن ينفرج الباب ويركض حارس أجاوستينو يدفع آدم بعيداً وهو يصرخ بهلع شديد على أجاوستينو المتمدد على الارض والدماء والكدمات تغطي وجهه:
أشباح يا سيدي أشباح يقتلون رجالنا في الأسفل!
استند آدم على الجدار يحاول النهوض بصعوبة والتفت يهجم على الحارس يبعده عن أجاوستينو ولم يكاد أن يلكمه وقاطعه طلقة خرجت من سلاح حارس آخر استقرت في قدم آدم الذي صرخ بألم شديد فدفعه الحارس بعيداً عن صديقه واقترب من أجاوستينو يسانده لينهض ويهربوا بسرعة مستمعاً لسؤاله القلق:
من في الأسفل من هُم؟
ردّ أحدهم بخوف وهو يسانده لينهض:
أشباح.. لا نعلم ماهيتهم يظهرون من العدم ويقتلعون رؤوس رجالنا بعُنف ثم يختفوا وكأنهم..
استدار بنظره لآدم الزاحف اتجاه المسدس الساقط وأكمل بصوت مرتجف:
وكأنهم جزء من الظلام..
قاطعه الرجل الآخر بخوف قبل أن يقرر النجاة بروحه وركض للخارج بسرعة من إحدى الطرق السرية:
بل هُم الظلام!
زمجر أجاوستينو بغضب رغم خوفه:
لن أتركه سأقتله.
صرخ الحارس بخوف شديد وهو يجر أجاوستينو بالقوة للخارج:
لا يوجد وقت كافي سنموت إن بقينا ثانية أخرى.
رددّ أجاوستينو بكُره قبل أن يختفي صوته بعد خروجهم من الغرفة تاركين آدم خلفهم يأنّ من شدة الألم:
سنتلاقى مجدداً يا شيطان ووقتها لن أتركك تحيا..
استند آدم على الحائط وحاول تفحص قدمه رغم ألمه وفشل فرفع رأسه على صوت انفراج الباب ودخل رجل مُلثم وشعار جماعة سُفيان تُزين سترته فكاد أن يطلب منه المساعدة ولكنه استدار وخرج بعدما رماه بنظرة ساخرة:
مثل القطط ما زلت حي..
انفرج فم آدم بعدم استيعاب ثم صاح بغيظ:
يا أعمى قدمي تنزف!
لم يأتيه رد وقد هدأت الأصوات بل اختفت تماماً فتمتم بغضب وهو يحاول تحرير نفسه فقد فهم أنهم رحلوا فسُفيان لم يكلفهم إلا بقتل رجال أجاوستينو رداً على فعلته معه بعدما استطاع أجاوستينو شراء بعض رجال سُفيان وانقلبوا عليه والآخر نفذ حديثه بالحرف:
تباً لك ولقائدك..
حاول النهوض وهو يستند على الحائط فصرخ بتألم شديد وتحرك للخارج وهو يجر قدمه بصعوبة حتى اقترب من المصعد وضغط على الزر وهو يتمتم بغيظ من رجال سُفيان:
حمقى أقسم ولكن ماذا أقول هجومكم ودخلتكم أبهرتني.
رمق الرجل الساقط على الأرض فاقد للحياة فانخفض لمستواه والتقط مسدسه وأخذ الطلقات منه ثم رماه هامساً بسخرية:
لم أكذب حينما لقبتكم بجماعة البط..
فُتح باب المصعد فقلب عيناه بملل ودخل وهو يدفع جسد الساقط بالداخل ليستطع الوقوف ثم ضغط على زر الطابق السفلي وأثناء وقوفه شعر بيد الرجل تُمسك بقدمه فانفلتت صرخة فزع منه كاد أن يسقط على أثرها ثم دفع الرجل بغيظ:
يا أحمق كدت تُصيبني بسكتة قلبية مُت في صمت!
خرج من المصعد فاتسعت عيناه بصدمة من المنظر أمامه فالأرضية البيضاء تحولت لبركة دماء، أطلق صفير منبهر خافت من فمه وتحرك للخارج يضغط على قدمه بصعوبة وحينما مرّ من أمام مكتب الاستقبال لاحظ اختباء الفتاة أسفل المكتب بخوف فاقترب منها ونقر على المكتب ثم رددّ بهدوء:
عذراً هل بإمكانك إلغاء حجز غرفتي.
حركت رأسها بموافقة عدة مرات بهلع رغم غرابة جملته ثم أكمل بنفس نبرته الهادئة وهو يصوب المسدس على رأسها:
والآن ستديني ليّ بخدمة وتخبريني عن أماكن اختباء أجاوستينو بدون كذب أو مراوغة فإن راوغتني ستتغلل الطلقة رأسك بدايةً من جبينك حتى تخرج من الجهة الأخرى!
أخبرته عن الأماكن التي تعرفها ثم رددّ بخفوت وهو يعرج متجهاً لخارج الفندق:
حمقاء لم أكن لأوذيكِ.
وقف أمام الفندق يستند على الحائط بتعب ثم رفع سترته وقطع جزء منها ووضعه على مكان الإصابة وعقدها مرتين ليتوقف النزيف حتى يعالجها.
رفع يده يشير لسيارة أجرة تقترب من الفندق فتوقفت أمامه وقبل أن يتحرك خطوة وجد ماضي يندفع منها بوجه يظهر عليه علامات القلق وعيناه تكاد تلتهم آدم بخوف وبدون أن يلفظ كلمة واحدة ضمه بشوق وخوف شديد استطاع الشعور به مردداً:
الحمد لله الحمد لله لو كان حصل لك حاجة عمري ما كُنت هسامح نفسي.
أبتعد ماضي عنه ولم يلاحظ قدمه المصابة وكاد أن يدخل للفندق فمنعه الآخر:
إلى أين ألا ترى إصابتي!
كيف نجوت؟
هتف ماضي بسؤاله بتعجب ثم عاد بنظره ولاحظ الأجساد الساقطة على الأرض فأكمل بضحكة صغيرة مستهزأً من سؤاله:
يا لغبائي أسألك عن شيء إجابته آدم!
أشار بيده على الأجساد الممددة على الأرضية بالداخل فتجاهله الاخر ورمى ثُقله عليه مردداً بتعب:
ساعدني للذهاب لبيت ماركوس.
أوقف ماضي سيارة أجرة وساعده بالجلوس ثم انطلق السائق بعدما أملاه آدم عنوان بيت ماركوس.

كل الآفاق تؤدي إليكKde žijí příběhy. Začni objevovat