الفصل التاسع

40 8 3
                                    

لا تقتل ابني أرجوك !
صدع صوت امرأة تحتضن صغيرها وتختبئ أسفل طاولة الطعام وبمجرد شعورها بأحد يسحبها من قدمها من أسفل الطاولة صرخت بتلك الكلمات وهي تضم ابنها أكثر .
جذب الرجل ابنها بعيداً عنها وحمله واضعاً المسدس على رأسه كما فعل رجل آخر وجذبها لتقف عنوة مصوباً السلاح على رأسها فصرخت بخوف شديد وهي تنظر لقائدهم تترجاه :
أرجوك لا تقتل ابني ليس له ذنب أن أبيه فرانك ..
سيدي .
ناداه الرجل الممسك بالصغير وهو يشير له بأن ينفذ كما أمرهم سُفيان ويقتل آدم المرأة وابنها ، أخرج آدم سلاحه وتقدم من الصغير ثم حمله مصوباً السلاح على رأسه فأغمض عيناه محاولاً التماسك وتنفيذ أوامر سُفيان ويبدأ طريقه في الدخول لطبقة الأثرياء .
استمع لبكاء الصغير المكتوم وبسائل ساخن تسرب لملابسه ففتح عيناه وجزّ على أسنانه بقوة وإصبعه يوضع على الزناد فعادت المرأة تصرخ بانهيار :
أرجوك أتركه لم أكن أعلم عن عمل فرانك أقسم إن تركته سأخبرك عن مكان فرانك .
اخرسي ..
نهرها الرجل الممسك بها فالتفت لآدم يردد بحنق :
اقتله لا يوجد وقت لتفكر !
اطلق آدم زفرة مطولة مع لينّ ملامحه وهو يُدير الصغير ويحتضنه ثم توجه صوب الحارس الممسك بزوجة فرانك وجذبها من بين يده تحت صياح الآخر باعتراض :
ماذا تفعل هل جُننت !
أردف آدم بهدوء وهو يعطي الطفل للمرأة :
لن أقتل أبرياء .
صاح الآخر بغضب وهو يتقدم من المرأة وابنها :
أنت أحمق سأفعلها أنا وأنال رضا سُفيان .
قبل أن يقترب منهم كان آدم يجذب يده الممسكة للسلاح ويديرها خلف ظهره مستمعاً لصوت طقطقة مختلطة بصراخ الآخر بتألم وتمتم بجمود :
لا يوجد مانع عندي من قتل الأوغاد مثلك !
أكمل وهو يُدير رأسه للجهة الأخرى حيث الحارس الآخر الذي وضع عينه على الأرض فلا يوجد اعتراض بعد حديث آدم :
خذ ذلك الأحمق وارحل من هنا هيا .
دفع الآخر عليه فجذبه الحارس عنوة تحت صرخات الآخر بأنه لن يترك حقه وسيخبر سُفيان بكل شيء ، التفت آدم لزوجة فرانك ورددّ بهدوء :
خذي الصغير وارحلي من روما بل من إيطاليا كلها حفاظاً على حياتك وحياة صغيرك .
هزت رأسها عدة مرات بهستيرية وهي تهمس بكلمات شكر فاستدار ليغادر قبل أن يسمع صوتها يصدع بخفوت :
أنت رجل صالح لا تليق بذلك العمل .
أكمل سيره ثم صعد لسيارته متجهاً لمقر سُفيان ليعلم إن كان سيعاقبه أم سيطرده من العمل .

العودة للحاضر :
ماذا قال ؟
رددّ آدم سؤاله وهو يرى ظهور الحزن على وجه توبا بعدما أخبرها طبيب التحاليل بشيء يخص نتيجة تحاليل آدم الصغير ورحل ، عاود سؤاله بقلق :
ماذا قال لتحزني هل الصغير به شيء خطير ؟
انزلقت عبراتها رغماً عنها بحزن :
يوجد نسبة مخدرات في دماء آدم .
تباً !
همس بضيق شديد وهو يلكم الجدار فأكملت حديثها وهي تلوم نفسها :
أنا السبب فيما حدث ويحدث ، كيف سأقول لماسال أن صغيرها يحتاج للعلاج من المخدرات !
وقف أمامها وأشار بجدية :
لا يوجد وقت للبكاء هيا لنتحرك وننقذ الصغير .
أزالت دموعها وصعدت معه لسيارته منطلقاً بها حيث القصر .
في القصر :
كانت الفوضى تملأ المكان بعدما فقد آدم الصغير وعيه أثناء نزوله من على الدرج وأصيبت رأسه ، حمله ماضي وركض للخارج وخلفه ماسال التي ظلت تصرخ باسم أبنها وخلفهم البقية .
أتى ثائر على الصوت ورقية معه فركض بسرعة يبحت عن آفاق فنوح في المشفى ولم يجدها فصعد لسيارته وجواره رقية وانطلق خلف البقية ليطمئنوا على الصغير وتركوا رنا ورهف ورندا وملاك والسيدات الكبار في البيت مع الصغار .
أخرج آدم هاتفه عندما سمع صوته فجعد حاجبيه بقلق قبل أن يجيب :
هل أنت بخير صغيرتي ؟
ردتّ ملاك بخوف شديد :
آدم ابن ماضي فقد وعيه وسقط مع على الدرج أذهب واطمئن عليه واتصل أخبرني عن حالته .
سألها عن عنوان المشفى ثم أغلق معها وأخبر توبا بما حدث فعادت تلوم نفسها والخوف يسيطر عليها .
بعد مدة صعدوا للمشفى بخطوات شبه راكضة واتجهوا صوب أفراد العائلة الواقفين أمام الغرفة وكأنهم احتلوا المشفى بسبب عددهم في انتظار الاطمئنان على الصغير ، صدع صوت آدم بقلق :
لم يخرج الطبيب بعد ؟
هز عمرو رأسه بلا فنقل بصره على ماسال الجالسة جوار الغرفة تبكي بهستيرية خوفاً على صغيرها التي ضحت بالكثير لحمايته وإبعاده عن خطايا ماضيها ، ثم انتقل آدم بنظره لتوبا الواقفة جواره تبكي وتكتم شهقاتها بصعوبة فأشار لها بالاقتراب من ماسال وهزت رأسها بلا .
اقترب آدم منها وهمس بصوت منخفض :
يجب أن يعلموا بما حدث قبل أن يخبرهم الطبيب ويصبح الأمر أكثر تعقيداً .
اقتربت من ماسال بخطوات بطيئة وثم جثت على ركبتيها وهتفت بصعوبة وحزن شديد :
أسفة يا ماسال .. أنا السبب .
رمقتها الأخرى بعدم فهم من بين بكائها وماضي أيضاً الواقف جوار ماسال فأكملت توبا وبكائها يعلو :
الإيطالي اللي بيراقبني وصل لآدم وكان كل يوم يديله شوكولاتة إيطالية فيها مخدرات .. أنا السبب أنا أسفة سامحيني .
انفلتت ضحكة خافتة من ماسال ورددتّ بعدم تصديق :
إيه الهبل ده مستحيل !
رفعت نظرها لماضي باستنجاد ليخبرها بأن شقيقتها جنتّ أو تمزح معها ولكنه هو أيضاً كان في حالة صدمة ، دفعتها ماسال بقوة أسقطت الأخرى صارخة فيها بهستيرية :
أنتِ بتقولي إيه ابني في السن ده يدخل جسمه مخدرات وعايزة أسامحك !
أجهشت الأخرى في البكاء مرددة وهي تحاول الاقتراب من شقيقتها :
أنا أسفة والله ما كنت أعرف اللي هيحصل ..
انهارت ماسال وهي تدفعها بعيداً عنها عدة مرات وصراخها يعلو :
مش عايزة أسمع صوتك ولا أشوفك أمشي !
بكتّ توبا بشدة وماسال تدفعها في كتفيها قبل أن يحتضنها ماضي ويبعدها عن الأخرى التي ظلت جالسة على الأرض وتبكي بانهيار والبقية ينظرون لها بضيق وشفقة ، تحرك آدم وساعدها على النهوض بعدما أنتظر أن يقترب منها ثائر ويحتوي نوبة حزنها ولكنه ظل واقف يشاهد حالتها في صمت .
استندت توبا على آدم الذي حاول التحرك بها ليبتعدوا عن ماسال حتى تهدأ ولكنها ظلت واقفة تردد بترجي :
أنا أسفة يا ماسال أسفة يا ماضي سامحوني .. أنتم عيلتي أنا من غيركم ولا حاجة .
بكتّ ماسال أكثر دافنة رأسها في ماضي الذي لم يستطع الرد على توبا ولأول مرة يشعر بالغضب اتجاه أحد أفراد عائلته ، صاحت نادية " أم ثائر " بغضب شديد وهي تقترب من توبا ولكزتها في كتفها :
أنت السبب في كل المشاكل اللي بتحصل وجودك وسطنا أذى منك لله ربنا ينتقم منك .
جذب ثائر أمه بعيداً عنها فهتف آدم بهدوء وهو يحثها على التحرك :
هيا لنذهب الآن حتى تهدأ .
همست باسم شقيقتها أثناء تحركها بعيداً عنهم رفقة آدم حتى وصلوا لصالة الاستقبال وجلست على طاولة مستمعة لكلمات آدم بعدم تركيز :
سأحضر لك مشروب بارد وأعود لا تتحركي من هنا بمفردك .
بعد رحيله نظرت حولها بتشتت وكلمات ماسال تطرق كالنواقيس وصوت ذلك الرجل الذي استطاع وببراعة هدم حياتها في لحظة ، أخرجت الهاتف بيد مرتعشة وهي تنهض تستند على الجدار حتى خرجت من المشفى ثم بحثت عن آخر رقم هاتفها به واتصلت عليه .
استمعت لصوته البغيض :
كيف حال جميلتي ؟
ماذا تريد مني ؟
سألته بنبرة مبحوحة مستسلمة فأردف الآخر بسخرية :
ما بها جميلتي ؟
عاودت سؤالها بيأس :
أقسم سأنفذ ما تريده مني بشرط الابتعاد عن عائلتي .
رددّ بنبرة هادئة مُريبة :
أريدك ملكي !
ارتعش فكها الأيسر وردتّ بثبات مصطنع :
أرسل عنوان وأسلم نفسي لك بلا أسلحة أو أي شيء أمام أن تبتعد عن عائلتي .
انفلتت ضحكة صغيرة منه وأردف باستمتاع :
موافق سأراسلك بعد ساعة أخبرك كيف سنلتقي .
أغلقت معه وفتحت محادثة بينها وبين آدم وأرسلت تسجيل صوتي لها قبل أن تغلق الهاتف وترميه في الشارع : " تلك ستكون آخر مرة أتحدث معك فيها ، أخبر ماسال أنني أحبها كثيراً وأنني لم أقصد ما حدث وحتى تتخلصوا من ضوضاء مشاكلي رحلت بعيداً للأبد فبعدما تستمع للتسجيل سأكون غير موجودة في الحياة ولكن قبل أن أرحل سأخذ معي المتسبب في أذية آدم . "

كل الآفاق تؤدي إليكWhere stories live. Discover now