الفصل التاسع عشر

52 8 10
                                    

صرخة دوى صداها بالمشفى تستنجد بالممرضين والطبيب لينقذ شقيقتها :
مش بتتنفس مش بتتنفس بس هي عايشة مش هتسبني ..
تركت يدّ شقيقتها عند اقترابها من غرفة العمليات فاستندت على الحائط بجسد ينتفض وملابس ملطخة بدماء مرام ، أخرجت هاتفها بأيدي مرتجفة واتصلت على آدم وفور سماعها لصوته انهارت باكية :
آدم رموا مرام من فوق وخرج دم منها بس .. بس هي مش هتسبني .
أبتعد آدم عن ماضي والبقية وسألها بقلق :
لا أفهم شيء لما البكاء آفاق ؟
ظلت تتحدث بالعربية ولم يفهم غير بكائها فعاد للجميع بسرعة وفتح مكبر الصوت ثم رددّ بقلق :
ماضي أرجوك أخبرني ما الذي تقوله ؟
التقط الهاتف منه مستمعاً لصوت آفاق المتقطع :
مرام وقعت من فوق .. غسان وقعها من المطعم عشان يحرق قلبي عليها .
ابتلع ماضي ريقه بصعوبة ثم أردف بتردد :
تُخبرك بأن غسان أسقط مرام من المطعم .
ماذا !
صرخ بصدمة والتقط الهاتف بسرعة يردد بهلع :
لا تخافي حبيبتي سأكون جوارك خلال ساعات ومرام ستكون بخير هي قوية .
انقطع صوتها فناده باسمها ولم تجيب ثم أُغلقت المكالمة حاول الاتصال بها ولم تجيب فهتف بخوف قبل أن يركض خارج المشفى :
سأعود لمصر الآن آفاق تحتاجني عندما تفيق توبا أخبرني عن صحتها .
صاح ماضي وهو يركض خلفه فيخشى أن يتأذى مرة أخرى :
أنتظر سنعود سوياً .
استدار لثائر وهتف بصوت مرتفع قبل أن يبتعد :
خلي بالك منهم هرجع قريب .
ثم أدار رأسه لماسال وألقى لها قُبلة في الهواء فابتسمت الأخرى ثم التفتت على صوت طبيب توبا يخبرهم بوضعها :
نسبة المخدر مرتفعة في دمائها يجب أن تذهب للمصحة فستفقد السيطرة على نفسها ، أما جرح معدتها فقُمت بتعقيمه ووضعه جيد لا تقلقوا .
سأله ثائر باهتمام :
بإمكاننا نقلها لمصر وتُكمل العلاج هناك ؟
حرك رأسه بلا وأردف :
الأفضل أن تبقى هنا فوضعها الصحي والنفسي ليس جيد للسفر خاصةً أن مدة السفر طويلة وعندما تفيق سيطالب جسدها بالمخدر وسيكون أصعب وقت بالنسبة لها فلن تجد أحد يحقنها بالمخدر .
تحدث فاليريو يطمئن ماسال :
لا تقلقي سيدتي سأخبر حبيبتي فهي طبيبة نفسية وتعمل بمصحة **** سيكون وضع شقيقتك جيد.
تمتمت بامتنان :
شكراً لك فاليريو .
ابتسم الآخر لها وتحرك ليخبر حبيبته وينقلوها للمصحة ، اقترب غياث من الطبيب وهتف برجاء :
بإمكاني رؤيتها ولو لخمس دقائق فقط أرجوك .
رددّ الطبيب بتأكيد :
خمس دقائق فقط .
حرك رأسه بنعم ثم دخل غرفتها ووجدها نائمة على الفراش بوجه ملئ بالخدوش المضمدة والشحوب والتعب يظهر عليه ، جلس أمام الفراش ومدّ يده يمسك بكفها وعيناه مثبته على عيناها المغلقة بسبب المنوم .
انخفض قليلاً طابعاً قُبلة صغيرة ثم رفع رأسه يتمعن النظر بوجهها ذو الجمال الهادئ رغم شحوبه ، ترك يدها برفق ثم اعتدل بجلسته وهتف بهدوء :
عارف إنك مش سمعاني بس حابب أتكلم معاكي للمرة الأخيرة كغياث العاشق ، بحبك يا توبا حتى لو حُبي من طرف واحد هفضل احبك وافتكر الوقت اللي قضناه سوى حتى لو كان معظمه تمثيل منك في المهمة بالنسبة ليا كان حقيقي .
صمت لوهلة يتنفس بصعوبة فيشعر بتثاقل بأنفاسه ثم أكمل :
ولأني بحبك وعايز ليكي الراحة هبعد عنك لأن وجودي مش هيريحك بالعكس هيتعبك أكتر .. أنا عارف قلبك مع مين عشان كده لازم أبعد يا توبا .. ده الأفضل ليا وليكي .
أبعد عيناه عنها بصعوبة ثم نهض وتحرك خارج الغرفة فوجد ماسال وثائر يقفوا في انتظار خروجه ، أخرج جواب وأعطاه لماسال ثم رددّ بصوت هادئ حزين :
لما توبا تفوق أديها الجواب وأنا هتابع حالتها من بعيد دايماً لغاية ما تخف بإذن الله .
تمتمت ماسال بهدوء :
شكراً على كل حاجة عملتها مع توبا يا غياث لولاك مكنش حد فيهم حس أنها مختفية .
رسم بسمة صغيرة ثم التفت على صوت فاليريو جواره :
السيد يامن أخبرني أن جثمان غيث سيصعد للطائرة خلال ساعة ووجودك مهم .
حرك رأسه بموافقة والتفت يرى توبا من خلال الزجاج لآخر مرة ثم ودعهم ورحل رفقة فاليريو ليوصله للمطار .

كل الآفاق تؤدي إليكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن