الفصل الخامس

48 8 3
                                    

أتخاف من تلك الساحرة يا صغير !
تحدث آدم بجملته بحنق ثم أكمل بجدية والرضى يتشكل على وجهه كلما اهتز رأس الصغير آدم بالرغم من عدم فهمه :
من اليوم ستخترق كل القواعد فكيف تحترم القواعد وعمك آدم سُفيان !
رفع يد الصغير أمامه وبدأ يعد على أصابعه وآفاق ترمقه بعدم استيعاب :
لا يوجد وقت محدد للنوم أنت حر نمّ وقتما شئت ، تناول كل الحلوى ومن يرفض أصرخ عليه وعبر عن غضبك أو تجاهله وأفعل ما يحلو لك ، من يضايقك لا تترك حقك واصفعه بقوة حتى يعود لوعيه ، ماذا أيضاً .. ذكرني بأن أعلمك استخدام السلاح ..
صاحت آفاق بغيظ وحنق من تصرفاته :
هل أنت أحمق ما الذي تخبره للصغير .. ثم أنه لا يفهم ما تقول !
أردف بحاجبين معقودين تعجباً من ضيقها :
ترجمي له إذن ..
جزت على أسنانها بغيظ تحاول التحكم وعدم الانفجار فيه ، رمقهم الصغير بملل من عدم فهمه ثم تحرك لداخل القصر حتى يبدأ شجار جديد مع عمه يامن فذلك أمتع من الجلوس معهم .
هتفت بجدية :
سأترك البيت اليوم شكراً على مساعدتك لي طوال تلك المدة .
صاح بانفعال :
ولما تتركيه هل ضايقك أحد !
هزت رأسها بنفي وردتّ بصدق :
للحق عائلتك رائعة ولم يضايقني أحد ، ولكن يجب أن أكمل حياتي وعملي بمفردي كالسابق .
ضيق حاجبيه بضيق فهي تقول الحق وبالتأكيد لن يحتجزها جواره بدون سبب :
ولكنني ما زلت أخاف عليك يا ذات الجدائل ..
ردتّ بنبرة هادئة :
لقد اقحمتك في مشاكلي وأنت غريب لا يعنيك مشاكلي .. الأفضل أن أغادر .
تمتم بجدية وضيق ظهر عليه :
أبقي اليوم فقط هنا ثم غادري غداً حتى أطمئن أن نائل أبتعد عن حياتك .
هزت رأسها بموافقة مع بسمة صغيرة تزين صغرها ثم تركته وعادت للملحق لتجهز حقائبها .
زفر آدم بضيق وكاد أن يدخل للقصر فتوقف ليجيب على ماركوس :
ماذا هناك ماركوس ؟
سأله الآخر بمزاح :
هل تشاجرت مع تلك القصيرة خاصتك ؟!
ردّ بحنق لا يعلم سببه فهو معتاد على مشاكسة ماركوس له :
لا تدعني أبدأ بشتمك يا أحمق ..
رددّ ماركوس من بين ضحكاته :
حسناً لا تكُن عنيف يا فتى .. تلك الفتاة قريبة أخيك التي يراقبها رجالي خرجت من شقتها هاربة مساء البارحة وبعدها اشتغلت النيران في شقتها .
أطلق لفظ نابي وصاح بغضب :
كيف لم نصل لذلك الحقير حتى الآن !
أجاب الآخر بتوضيح :
لأنه ليس شخص عادي يا أخي هو من المافيا وكما أخبرتني أنه يراسها بالإيطالية فهو أحد الأوغاد في إيطاليا ، ولكن لا تقلق ما زلت ابحث عنه ولن أتركه .
أغلق آدم معه وصعد لسيارته منطلقاً لبيت توبا فهو يعلم مدى انشغال أخيه في مشكلة ماسال ويريد مساعدته ولكن الوضع اختلف قليلاً بعد اختطاف توبا فهو لا يكره في حياته بمقدار من يؤذي المرأة .

جالسة بداخل سيارتها ترمق الفراغ بأعين ذابلة ووجه شاحب فمنذ بضع ساعات كانت تتعرض للأذى من قِبل مختل عقلياً أشعل النيران في شقتها ليرسل بعد ذلك رسالة بضحكاته ومدحه لها على سرعتها ومهارتها في الهروب رغم شفاء قدمها حديثاً .
انطلقت بالسيارة بسرعة جنونية لعلا حزنها يحلق مع الهواء ، مر ساعة ومازالت تشعر بالضيق والمرارة في حلقها والوحدة فأخرجت هاتفها واستدارت تنطلق في طريق المزرعة .
هاتفت رهف التي أجابت تتساءل عليها بقلق :
عاملة إيه يا توبا وأنتِ فين يا بنتي اختفيتِ من المستشفى !
ردتّ بصوت متحشرج بسبب صمتها مدة طويلة :
كويسة ، ممكن أعرف عمرو في المزرعة ولا لا عشان عايزة أروح أركب قمر .
أخبرتها عن وجوده ثم أغلقت معها بعدما عجزت توبا عن سؤالها عن ثائر إن كان موجود أم لا .
بعد مدة ترجلت من السيارة بداخل المزرعة وألقت السلام على الحراس وبعض العاملين ثم اتجهت لإسطبل الخيل ولكن شوقها أخذها لمكتبه ، أثناء طريقها قابلت إحدى زملائها واحتضنها بسعادة ثم هتفت بتحذير وهي تشير على السترة الرياضية ذات الحملات الرفيعة التي ارتدتها :
كده تتعبي الجو تلج .
رمقت سروالها وسترتها بضيق فقد كانت تتجهز للذهاب للركض لولا ما حدث ، ردتّ بلامبالاة :
متقلقيش متعودة .
كادت أن تتركها وترحل فأوقفتها مرة أخرى :
لو راحة لأستاذ ثائر فهو في الإسطبل معاه ضيفة .
تركتها ورحلت فتحركت توبا بخطوات سريعة باتجاه الإسطبل وتوقفت أمامه تشاهد مساعدته لها للنزول من على الفرس وجواره صغيره يداعب مُهر صغير ، شعرت بالغضب يسير بداخلها فأعادت خصلاتها للخلف وتحركت بخطوات قوية باتجاه المسؤول عن الخيل ثم نادته وهي تعطيهم ظهرها :
عم فتحي ممكن تخرج قمر .
التفت ثائر على صوتها فهتف بانفعال :
بتعملي إيه هنا !
لم تجيبه وتصنعت عدم سماعها فجذب يدها لتستدير له متمتماً من بين أسنانه بغضب :
بتكلم بتعملي إيه هنا !
فتحت فمها بصدمة مصطنعة :
إيه ده ثائر !
نظرت على يده الممسكة بيدها وأكملت :
سيب أيدي ..
هدر بغضب :
سؤالي واضح صح ؟
ردتّ بنبرة هادئة وعيناها تطوف على وجهه تروي شوقها :
أركب قمر .. ممكن تسيب أيدي ؟
ترك يدها وأردف بجمود :
مفيش خيل هنا اسمه قمر .
عقدت حاجبيها باستغراب :
لا فيه الأدهم الغيهبي بتاعي مفيش غيره في المزرعة !
رددّ ببرود :
افتكرت لسه في واحد اشتراه من شهرين ، وجوده عامل زحمة على الفاضي وبيرفض حد يركبه.
هزت رأسها بلا بصدمة وعدم تصديق :
كداب مستحيل تبيعه أنت عارف قد إيه أنا بحبه !
رقع كتفيه مردداً ببرود وبساطة استفزتها :
عشان كده بيعته لأنه زيه زي صحبته وجوده مش مستحب هنا ..
صرخت بغضب وحزن فهي تعشق ذلك الفرس وكانت تأتي في الإجازات تمتطيه في أوقات ذهاب ثائر من المزرعة حتى لا يتضايق :
مشكلتك معايا أنا ليه تبيعه أنت عارف أنه بيخاف يتعامل مع حد غيري أنا وعم فتحي !
شعر بيد صغيره تمسك بكفه فهتف بجمود بعدما ألقى نظره على رقية الواقفة تشاهد في صمت :
أمشي يا توبا ملكيش حاجة هنا .
كاد أن يستدير فجذبت يده بقوة كنبرتها :
لو وجودي مش مستحب خاتمي بيعمل إيه هنا ؟
أشارت على خاتمه المزين بحجر الفيروز كانت أهدته إياه في يوم ميلاده ، أخفض بصره على الخاتم ثم أبعد يده عنها وأخرج الخاتم من إصبعه ووضعه بين كفها بعنف :
لا أنتِ ولا حاجتك تفرقي معايا يا توبا ..
رغم صلابة وقوة عيناها إلا أنها اهتزت للحظة كقلبها المتعب من دونه ، لمعت العبرات في عيناها مما لينّ ملامحه قليلاً واستدار يردد باقتضاب :
أتفضلي نروح مكتبي يا أنسة رقية .
رحل وتركها تنظر لأثره بحزن وغضب من خوفها فبسببه أنهت علاقتها بمنّ تحب وبقتْ تتخبط في جدران وحدتها .

كل الآفاق تؤدي إليكWhere stories live. Discover now