الفصل العشرين ( أمل يُضيء القليل من النور )

Start from the beginning
                                    

-" عارف إنك متضايقة مني علشان أسلوبي معاه، وعارف دة من بدري من ساعة ما كنا في القسم، بس بردوا عارف إنك مش قادرة تلوميني كل دة علشان عارفة إني صح، عارفة إن دورك تسايسي وتراضي وتليني عيالك بس أنا دوري أقسى وأغضب منهم، مينفعش إحنا الأتنين نتساوى في الحاجة دي يا شادية، لو عملت زي ما أنتِ بتعملي العيال هتضيع، ولو أنتِ عملتي زي ما أنا بعمل العيال هتتعقد وهيكرهونا، طيب ليه دة يحصل؟".

أغلقت شادية جفنيها وهي تبكي بخفوت، ليعتدل عابد في جلسته يقترب منها قليلاً وهو يقول بجدية يشوبها الغضب الهاديء في نفس الوقت، وكأنه فقط يفصح لها عن غضبه بين حديثه:

-" وبعدين إبنك غلطه مش صغير، في حد من عيالك جالنا بمصيبة زي دي قبل كدة؟ في حد منهم دخلنا القسم ولا خلى رجلينا تخطيه علشان عمل مصيبة؟ مفيش.. علشان كدة أنا لازم هقسى عليه، أنا مش هينفع ولا هقدر أهاوده ولا أعامله بالذوق والأدب، إبني زي ما هو إبنك أربيه التربية إللي على كيفي، زي ما أنا مبجيش ألومك وأقولك أنتِ مدلعاه، يبقى أنتِ كمان ملكيش الحق تبصيلي كدة وتلوميني يا شادية".

أومأت شادية برأسها بوهن وهي تبتلع ريقها، لترفع رأسها تقول بنبرة مبحوحة أثر بُكاءِها:

-" والله ياخويا أنا مش هتكلم ولا هفتح بوقي، إللي أنت شايفه صح في حق عيالك أعمله، لو كنت أتكلمت من زمان مکانوش زمانهم طلعوا كدة".

لتتجدد دموعها مرة أخرى وهي تنظر له بقهرة قائلة بنبرة محشرجة أظهرت قلة حيلتها وحُزنها:

-" بس أنا أعمل إيه طيب، أنا ذنبي إيه وأنا شايفة الواد قدام عيني حالته متغيرة وهدومه مبهدلة، بقالنا تلات أسابيع منعرفش حاجة عنه وعلشان أشوفه ولا أتطمن عليه لازم هستنى، إزاي أبقى متعودة عليه كل يوم قدام عيني نايم في سريره بيضحك وبيهزر وبيزعق وبيغضب قدامي وفجأة كل دة يروح؟ حتى لو أربع شهور يا عابد، ولو كانوا شهر.. أنا مش قادرة أستحمل، عيالك عمرهم ما بعدوا عني غير بس علشان جيشهم، لكن غير كدة ميقدروش يسيبوني كل دة، عايزني إزاي بقى أبقى مستحملة ومتأقلمة مع الوضع دة؟".

لوح عابد برأسه وهو يتحدث بجدية وكأنه يذكرها بشيئاً ما قائلاً:

-" أنتِ شكلك ناسية إن مش مالك لوحده إللي إبنك، عيالك محتاجينلك يا شادية، البنات محتاجينلك، هاشم ورشاد إللي أنتِ شيفاهم رجالة دول بردوا محتاجينلك، بلال كان بيكلمني ونفسه يسمع صوتك هو كمان، وعيال عيالك يا شادية، لازم تفوقي وتقومي لكل دول، دة أنتِ في جيش تتار مستنيكي تفوقيله وترقيعلهم بالصوت، هما ذنبهم إيه كمان من اللي بيحصل؟ مش هما حقهم بردوا يحسوا بوجودك جنبهم؟ أومال أنا هقوي نفسي وأقويهم وأقويكي أنتِ كمان؟ لا أنا راجل صحتي على قدي".

قال عابد آخر كلماته بمرح، لتضحك شادية وهي تمسح دموعها بعدما أقتنعت بحديثه الذي أعطاها خطوة للأمام، ليبتسم هو الآخر، سُرعان ما أختفت إبتسامته ليقول بنبرة حزينة:

عُمارة آل نجم.Where stories live. Discover now