تُرَاب أمْشِير (مكتملة)

43- (نَـسَـمَات بَـرمُـودَة)

بإحدى الليالي الهادئة اجتمعت العائلة بمنزل الخال رؤوف لقضاء أمسية عائلية خفيفة .. اتخذت جهاد وياسمين ومريم الأريكة الكبيرة يجاورن بعضهنّ ويتبادلن الأحاديث، بينما جلس الشباب الأربعة ;فخر وزياد وعز وحازم على الأرض بصحبة الطفل عبدالله ..
الكثير من الأوراق الملوّنة متوزعة بين الأرضية وبين أياديهم أثناء تحدُّث فخر متأففًا من تلك اللعبة :

_انا عمري ما فهمت الـ اونو دي بجد !

نظر له حازم وأجاب بلامبالاة :
_ومين فاهم؟ احنا بنحايل الواد وخلاص

التفت له عبدالله وقال :
_يابابا انا فهّمتها لك خمسمية مرة قبل كدا

ردد عز الجالس بجانب حازم :
_ابوك حمار معلش

لكمُه حازم بقوّة في صدره فتأوه عز ورمقه بغيظ ونبس بتوعّد :

_لما نبقى لوحدنا، مش همسح كرامتك قدام ابنك

كان زياد يجلس بجوار عز، فمال على أذنه يقول :
_قوم له دلوقتي عشان كرامتك ممسوحة قدامنا احنا

أجابه عز هامسًا :

_اهدى يابوتجاز! اهدى وافصل شوية

تحدث عبدالله باختصار يشرح اللعبة :

_الموضوع مش صعب والله، انتوا بتاخدوا سبع ورقات والورقة اللي قدامك على الأرض حط يا رقم زيها يا ورقة بنفس لونها، ولو معاكش تروح تسحب من الورق اللي على جنب ده، و آخر واحد يفضل معاه ورق هو اللي يخسر

ترك فخر الورق وهمّ بالنهوض وهو يقول :
_لأ انا رجلي نمّلت خلاص، كمّلوا انتوا

جلس على طرف الأريكة الصغيرة، وحرك قدميه قليلًا ليساعد بـتحرُّك الدماء فيها بعد شعوره بتوقّفها ..

نظرت له جهاد وكساها بعض التردد قبل أن تقرر ترك الفتاتين وتتجه إليه، جلست بجواره بهدوء وقالت بصوت لا يسمعه غيرهما :

_عايزة اسأل حاجة حارقة دمي ومش عارفة اطلّعها من دماغي

فاجئته بنبرتها المشتعلة وحديثها الغير مسبق بأي مقدمات، وقال ضاحكًا بريبة :

_في ايه؟

_انت ازاي محبستش بسمة بعد كل اللي عملتُه؟؟

صمت قليلًا ثم أجابها :

_عشان معنديش دليل .. سواء الحبوب اللي كانت بتحطها لابويا عن قصد أو التوكيل المزوّر مفيش دليل قاطع يثبت بلاويها .. وهي ببساطة أول ما تحس بقلق هتحرق ورقة التوكيل وتنكر أي تهمة تتوجّه لها وهتخرج منها عشان مفيش حاجة ضدها ..

وتابع :
_عارفة بقى لما تخرج كانت هتعمل ايه؟ كانت هترجع تتنفخ تاني عشان هبان قدّامها قليل الحيلة وخسران وهتكيدني .. إنما كدا انا حسستها إني قادر عليها وقادر اكسرها، وهتمشي بتجرّ خيبتها مش راسها مرفوعة وشمتانة فيا