2- (العَـمّـة المَـلْعـونة)

6.5K 363 25
                                    


فتح مروان باب الشقة بالمفتاح ولم يحظَ بالتقاط أنفاسه حتى ؛فقد وقفت أمه فوق رأسه ،تطالعه بحاجب مرفوع وذراعين منعقدين وتعبيرات حادة توحى بأنها على وشك افتعال مشاجرة ما ..

منذ أن انتهى من تجهيز شقته التى حضّرها بحجة الزواج فيها _وهو فى الحقيقة أخذها لرغبته فى امتلاك منزل بإسمه والعيش به وحيدًا ينعم فيه بالهدوء وصفاء الرأس_ ، أصبح يزور والدته كل يوم تقريبًا ;رغم يقينه بأنها ستعكر مزاجه بالشريط الذى تنصه على مسامعه كلما علمت أنه يتواصل مع أخته ..

ولكنها فى النهاية والدته وهو ابنها الوحيد الذى تضع أملها به ،فلن يخذلها ويتركها وحدها ، ولا يمانع أن يعصر على نفسه بعض الليمون الحامض ليتحمل كلامها ،ثم يخرجه من أذنه الأخرى بنفس الثانية كالعادة ..

زفر بمنتهى الملل وأغلق الباب ،ثم اقترب منها بضع خطوات قائلًا :
_استر يارب ..

طرحت "صابرين" سؤالها باستنكار :
_لسة فاكر تجيلي دلوقتى؟

أجاب بابتسامة واسعة توضح سخريته :
_الشغل يا امى ، الشغل

_وقابلت جهاد ،مش كدا؟

أسرع يجيب ؛كونه قد حضّر الإجابة مسبقًا لتأكده عن ظهر قلب أنه سيسمع هذا السؤال :
_اه اه .. قابلت جهاد و قعدت معها ف بيتها وشربنا عصير واتكلمنا ، ولو هتبدأى معايا الخناقة دى هرجع شقتى ،انا لسة مقلعتش جزمتى حتى .. انا جيت لك عشان اشوفك ونقعد هاديين شوية بس لو هسمع كلام مش على هوايا همشى ..

طالعته بتعجب لبرهة وهى تردد بنبرة حنونة :
_كل ده عشان خايفة عليك؟

تنهد بضيق و ردد بضجر :
_هرجع اسمّع نفس الجملتين للمرة المليون اهو ..
مش معنى إن امها كانت ضُرّتك تبقى جهاد وحشة .. وابويا مكانش مقصر معاكى ف حاجة ولا سابك عشانها مثلا وراح لها ، انتى بتكرهيها عشان شاركتك فيه بس ..

صاحت بغلّ :
_عشان جهاد هى السبب فى إنه يتجوز امها ! ، هدى دى كانت مجرد نزوة فى حياته وهتعدّى لولا أنها حملت واضطر يتجوزها وبقت أمر واقع علينا..

رد ضاحكًا بمنتهى التهكم :
_ياسلام ! , ياسلام ع البساطة اللى بتتكلمى بيها .. اللى انتِ بتتكلمي فيه ده اسمه زنا مش نزوة ! ، و دى مش غلطة عادية دى كارثة ، انتِ كل اللى مضايقك إنه اتجوزها عليكي بس .. يعنى لو كان سابها لحالها ومتجوزهاش مكانش هيبقى عندك أى مشكلة تكملى معاه وتعدّيله عملته عادى كأنها غلطة سهلة ..

ثم تابع :
_مع إنك المفروض تفرحى ان ابويا كان فيه بذرة نضيفة وشوية ضمير خلّوه يصلّح غلطته وميبهدلش الطفل اللى جاى .. إنما انتِ حتى مفكرتيش تغلّطيه ومغلّطة هدى بس , مع إنهم هما الاتنين غلطانين نفس الغلط بنفس النسبة بالظبط ..

ردت بغضوب مكتوم :
_هى اللى ضحكت عليه ولفّت عليه لحد ماسمع كلامها

أجابها ببرود :
_معتقدش ان ابويا كان عنده خمس سنين عشان يمشى ورا حد ..

تُرَاب أمْشِير (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن