الفصل السابع

Start from the beginning
                                    

في المشفى :
وقفت ملاك تجمع أغراضها بوجه باهت خالي من الحياة والصغير نائم في سريره تنتظر قدوم ماضي أو آدم لتغادر معهم بعيداً عن القصر فقرارها لا رجعة فيه .
انفرج الباب وطلّ من خلفه يامن الذي أغلق الباب خلفه بسرعة مستغلاً عدم وجود أحد غيرها هاتفاً بلهفة :
ملاك اسمعيني أنا أسف بس والله أنتِ فاهمه غلط أنا مستحيل أحب حد غيرك ..
قاطعه صراخها الغاضب :
كفاية كذب رجعت ليه !
بكتّ بشدة حزناً على ما وصلوا له وأكملت :
أنا عارفة إني أهملتك الفترة اللي فاتت وإني بقيت وحشة ووزني زاد بسبب الحمل بس مش مبرر إنك تخوني .. كان ممكن تستحملني شوية ..
أنهت كلماتها ببكاء شديد وصوت شهقاتها يعلو فحاول الاقتراب منها ليهدئها فدفعته بعيداً عنها محاولة التوقف عن البكاء حتى لا تظهر ضعفها أمامه ، دق الباب ودخلت ليتا التي عرفتها ملاك فوراً .
زمتّ ليتا شفتيها بضيق وأردفت :
أسفه على ما حدث سيدة ملاك وتأكدي أن لا شيء يجمع بيني وبين يامن .
رمقتها ملاك بغضب من وقاحتها ثم ادارت نظرها ليامن الواقف يضرب بكفه وجهه بضيق من قدوم ليتا رغم تحذيره لها بألا تتدخل :
وكمان بجحه !
استدار يامن يرمق غضبها وابتسامتها الصغيرة قبل أن تركض جهة ليتا وتنقض عليها تجذبها من خصلاتها بعنف ، تحرك بسرعة يحاول فض الشجار بينهم أو بمعنى أصح إبعادها عن ليتا التي ظلت هادئة تحاول التحكم في غضبها والتحرر منها دون ضربها .
صرخت ليتا بغضب وقد فاض بها وهي تدفع ملاك بعيداً عنها :
ابتعدي أيتها الحمقاء السمينة ستصعد روحي للسماء بسببك !
ليتا ..
صرخ يامن جاذباً يدها بغضب فرمقته الأخرى بغضب شديد ودفعته بعيداً عنها صارخة بحنق :
أتيت للاعتذار منها عما حدث حتى لا اتسبب لك بمشكلة ولكن يبدو أن زوجتك مجنونة مثلك .. اتركني وشأني !
فتح ماضي الباب تزامناً مع اندفاع ليتا بغضب فرمق يامن الغاضب بتعجب ثم انتقل بنظره لملاك شاحبة الوجه والحزن يطغى على عيناها فاقترب منها بقلق :
حصل إيه مالك ؟
تركته دون حديث وتحركت لصغيرها تحمله ليهدأ بكائه ، فالتفت يعاود سؤاله على يامن :
حصل إيه تاني أتخانقت معاها ؟
زفر الآخر وكاد أن يقترب من ملاك مردداً باعتذار :
ملاك أنا أسف و..
قاطعته بنبرة حزينة هادئة يعلم أنها تكتم البكاء خلفها :
طلقني .
رددّ بحزن على ما وصلوا له :
ملاك !
صرخت بحرقة وغضب عارم :
لو راجل طلقني وإلا ..
صمتت لوهلة تتنفس بعنف والدموع خانتها وسالت على وجنتيها ثم أكملت :
هخلعك يا يامن !
صدع صوته بغضب وهو يندفع باتجاهها :
ملاك ألزمي حدودك أنتِ أتجننتي !
منعه ماضي من التقدم واقفاً في وجهه متمتماً بحدة وتحذير :
لمّ الليلة يا يامن وامشي بعدين تتكلموا .
كاد أن يكمل صراخه فقاطعه صوت آدم المرح :
كيف حالك صغير..
ابتلع باقي حروفه رامقاً يامن بغضب :
ماذا يفعل ذلك الوقح هنا هل هو المتسبب في بُكائك صغيرتي ؟
لكمه يامن على غفلة مُخرجاً غضبه فيه فكاد أن يلكمه آدم لولا فصل ماضي بينهم صارخاً بغضب :
توقف عن الوقاحة آدم ولا تثير استفزازه أكثر ولا تتدخل في أمورهم .
صاح آدم بغضب :
رأيته بعيني يُقبل تلك القبيحة وتصرخ عليّ حتى لا أجرح مشاعره هل أنت أحمق !
آدم احترس على ما يخرج من فمك !
صدع صدى توبيخ ماضي بغضب شديد فأكمل الآخر صراخه وقد أعمى الغضب عينه متجاهلاً دخول آفاق وماسال وتوبا التي قابلتهم في الطرقة ووقفت تتحدث معهم :
أرى جيداً يا ماضي أنت الذي لا يرى شيء تدافع عن ذلك الحقير وتعود شقيقتك له بسهولة ويكرر خطأه وتعيش في تعاسة .. ضع جانباً أنه ابن عمك وانظر لشقيقتك وهيئتها لأنك هكذا أناني و ..
قاطعه صراخ يامن بسخرية غاضبة :
هل ترى الجميع مثل أمك !
شهقت آفاق بخوف من تحول ملامح آدم لملامح مرعبة تقسم أنها مرعبة !
هتفت توبا تحاول تهدئتهم :
أهدوا يا جماعة شيطان ودخل ما بينكم ..
تخطاها آدم وهو يدفع يامن للخلف بعنف ويلكمه حتى سقط على الفراش وهو فوقه متجاهلاً بكاء ملاك أو صراخ ماضي وجذبه له بأن يتركه ولا توسل آفاق بأن يهدأ ، انفرج الباب ودخل منه ثائر وأمه وزياد وأم يامن الذي أوصلهم للتو ليطمئنوا على ملاك وفور رؤيته لما يحدث اندفع يساعد ماضي في حمل آدم بعيداً عن يامن فالتفت آدم وركل ثائر ثم لكّم ماضي بعنف وكاد أن يلتفت فدفعه يامن أرضاً وهو فوقه يلكمه بعنف ، فاستدار الآخر بصعوبة واعتلاه وهو يلكم أنفه بقوة صارخاً بجنون :
سأقتلك يا حقير كيف تتجرأ على ذِكر أمي !
جذبه ماضي وثائر بصعوبة من فوق يامن الذي حاوطه ثائر وزياد يمنعوه من التهور ، التفت آدم دافعاً ماضي بقوة وكاد أن يهجم على يامن لولا يدّ ماضي الذي جذبه له وباليد الأخرى كان يصفعه بقوة .
خيم الصمت بعد تلك الصفعة التي عمّ صداها في الغرفة من قوتها ، وضع آدم يده على وجنته بصدمة رامقاً ماضي بأعين متسعة حمراء غير مستوعب ما حدث !
اقترب ماضي منه بأنفاس مرتفعة وندم شديد :
آدم ..
عاد للخلف خطوتين بأنفاس لاهثة وعيناه كافية لشرح مدى وجعه :
أصفعتني للتو لأجله !
هز الاخر رأسه بلا وردد بأسف :
لا أقسم لم أقصد لقد انفعلت للحظة أنا أسف ..
انفلتت ضحكة ساخرة من آدم ثم اردف بجمود :
كُنت مغفل لا فرق بينك وبين ابيك .
كاد أن يلتفت ليغادر فأوقفه اندفاع ملاك تحتضنه بقوة باكية بانهيار شديد :
لا ترحل.. أرجوك.. لا تتركني آدم ..
لم يبادلها الحضن فالغضب والحزن يمنعه ، فقط رفع يده يلمس خصلاتها بهدوء والتفت ليغادر فتحركت آفاق خلفه والتفت يمنعها :
أبقي هنا .
هزت رأسها برفض وردتّ بإصرار :
لا لن أتركك ..
صرخ عليها بغضب شديد انتفضت على أثره ترمقه بصدمة وقلق :
قلت ستبقي هنا انتهى الحديث !
خرج من الغرفة صافعاً الباب بقوة فركض ماضي خلفه يحاول إيقافه والاعتذار منه فهو حقاً لم يقصد ما فعله فقد أثار غضبه هو ويامن وضغطوا على أعصابه بسبب جنونهم :
انتظر .. آدم أعتذر عما فعلت ..
تجاهله وخرج من المشفى وكاد أن يصعد لسيارته لولا يدّ ماضي الذي جذبه يمنعه من الركوب :
أسف أقسم لم أقصد ما فعلت لا تحزن مني فأنا لا أقدر على الحياة من دونك يا أخي .
أزال يده صارخاً بقسوة ولا يعلم إن كان يقصد ماضي بحديثه أم يُجلد نفسه :
ستقدر فلديك الحقير يامن وأقاربك فمنّ أنا حتى تهتم لأمري .. أنا مجرد فتى مطرود من حُب أبيه وتقرب من أبنائه كالأحمق عديم الكرامة ..
قاطعه ماضي صائحاً بسرعة وصدق وضيق من نفسه لأنه أوصله لتلك الحالة :
لا أنت أخي الذي أحبه أكثر من أي شيء لا تتحدث هكذا أرجوك .
انفلتت عِبرة من عينه وأردف بصعوبة بالغة في التنفس :
حزني على ملاك لأنني لا أريدها أن تكون مثل أمي ، لا أريدها أن تمر بالتعاسة بسبب رجل حقير مثل أبيك ومثل الحقير الآخر .. ولكن أنا المخطئ من أنا لأدافع عنها فلستُ إلا قاتل حقير وسط عائلة من المحترمين أليس كذلك !
صعد لسيارته منطلقاً بها بسرعة جنونية محدثاً الغبار خلفه ، التفت ماضي على صوت ثائر :
مشي ؟
هز رأسه بنعم والحزن يظهر على وجهه ثم صعد للمشفى حيث غرفة ملاك ، دخل الغرفة فوجد ملاك تتشاجر مع يامن الواقف ولا يردّ عليها ، فصرخ ماضي في وجهه بانفعال :
بسببك آدم مشي أنت ليه غبي مبتفهمش !
لم يجيب يامن واندفع خارج الغرفة فهتفت آفاق بقلق :
يعني إيه يا أستاذ ماضي آدم مش راجع تاني !
ردّ ماضي بضيق شديد وإصرار :
لا إن شاء الله يرجع مش هسمح له يمشي .
التفت لماسال وأكمل بجدية :
خدي ملاك والولد وآفاق وارجعي على الشقة ..
ثم التفت لتوبا وأكمل :
لو فاضية ممكن تروحي تجيبي رفيف وآدم وتوصليها على شقتي ؟
هزت رأسها بموافقة وخرجت لتنفذ طلبه كما فعلت ماسال التي حملت الصغير وأشارت لآفاق بأن تسند ملاك وتحرك زياد ليوصل عمته وزوجة عمه
مسح ماضي على وجهه بضيق ثم التفت يتحدث مع ثائر :
عايزك تلاقي آدم معايا .

كل الآفاق تؤدي إليكWhere stories live. Discover now