الفصل الثالث و الثمانون_الجزء الثاني (انسحبت الروح)

ابدأ من البداية
                                    

ردت عليها "نوف" بثباتٍ:
"علشان ريماس دي كانت وسط الأطفال في الشارع، للأسف مرات باباها بعد وفاته خليتها تنزل الشارع تبيع مناديل و حاجات غريبة كدا، و ريماس وسطهم كانت مظلومة و علطول مهمشة، علشان كدا واحدة كلمتنا و خليتنا أخدناها و جبناها هنا، حاولنا كتير معاها بس برضه هي مصممة تفضل ساكتة و لما تحاول تقعد معاهم بتحس إنها مش مرغوبة"

ردت عليها "خديجة" بلهفةٍ:
"أيوا خدت بالي، و غالبًا دي عندها بوادر رهاب اجتماعي، يعني لو كبرت على كدا هيتحكم فيها و يضيع حياتها، فيه ٣ ولاد كمان منهم واحد عنيف جدًا أقل حاجة تواجهه يكسر و يضرب و لما يكون هادي أوي بيشتم، فيه واحد تاني غاوي يلفت الانتباه ليه بأي شكل، بمعنى إنه فيه انانية و عاوز يكون هو اللي ظاهر بس حتى لو معملش حاجة غاوي يظهر أنه هو اللي ضحى و لاحظت أنه كاره أي حد غيره يتشكر فيه"

ردت عليها "نوف" تتفاهم مع حديثها و تفسره لها:
"يمكن علشان هو كان مُهمش أوي وسط الناس و علطول حاسس إن كلهم ظاهرين ميعادا هو علشان كدا غاوي يعمل شقاوة و يغطي على الكل بحضوره حتى لو كلامه ملهوش لازمة"

حركت رأسها موافقةً ثم أضافت:
"بالظبط و فيه واحد تاني طباعه غريبة يعني غاوي يخليهم يتخانقوا مع بعض و يضربوا بعض و بيكون فرحان رغم إن مفيش منهم صحابه، بس هو مش طايق أنهم يكونوا كويسين مع بعض و علطول لسانه طويل"

توقفت عن الحديث ثم أضافت من جديد:
"الفكرة هنا هي أني احولهم و أخليهم حاجة تانية، بس الفكرة ازاي اصلًا هقدر اتفاهم معاهم و أقنعهم ؟!"

ردت عليها الفتاة بهدوء و هي تفكر:
"الفكرة ازاي أصلًا نستغل الفكرة، يعني حاليًا في الدار سهلة ممكن نتعامل، لكن برة العالم مليان أطفال بتعاني نفسيًا و كل واحد منهم لأسباب الأهالي مش قادرة تفهمها"

ايدتها "خديجة" ثم أضافت:
"بالظبط، كل الحكاية في برة الدار و في المدارس و ازاي المدرسين اللي معندهمش ادراك لنفسية الطلاب بيكونوا سبب من أسباب الضغط عليهم، أنا عاوزة افهم الناس حاجة هما مش واخدين بالهم منها"

_"إيه هي يا خديجة ؟؟"

"إن الطفل زيه زي الشخص الكبير، إنه بيحس و بيتأثر و بيزعل، إن الطفل عادي يعيط لأن الراجل من حقه يعيط، لازم يفهموا إنه بيواجه مشاكل على قد سِنه، لازم يفهم إن العالم الصغير بتاعه دا فيه هموم برضه و إن العالم مش مناسب برائته"

عقدت الفتاة ما بين حاجبيها فهبت "خديجة" منتفضة من مكانها و هي تقول بسرعةٍ كبرى:
"أنا عندي حل، عن اذنك يا نوف، هروح ضروري و هكلمك"

حملت حقيبة ظهرها الصغيرة ثم رحلت على الفور بعدما أخرجت هاتفها، فيما نظرت "نوف" في أثرها بتعجبٍ من حملها و طريقتها تلك لكن داخلها تأكد أن "خديجة" ستنجح فيما تريده.
_________________________

تَعَافَيْتُ بِكَحيث تعيش القصص. اكتشف الآن