الفصل الثالث

Start from the beginning
                                    

.........
رفع زياد رأسه تجاه صالح الذي ظل كالمشلول لا يتحدث ولا يتحرك لوقت طويل قائلا وهو يشير الي هاتفه الذي يرن بلا انقطاع : احمد المحاسب بيتصل ...الفلوس لازم تتسلم النهارده في الموقع ....هنعمل ايه ياعم صالح ؟
هز صالح رأسه دون قول شيء بينما لا يستوعب كيف يحدث شيء كهذا ليرفع زياد حاجبه من صمت صالح
: ياعم صالح اتكلم ....قول حاجه ....الفلوس راحت فين
تنهد وتابع وهو يضع يده علي كتفه: طيب لو عاوز فلوس خليني اتكلم مع عاصم بيه ...قاطعه صالح بعزه نفس : انا مش محتاج حاجه
قال زياد باتهام : امال اخدت الفلوس ليه  ؟!
عقد صالح جبينه بقوة بينما داهم هذا الالم الشديد صدره ليقول برفض لهذا الاتهام : انا ماخدتش حاجه ..الفلوس كانت في الشنطه
نظر له زياد مطولا قبل ان يهز كتفه ويطلق تنهيده مطوله قائلا : مادام ده كلامك يبقي نبلغ عاصم بيه باللي حصل ونشوف رأيه في أن الأرض انشقت وبلغت نص مليون جنيه ...تهكمت نظرات زياد وهو يتابع : في حين أن الشنطه كانت معاك
هز كتفه وتابع ساخرا : يمكن يسامح فيهم لما يعرف انك اللي اخدتهم
نظر له صالح بعيون لمعت بها دموع الانكسار ولكنه تماسك وهو يقول بثبات : انا ممدش ايدي علي قرش مش بتاعي ...الفلوس انا مأخدتهاش
هتف زياد بحنق : امال راحت فين ؟
هز صالح رأسه : معرفش ..معرفش
فرك وجهه الذي كساه الاحمرار ليقول اخيرا : انا هعمل محضر
تغيرت ملامح وجه زياد : انت بتقول ايه ؟...انت فاهم محضر يعني ايه ....يعني هتتسجن
قال صالح وهو يهز كتفه : أو الحقيقه تظهر
قال زياد بسخط : حقيقه ايه ياراجل انت ....الفلوس كانت معاك واختفت منك يبقي انت اللي اخدتهم ...دي الحقيقه ..!
ظلت كلمات زياد تتردد في اذن صالح بينما يخطو بخطوات مرتجفه تجاه قسم الشرطه ....
( هما الضباط في مصر بقوا حلوين كده ليه ) ضحك عمر الذي استمع لغزل من فتاه وصديقتها يمرون بجوار سيارته التي كان ينزل منها
لتتسع ابتسامه الفتاه بينما تنفلت ضحكه صديقتها حينما أجاب عمر بخفه ( طول عمرهم ضباط مصر حلوين )
غمزة شقيه من عيون عمر جعلت وجه الفتاه يتوهج بالاحمرار كانت تختم تلك اللحظات قبل أن يخطو عمر بخفه تجاه باب مقر عمله بقسم الشرطه ...
: عمر بيه ...عمر بيه !
التفت عمر تجاه هذا الصوت ليتجه إليه صالح بخطوات بطيئه : ازيك ياعمر بيه ...انا صالح
قال عمر سريعا وهو يمد يداه الي صالح : عارفك ياعم صالح ...عامل ايه ...تعالي اتفضل
بترحيب أخذه الي مكتبه دون أن يسأله عن شيء بينما كانت تلك أحدي صفات عمر التي يشتهر وهي وجه بشوش مريح عكس سيف ذو الوجه المتجهم بالرغم من طيبه قلبه وحسن سلوكه إلا أن وجه دائما صارم عكس عمر .... طلب له عمر شاي ولكن لم يستطع صالح تناول قطرة منه ليستجمع شجاعته ويقول : انت إشارة من ربنا اني عملت الصح
نظر له عمر باستفهام : في ايه ياعم صالح ...مالك ؟
سحب صالح نفس عميق قائلا : انا كنت جاي اعمل بلاغ...نظر إلي عمر وتابع : كان معايا نص مليون جنيه بتوع عاصم بيه ...كل شهر بستلم الفلوس انا والمهندس زياد ونوصلهم الموقع بس الشهر ده المهندس زياد كان تعبان وقالي اروح بالفلوس ونوصلها بكرة والنهارده لما سلمته الشنطه ....غص حلقه وتابع : الشنطه كانت فاضيه
اشار صالح تجاه الحقيبه الفارغه وأخرج الورقه من جيبه قائلا : شوف ياعمر بيه ....
تحشرج صوته وهو يري لعمر تلك الملاحظه التي كان قد كتبها ليتاثر عمر بينما يشير صالح الي الحقيبه ....كتبتها امبارح وحبر القلم سال علي ايدي حتي شوف ...
أخذ صالح يقلب في الحقيبه يبحث عن أثر الحبر الذي اختفي
عقد عمر حاجبيه بينما صالح لايتوقف عن تقليب الحقيبه ليضع عمر يداه علي يد صالح قائلا برفق : خلاص ياعم صالح انا مصدقك
....اخفي صالح شعوره بالألم الشديد في صدره قبل أن يرفع عيناه تجاه عمر قائلا بثبات وهو يعتدل واقفا : انا ماخدتش الفلوس ياعمر بيه ....انا راجل شريف
لاحظ عمر علامات الأم التي ارتسمت علي وجه الرجل مهما حاول اخفاءها ليقول وهو يعتدل واقفا ويضع يده علي كتفه قائلا بهدوء ومرح وليس وكأنه استمع لشيء كهذا : وانت هتعرفني عليك ياعم صالح ....اقعد بس اشرب الشاي وخلينا نكمل كلام
نظر له صالح بدهشه لم ينكرها ليهز عمر رأسه قائلا : اشرب الشاي ياعم صالح ومتشغلش بالك
قال الرجل بغصه حلق : مشغلش بالي ازاي ياعمر بيه .... انا ابقي حرامي بعد العمر ده
هز عمر رأسه وقال بخفه : متقولش كده ...اعتبر الفلوس موجوده ياراجل ومتشغلش بالك بحاجه
هز صالح رأسه بانكسار : لا ياابني انا مش هقبل كده ....أنا بريء ومعملتش حاجه وجيت بنفسي اعمل محضر ولقيتك قدامي ...يبقي ربنا حطك قدامي عشان تساعدني ...نظر له بضعف ورجاء : مش كده ياعمر بيه
نظر عمر الي الرجل وهز رأسه بابتسامه قائلا بتأكيد : طبعا هساعدك
وبالفعل لم يكن عمر يمزح بل انه فكر بالتحدث مع سيف واعاده المال ....ليس ثقه زائده بالرجل ولكن لأنه يري انسان ضعيف ببساطه وهو بيده مساعدته ولكن هذا الحل هو آخر حل سيلجأ له أن لم يصل لشيء ...ثقه متبادله يجب أن تكون بيننا ..ثقه ويقين اننا يجب أن نقدم المساعده كلما استطعنا لنجدها وقتما نحتاج ....بطرف عيناه لمح عمر ارتجاف يد صالح وهو يمد يداه الي كوب الماء الذي اراق القليل منه فوق ملابسه وهو يحاول رفع الكوب لشفتيه بينما شعر بجفاف شديد في حلقه بينما ضاق صدره بقوة ليتذكر أنه لم يأخذ دواء القلب هذا الصباح ...فجاه سقط الكوب من يد الرجل مصدرا ضجيج قوي ليقوم عمر من مكانه بهلع ما أن رأي عيناه تزوغ ورأسه تتهاوي للخلف ويلهث في محاوله لالتقاف أنفاسه
عم صالح ..عم صالح
اسرع ايهم علي صوت عمر الذي خرج من مكتبه بخطوات مسرعه ينادي بصوت عالي : سعد ... سعد هات دكتور بسرعه
هب سعد العسكري وركض ليتجه ايهم إليه باستفهام : في ايه ياعمر ؟
فتح أحد الضباط زملاء عمر النافذه بينما أخذ عمر يربت علي يد الرجل وصدره قائلا بقلق : خد نفسك يا عم صالح.  ...
ظل الجميع واقفون حتي انتهي الطبيب من الكشف علي الرجل الذي مدده عمر وأيهم علي الاريكة الجلديه لينصرفوا بعد أن بدأت حاله الرجل تستقر
قال عمر بهدوء : عامل ايه دلوقتي ياعم صالح ...حاسس انك احسن
اوما صالح وهو يعتدل جالسا : الحمد لله ....نظر إلي عمر بامتنان : متشكر يا ابني تعبتك معايا
قال عمر برفق : مفيش تعب ..... يلا قوم اخدك اوصلك البيت
نظر له صالح باستفهام : والمحضر ؟!
قال عمر وهو يساعده علي النهوض : متشغلش بالك انا هخلص كل حاجه
عقد صالح حاجبيه : يعني مش هتقبض عليا
ضحك عمر بخفه قائلا : اقبض عليك ليه ...هو انت عملت حاجه ياراجل ياطيب
هز صالح رأسه وقال بأسي : والله ماعملت حاجه
اوما عمر وساعده علي السير برفقته الي الخارج ليقود الي منزله وبالرغم من هدوءه الظاهري ونبرته التي لا تعني اي اكتراث لكل ماحدث إلا أن عقله كان يعمل في جميع النواحي ولم يغفل عن شيء قاله صالح ولكن هناك بعض التفاصيل التي كان بحاجه لمعرفتها ....ماذا حدث بعد أن صعد الي منزله وهل هناك أحد غريب كان بالقرب منه ....هل ترك الحقيبه في مكان ما قبل أن يوصلها للمهندس وهكذا ولكنه يري حاله الرجل المتعبه لذا لم يرد الضغط عليه ....
أوقف السيارة اسفل المنزل الذي يعيش به صالح وكما يعرف عنه القليل أنه رجل ميسور الحال يعيش في منزل مع عائلته ويعمل مراقب في شركه أبيه وليس علي نزاهته غبار  ....
التفت صالح الي عمر ولم يعرف ماذا يقول بعد كل الرحمه التي أظهرها له ليقول بصوت متعلثم : فهمني انت ناوي علي ايه واوعي تقولي انك هترجع الفلوس بدالي
تنهد وتابع : الفلوس دي كانت مسؤوليتي انا وراحت مني انا
اوما عمر ولم يرد ارهاقه :  وانت قولت أن ربنا بعتني عشان اساعدك ....يبقي متشغلش بالك بحاجه وخليك في صحتك
قال صالح بأسي : مش عارف اقولك ايه ياابني ....
ضحك عمر قائلا بمرح : تقولي عاملين غدا ايه ...ولا زهقت مني وعاوزني امشي من غير ما اتغدي عندك
قال صالح وهو يهز رأسه : لا طبعا ...ده انت تنور
عقدت دلال حاجبيها ودخلت سريعا من الشرفه التي كانت تنشر بها الغسيل ووجدت زوجها ينزل من تلك السيارة وبرفقته هذا الشاب
أسرعت تجذب طرحتها وتضعها فوق راسها وتفتح الباب لتقول سريعا بقلق : انت مأخدتش الدوا بتاعك يا صالح مش كده
ابتلعت الرجل الذي بدي التعب جليا علي وجهه : مش وقته يادلال ....معايا ضيف
التفت الي عمر وقال بترحيب : اتفضل ياابني
..........
.....

حكايه عمر Where stories live. Discover now