الفصل السادس و الستون_الجزء الثاني (الكرة في ملعبه)

Start from the beginning
                                    

كان يحدثه و هو يُمرر القطنة على جرحه ثم أخذ اخرى و قام بتطهير جرح ذرعه، ابتسم «ياسين» رغمًا عنه بتأثرٍ حتى انهى والده ما يقوم بعمله ثم وضع اللاصق الطبي فوق جروحه، بعدها قبل رأسه ثم احتضنه و هو يقول بعاطفةٍ أبوية خالصة:

"ربنا يحفظك ليا و يخليك ليا يا سند أبوك في الدنيا و سبب دخولي الجنة إن شاء الله، ربنا يباركلي فيك يا سندي و عزي و عزوتي كلها"
بكى «ياسين» بين ذراعي والده و الأخر يربت عليه بحنانه المعتاد الذي جاهد حتى يتربى عليه وسط قسوة العالم الموحشة.

(عودة إلى الوقت الحالي)

نزلت العبرات الساخنة على وجنته فور تذكره ذلك اليوم و تلك اللحظة المؤثرة، كان الرجل يضع اللاصق الطبي و أنهى عمله، و قبل أن يتحدث لاحظ دموع «ياسين» التي خرجت من منبعها ثم توجهت تعرف طريقها نحو وجنتيه، أمعن الرجل النظر في وجهه فلاحظ شروده و تيه نظراته مما يدل على وجوده في عالمٍ أخر، و حينها تحدث يسأله بتعجبٍ من حالته و دمعته الهاربة:
"مالك يا بشمهندس ياسين؟! سرحت فين و إيه اللي مخلي دموعك تنزل ؟!"

انتبه له «ياسين» و خرج من قوقعة شروده ثم حرك رأسه حتى تتقابل نظراتهما، حينها تنهد بعمقٍ ثم قال بنبرةٍ خافتة:
"و لا حاجة يا عم محسن، سرحت شوية بس، متقلقش"

ربت الرجل على يده و هو يقول بنبرةٍ هادئة و وجهٍ تعلوه بسمةٌ هادئة:
"ربنا يسترها عليك يابني و يكرمك و يخلصك من اللي أنتَ فيه دا على خير يا رب"

حرك رأسه له بقلة حيلة مومئًا على حديثه، فتحرك الرجل من أمامه بعدما جمع حاجته، فيما تحرك «ياسين» يبحث عن مصحف في تلك الغرفة لكنه لم يجد، حينها خرج من الغرفة بعدما وضع يده على رأس «يوسف» يتحسس حرارته.

خرج من الغرفة حتى يتوجه نحو غرفته فوجد الرجل يرمقه بشررٍ يقدح من عينيه و كأنها سهامًا تخترق جسد العدو، رمقه «ياسين» بثباتٍ ثم أخرج السلاح من جيبه و قام بفتحه بنفس الطريقة و هو يقول بلهجة صوتٍ حادة:
"أنا داخل أوضتي و خارج تاني، عظيم بيمين لو فكرت تقف في سكتي لأكون جايب رقبتك، و لسه حق وشي و اللي فيه مخدتهوش، بس متقلقش هاخده تالت و متلت"

تحرك نحو غرفته و لازالت "المطوة" في يده مفتوحة و نصلها يلمع بشدة، دلف غرفته يأخذ المُصحف منها ثم توجه نحو غرفة «يوسف»، حينها اقترب أحد الرجال من رئيسه و هو يقول بتعجبٍ:
"ما نخلص عليه و نريح نفسنا، هو احنا هنخاف منه يعني ؟!"

رد عليه الرجل بغلٍ واضحٍ:
"الشيخ صالح قال محدش يأذيه، هو عاوز يأدبه علشان يعرفه ازاي يقل بينا، لو عليا هفرغ السلاح في نص راسه"

دلف «ياسين» الغرفة ثم جلس على المقعد بجوار الفراش بعدما أغلق الباب من الداخل و تأكد من ذلك، فتح المُصحف على سورة «يَـــسٓ» يقرأها بصوته العذب و خشوعٍ في تلاوته جعلت «يوسف» يفتح عينيه على مضضٍ بتشوشٍ و ضياعٍ كما رؤية الضباب، اخترق صوت «ياسين» سمعه و توصل لقلبه فورًا فاغمض عيناهُ في سلامٍ يتمتع بتلك التلاوة العِطرة

تَعَافَيْتُ بِكَWhere stories live. Discover now