الفصل السادس و الستون_الجزء الثاني (الكرة في ملعبه)

Start from the beginning
                                    

(منذ عدة سنوات)
كان «ياسين» حينها في منتصف المرحلة الثانوية و حينها دلف شقته بعد عودته من المدرسة و كان حينها والده ينتظره في الشقة دون والدته، دلف «ياسين» الشقة بخطواتٍ مُترددة بسبب الجرح الذي أصاب رقبته حينما تهجم عليه أحد الشباب و على أخوته و حينها اجتمعوا اربعتهم سويًا يضربونهم.

حاول الهروب من مواجهة والده و الدخول لغرفته مباشرةً، لكن صوت والده أوقفه و هو يقول بنبرةٍ جامدة:
"تعالى يا ياسين، رايح فين؟! أنا شوفتك يا حلو، تعالى"

ازدرد لُعابه بخوفٍ و هو يقترب منه بخطواتٍ متمهلة بسبب ملابسه الغير مُهندمة و الجرح الذي أصاب رقبته و الخدش الكبير الذي توسط ذراعه، وقف أمام والده و نكس رأسه للأسفل بخجلٍ منه، فتحدث والده يسأله بثباتٍ واهٍ يتنافى مع الخوف الذي يأكل قلبه خوفًا عليه :
"مالك ؟؟ إيه اللي عمل فيك كدا و بهدلك ؟! خلاص بقيت بتاع خناقات و رجلك خدت على الموضوع دا يا ياسين ؟!"

رد عليه مُسرعًا بكلماتٍ ظهرت بها لهفته و توسله في هدوء والده حتى يستمع له:
"لأ و الله يا بابا مش كدا، إحنا مكانش لينا علاقة أصلًا بالموضوع، بس فيه ولاد ضايقوا بنات و احنا اتدخلنا لحد ما الموضوع وصل لخناقة بينا بالايد"

أمعن والده النظر في وجهه يستشف صدق حديثه، فسأله بنبرةٍ جامدة و حروفٍ أكثر ثباتًا:
"احكيلي حصل إيه بالظبط؟! و من غير خوف أو كدب، طالما أنتَ معملتش حاجة غلط، احكي"

تنهد «ياسين» بعمقٍ ثم قال:
"خرجنا من المدرسة احنا الأربعة و عدينا في طريقنا على مدرسة البنات أنتَ عارفها علشان نجيب عمار من مدرسته، لقينا ولاد زمايلنا واقفين بكلاب علشان يضايقوا البنات، و فيه بنت كانت عمالة تعيط و هما بيضحكوا عليها، طلبنا منهم يمشوا، قلوا أدبهم علينا و فيهم واحد شتمنا، مسكنا فيهم لحد ما ضربناهم، بس والله معملناش حاجة غلط"

كانت نظرات والده حادة و هي موجهة نحوه، فتحرك والده من أمامه دون أن يتفوه بكلمةٍ واحدة، ثم خرج له من جديد و الأخر ينظر في اثره بتعجبٍ حتى ظهر والده مرةً أخرى أمامه و في يده الأدوات الطبية التي قد يستخدمها في تطهير الجرح، ثم اقترب منه دون أن ينبث ببنت شفة، فقط وقف أمامه يقوم بتطهير الجرح حتى سأله «ياسين» بنبرةٍ مهتزة:
"بابا هو حضرتك مش بتتكلم ليه ؟! على فكرة أنا مغلطتش في حاجة، و لا حد فينا غلط"

أبتسم له «رياض» و هو يقول:
"عارف إنك مش غلطان و عارف إن دمكم حامي و مبتتحملوش الغلط، بس عاوزك بعد كدا تكون حكيم أكتر، مش كل حاجة بالضرب و السلاح و رفع الصوت، لازم الأول تدي فرصة لعقلك أنه يفكر بحكمة، لأن لو الدنيا كلها ماشية بالدراع كان زمانها بقت غابة، فكر بالعقل و احسبها صح، و بعدين داخل خايف ليه ؟؟ طالما مغلطتش في حاجة لازم تخلي عينك قوية، صاحب الحق عينه جامدة، طول ما أنتَ صاحب حق متخافش من حاجة"

تَعَافَيْتُ بِكَWhere stories live. Discover now