الفصل الثالث و الستون_الجزء الثاني (وجهةٌ مصوبة)

ابدأ من البداية
                                    

تجاهلت حديثه ثم نظرت لأخيها و هي تقول بلهجة صوتٍ حادة:
"اختار يا حسن ؟! باقي عليا و لا هتختار عيلة الرشيد ؟؟ أنا و لا هي يا حسن ؟!"

أمعن النظر في وجهها و تعمق بنظره في عينيها لتلتحم نظراتهما سويًا في معركةٍ يكسوها الجمود و القسوة دون أن تشوبها شائبة لينٍ، و قبل أن تتحدث من جديد تطلب منه الإدلاء بقراره الأخير، صرخ هو بنبرةٍ صوتٍ جهورية:

"هــــي.....هختارها هي يا حنان، عارفة ليه ؟! علشان هي متستاهلش أني اوجعها كدا، أنا كنت مستني انها هي اللي تخيرني بينك و بينها، و قولت لو عملت كدا أنا مش هأمن على نفسي معاها، بس هي طلعت احن منك عليا، هدير اختارت أنها تسيبني علشان متحطنيش في مقارنة زي دي، هدير اللي دبحتيها بكلامك و اتهمتيها في شرفها و بسببك كانت هتضيع مني في الشارع، أنتِ بقى زيك زيها، بما انك خيرتيني يبقى هختارها هي، عارفة ليه ؟! علشان اللي بيحب حد مبيخيرهوش، مبيساومهوش بوجوده في حياته، لو هختار يبقى أختار اللي أنا ارتخت معاها، و أنا مرتحتش غير معاها يا حنان، أنا معرفتش يعني إيه أنا انسان ليا خاطر و مشاعر غير لما هي بقت معايا، على عيني أقولك كدا يا حنان، بس أنا هختار مراتي، و مش طالب غير وجودها هي معايا"

ربتت على كتفه و هي تقول بجمودٍ:
"عيشت يا أخويا، عيشت يا ابن أمي و أبويا"

رفع كفيه يمسح وجهه بعنفٍ ثم تحدث بنبرةٍ متحشرجة:
"أنا ماشي و سايبلك البيت لحد ما شقتك تخلص و الناس تروقها، مهما كان أنا مش هقدر اطردك من هنا، بس و أنتِ بتدعي لأبوكي و أمك الصبح دا لو بتفتكيرهم يعني، ابقي ادعي لأخوكي معاهم بالرحمة علشان حسن المهدي بالنسبة ليكي ميت"

تحرك من أمامها و هي تنظر في أثره بذهولٍ و نظرة عينيها غلفها القسوة و الثبات، حتى اقترب «وليد» منها يقف مقابلًا لها و هو يقول بنبرةٍ ثابتة:
"أنا لحد أخر لحظة مستني منك دمعة واحدة تحسسني إنك ندمانة أو إنك موجوعة على اخوكي، بس أنا شايف جحود و عيون مفيهاش زرة حنية أو شفقة حتى على وجعه، و حسن يخصني زيه زي هدير، اقسملك بربي ما هسيبك و لا هقدر حتى اخرجك من دماغي، هقهرك زي قهرة هدير بالظبط لما غلطتي في شرفها و زي ما نزلتي دموع حسن،  هوريكي واحد مني يكرهك في عيشتك و هخسرك كل حاجة، قابلي اللي جاي مني بقى، علشان اللي جاي كتير"

تحرك من أمامها بخطواتٍ رتيبة واثقة و هي خلفه تطالع اثره بحقدٍ عليه، دون حتى ان يكون عندها ذرة شفقة و لو صغيرة نحو اخيها الذي تصدع قلبه حديثها.
_________________________

نزل «وليد» من الشقة فوجد «حسن» يقف بجوار السيارة و نظراته موجهة في الفراغ أمامه و عينيه تنطق بكل كلمات الوجع و الألم، اقترب منه يقف مقابلًا له يسأله بنبرةٍ خافتة:
"حسن؟! أنتَ كويس ؟!"

توجه له ببصره بعدما كان شاخصًا به في اللاشيء، و حينما التقت نظراتهما استطاع «وليد» استشفاف الوجع بهما على كونه لم يُفصح هو بذلك، فاخفض «حسن» رأسه يُطرقها للأسفل و فقط تحدث بكلماتٍ قليلة منكسرة يقول:
"وديني لـ هدير يا وليد، عاوز أروح عندها، ينفع ؟!"

تَعَافَيْتُ بِكَحيث تعيش القصص. اكتشف الآن