بكت هي بعد جملته تلك و نزلت دموعها، تزامنًا مع رفعها لذراعيها تُربت عليه بحركاتٍ رتيبة هادئة، فاغمض عينيه و هو يشعر بوخز الدموع بها، و الغصة في حلقه كما هي تحاوطه كما الأسلاك الشائكة، فحتى ازدراد لُعابه يؤلمه.
مررت كفها فوق خصلات شعره الكثيفة و هي تبكي على حالته، ظنًا منها أن مواجهته مع شقيقته تسببت له بألمًا و لم يأتِ بمخيلتها أن الأمور وصلت لذلك الحد، تنهد «وليد» بعمقٍ ثم التفت ينزل لشقته و لكن قبل ذلك دلف يأخذ البطانية الموضوعة بالسطح، ثم اقترب منهما بجثو على ركبتيه و وضع الغطاء على «حسن» ثم ربت على كتفه بألم و الدموع تلمع في مقلتيه، و قبل أن تهم «هدير» بالتحدث، اوقفها هو بإشارةٍ منه ثم تحرك من أمامها، فقررت هي التغاضى عن الحديث لوقتٍ أخر و كل ما يهمها فقط أنه معها و بجوارها حتى و إن كان ممزق الروح، إلا أنها سترممه حتى يعود كما كان.
_________________________وقف وسط العُمال يُملي عليهم تعليماته و أوامر ضبط العمل، و ما جعله يشعر بالراحة هو انصياع العمال له و لحديثه، فقرر هو أن يتعامل معهم باللين و الهدوء و إن تطلب الأمر سوف يلجأ للحزم و الشدة.
وقف معهم في موقع العمل وسط صخب الأدوات المستخدمة في البناء و صوت العمال إبان حركتهم، و حتى يهرب من ذلك الضجيج قرر مشاركتهم و العمل معهم بأيديه مما جعل العمال يشعروا ببعض الراحة لمعاونته لهم، بعدما ظنوا أنه سيتعامل معهم بتكبرٍ و تعالٍ كمن سبقوه بهذا العمل.
اقترب منه «يوسف» يضع يده على كتفه و هو يقول بهدوء مستفسرًا:
"الله ينور يا هندسة، شكل إيدك حلوة، قولتلي أنتَ خريج إيه؟"أبتسم له بسخريةٍ تزامنًا مع قوله:
"دا على أساس إني بديك حُقنة؟! اطمن يا سيدي، خريج كلية تمريض"أبتسم له «يوسف» ثم تحدث بجديةٍ:
"لأ بجد من غير هزار، تسلم ايديك، باين عليك بتاع شغل، مش بتاع قعدة و دلع"رد عليه مفسرًا:
"الشغل مفيهوش دلع يا يوسف، دي أمانة هتحاسب عليها قدام ربنا، و بعدين عاوز أخلص بقى علشان أمشي، لحد ما أشوف أخرتها"حرك رأسه موافقًا ثم سأله بثباتٍ:
"تحب تكلم حبايبك ؟! و لا خلاص غيرت رأيك؟!"سأله متلهفًا بسرعةٍ كبرى بعد حديثه ذاك:
"طبعًا أحب، بس إزاي مش مفيش شبكة هنا؟! و لا فيه صرفة؟!"أبتسم له بمراوغةٍ ثم قال:
"تعالى معايا يا هندسة، بس عرف العمال إنك هتتأخر"عقد ما بين حاجبيه و غلف الاستنكار ملامح وجهه و قبل أن يتفوه مُستفسرًا تحدث الأخر بنبرةٍ جامدة:
"هاخدك افسحك قبل ما تتكلم، ها هتيجي معايا و لا إيه؟!"حرك رأسه موافقًا على مضضٍ فرفع «يوسف» صوته يقول موجهًا حديثه لرئيس العمال:
"عم عبدالعزيز !! تعالى لو سمحت، معلش عاوزك"
YOU ARE READING
تَعَافَيْتُ بِكَ
浪漫ظننتُ أن قلبي هذا لم يخلق له الحب، و ظننتُ أنني لم أملكُ يومًا قلب؛ إلا أن وقعت عيناي على عيناكِ ففرح قلبي برؤية محياكِ؛ فوقفت أمام العالم صامدًا أقول "أحببتُ جميلةٌ وجهها صَبوحًا" كُلما تبسمت زاد جمالها وضوحًا"
الفصل الثالث و الستون_الجزء الثاني (وجهةٌ مصوبة)
Start from the beginning