الفصل الثالث
صعدت للسيارة بجانب دعاء بعد أن وضعت حقيبتها الصغيرة في الخلف منتظرة مجيء سديم، قالت فور جلوسها " لماذا لم تتولين أنتِ القيادة ألم يكن هذا أفضل "
" جدي لا يريد منا الذهاب وحدنا لذا طلب ذلك من زاد "
لولا أنها متشوقة لرؤية المزرعة الخاصة بجدها صقر ما ذهبت معهم بسبب هذا الجلف " حسنا أتمنى أن يمر الوقت بسرعة و أن نصل للمزرعة قبل حلول الظلام "
" زاد سائق ماهر "
لم تعلق على تأكيد دعاء فهى لا تهتم بغير أن يوصلهم و يختفي فمنذ أمس و هى غاضبة من حديثه الوقح معها.
صعدت سديم في المقعد الأمامي قائلة " لن يأتي أكرم معنا اليوم و سيلحق بنا في الغد "
" هل معتصم يعلم بذهابنا اليوم أم ستكون مفاجأة "
سألت بيسان سديم التي أجابت بملل " يعرف و متحمس لذهابك بل ينتظرك على أحر من الجمر "
ضحكت بيسان و دعاء و الأخيرة تقول " مؤكد يعد لها ورقة بالأسئلة التي يريد أن يسألها عنها عن المزرعة و الأبقار و الخراف "
" لا شيء لدي مجانا عزيزتي "
" هل ستبعينه خبرتك " قالت دعاء هذا بخبث
ردت بيسان بلامبالاة " ليمر عليه أن يدفع "
ضحكت الفتيات على حديثها " مادية " تمتمت سديم
لم تجب بيسان عندما صعد زاد في مقعد القيادة قائلاً ببرود " من هنا و حتى نصل لا أريد منكن الثرثرة حتى لا يصاب رأسي بالصداع و نصل بسلام "
" حاضر سيدي الرئيس "
تمتمت سديم و هى ترفع يدها بتحية ساخرة ، كانت بيسان تعلم أنه يقصدها هى بحديثه هذا، فقط ليضايقها و لكنها أدعت اللامبالاة و هى تنظر لباب المنزل الذي وقفت أمامه خالتيها مريم و سارة و جدتها بثينة يشيرون إليهم مودعين، أشارت اليهن بيسان و هى تلقي لهن القبلات براحتيها كشخصية مهمة تلقى القبلات على محبيها، مما جعل النساء يأشرن لها بحرارة و يبادلنها القبلات، ضحكت سديم و دعاء التي قالت بسخرية " و كأنك توجت ملكة للتو و تحيين الرعية "
مطت بيسان شفتيها و قالت ببرود " و ما الذي يمنعك من فعل المثل أم تغارين من ولاء الرعية للملكة و ليس الأميرات "
زم زاد شفتيه بضيق من هذا الحديث و كان يريد أن يصمتهن و لكنه كرمى لجده لم يتفوه بكلمة و هذه المغرورة تتعالى بمحبة عائلته لها، قالت سديم بسخرية
" و مما نغار و الملكة ستذهب لمملكتها بعد أيام و تتربع الأميرات على العرش من جديد بعد سماحهم للرعية بجبر خاطر الملكة قبل ذهابها "
" هذه حجة البليد عزيزتي " قالت بيسان هذا ببرود
قالت دعاء لسديم بسخرية " أتركيها غارقة في الأوهام "
" هل أريكِ إذا كان... "
قاطعها زاد بسخط " يكفي ثرثرة أم أعيدكن للمنزل "
قالت سديم برجاء " لا زاد أرجوك سنصمت "
و فعلت هى و دعاء بينما بيسان رمقته بسخط و تكتفت بعناد و رفض كمن يريد أن يخبره أن يذهب للجحيم بتهديده. يا له من سمج، لا تصدق أنه حفيد جدها صقر الرجل الرائع و عائلته الجميلة خالتها سارة بقلبها الطيب و عمها رأفت ببشاشته و لطفه كيف هو ابنه و شقيق سديم و معتصم خفيف الظل، أنه سمج سمج هكذا كانت تفكر طوال الطريق للمزرعة حتى انتشلها رنين هاتفها لتجيب بلهفة " ثورنا الغالي " قالت بشغب و أنصتت لحنق عمها على الهاتف و هو يقول بغضب مصطنع "وقحة و قليلة الأدب ألا احترام لديكِ تنعتين عمك بالثور "
ضحكت بخفة و هى تقول تسترضيه " حسنا عزيزي لا تغضب كنت أمزح معك ظننت أنك تحب ذلك خاصة من خالتي ديم "
همست دعاء تسألها " من "
مالت على أذنها لتقول بشغب " عمي لؤي و لا تقولي لسديم تكاد تموت فضولا " فقد كانت تنظر إليها بفضول متساءل في المرآة ابتسمت دعاء بخبث و بيسان تنصت لعمها الذي قال " ديم زوجتي و تقول ما تريده و لكن أنتِ لا، وعلى الموظفين لدي احترام رؤسائهم و إلا لا عمل لدينا لهم أيتها الظريفة "
قالت و هى تضع راحتها على صدرها كأنها تقسم قسم الولاء و الطاعة " أسفة أيها الرئيس، أحيانا يحب الموظف مزج العمل بالمزاح ليمرر الوقت "
" لا تفكري حتى و إلا "
قاطعته بجدية مصطنعة " علم و سينفذ "
" كيف حالك أيتها المشاغبة "
" بخير حال ذاهبة للنزهة في مزرعة صقر العامري "
قال لؤي بخبث " أرى أنك لم تستطيعي الابتعاد كثيراً و هذا لن يعجب الآمر "
ردت بحنق " ليس له علاقة بهذا البتة أنها نزهة بريئة "
التقت عيناها في المرآة الأمامية بزاد المشمئز من حديثها الدائر مع ذلك المجهول و لكنها لم تكترث و هى تستمع لعمها يقول " لا تتمادي هناك بسبوسة "
تذمرت بملل " حسنا " أضافت بنفاذ صبر " و لكن ستنفذ ما قد وعدتني به عند عودتي "
" لا تقلقي أنا أنفذ وعودي أيضاً مثل والدك "
سألت برقة " هل يفتقدني؟ "
زم زاد شفتيه بقوة و تجمدت ملامحه باحتقار مما أثار غضبها و قبضت على هاتفها بقوة عن من يظنها تتحدث هذا السمج، " يبدو كالتائه من دونك و لكنه لا يعترف "
رقت ملامحها لحديث عمها " أنا أيضاً أشعر بالنقص من دونه "
" يذهب لرؤية أدهم مع سر و يخرجه من حظيرته للمرعى حتى لا يمل أنه يفتقدك أيضاً "
دمعت عيناها و هى تعرف كيف وصلت لهذا و أنها لا تستطيع رؤية أدهم كما تريد " و أنا أيضاً اشتاق إليه بشدة أعتني به من أجلي أرجوك "
" سأفعل استمتعي بنزهتك يا صغيرتي "
" سأفعل أراك قريبا عزيزي "
ودعت عمها و على شفتيها ابتسامة هادئة سألتها سديم بلهفة " مع من كنت تتحدثين "
كتمت دعاء ضحكتها و هى توكزها بكتفها، أجابت بيسان ببرود " ليس من شأنك أيتها الظريفة "
" يا لسماجتك ستموتين إذا أجبتِ "
" و أنتِ هل ستموتين لو ابعدت أنفك عن شئون الأخرين "
قال زاد بضيق ينهي هذا الحديث المستفز له " كلمة أخرى و سأعود للمنزل بكن "
و لم تضف أي منهن كلمة أخرى حتى وصلوا.
أنت تقرأ
لك في قلبي سكن
Romanceما بين الماضي و الحاضر خيط رفيع يسمى الحيرة هل يستطيع قطعه؟ ليمضي للمستقبل، عليه أن يتقبل ماضيه، ليعيش حاضره، و لكن عندما يتدخل الماضي في المستقبل تصير حياته فوضى، أحياناً يشعر بأنه قوي حد القسوة، و أحياناً هو ضعيف حد الوهن، معها يشعر كطفل رضيع ي...