الفصل الاول

51K 1K 80
                                    


( روايه بقلم رونا فؤاد....ممنوع تماما نقل الروايه أو نشرها في أي منصه أو صفحه حتي لو بأسمي حيث أن حقوق النشر لجميع رواياتي مسجله حصري ولا تقوم بنشرها الا علي صفحتي أو مدونتي الخاصه ومن يفعلها يعرض نفسه للمسائله )

قامت تجر جسدها الواهن من الفراش بعدم رغبه في الاستيقاظ كحالها دوما تلك الأيام بعد ما حدث فكل يوم تفتح عيونها بنفس الوهن ونفس عدم الرغبه في الاستيقاظ .... رفعت عيناها الي المرأه لتري انعكاس تلك البقع التي عادت لتظهر مجددا فوق بشره جسدها ذات اللون البرونزي لتتهدج أنفاسها دون إرادتها وهي تعاود النظر للمرأه مجددا وتلك المرة تنظر لانعكاس عيونها التي غامت بتلك الذكريات وتلك المشاعر التي اجتاحت جسدها مجددا .... نفس الآثار ونفس تلك البقع عادت لتظهر من جديد بعد أن ظنت أنها انتهت كما انتهي هو وكل شيء يخصه من حياتها ولكن هاهي تظهر من جديد ومعها تلك الأنفاس تهرب من صدرها من جديد وتشعر بالاختناق الشديد من جديد وتتوهج بداخلها نيران الانتقام من جديد....!
حاولت السيطره علي ارتجافه يدها وهي تفرك جسدها بقوة حتي كادت تدميه من فرط حكها الشديد له في ظن واهي داخل عقلها أنها تزيل تلك البقع عن جلدها وكم تتمني لو تستطيع إزالتها من داخل عقلها وروحها التي أصبحت مهلهله مليئه بالبقع تماما كجسدها .....! تلك  البقع والآثار التي ارتسمت علي عنقها ومقدمه صدرها
جعلتها تتذكر نفس الآثار التي كانت تراها علي جسدها
ولكن قبل عده اشهر كان مصدرها مختلف ....!
فقد كان هو البارع في رسم تلك الآثار والان تعود تلك الآثار التي ربما يفعلها حرفيا ولكن مافعله بها هو ما تسبب لها بها ...
عادت الي الفراش بعد أن أرهقت يدها من فرط حك جلدها وهي تستحم حتي كادت تمزق جلد بشرتها
لتمد يدها الي جوارها وتسحب تلك العلبه تبتلع قرصين من الدواء الموجود بداخلها وهي تتذكر كلام الطبيبه أن تلك البقع تظهر لها دون سبب عضوي واضح وان أغلب الظن أن سببها نفسي ولكن بكل الاحوال عليها أخذ هذا الدواء ..... شردت عيناها في الفراغ الممتد امامها ساخره من حديث الطبيبه التي تقول اغلب الظن أنه سبب نفسي بينما هو الظن بعينه وهي بتلك النفسيه المحطمه
أغمضت عيناها ومجددا صورته تراودها وتثبت لها انها لن تنسي يوما ما .... تنهدت بثقل وغزت الغصه حلقها وهي تحدث نفسها بألم وعتاب كيف لها أن تظل تتذكره ولا تنساه ....كيف مازالت تتذكر سبب عذابها الذي تحياه ....
مازالت تتذكره ولن تنساه ابدا ...!
انه من انهي حياتها وايضا هو من معه عرفت الحياه ....!
بألم شديد وضعت يدها جسدها المتألم وهي تتطلع الي شاشه هاتفها وتري صوره
ازداد الالم بقوة وغص حلقها بينما تري صوره .....صوره برفقة امراه أخري بينما لم يلتفت ولو لحظه خلف المرأه التي دعسها وتابع طريقه وليس وكأن لها ادني قيمه ....أنه قتلها وهي مازالت علي قيد الحياه بينما يحيا هو حياته وكأنها لم تكن بها ....!
تلك الحياه التي عرفتها علي يده
دون إرادتها خانتها عيناها وشردت في النظر الي عيناه....تلك العيون التي حملت سحر القي تعويذته عليها لتكون كالدميه بين يداه يفعل بها مايشاء ....جعلها امراه مدمنه له ولكل ما يفعله من ممارسات كان خبيرا في جعلها تعشقها وتعشقه وتمتثل لكل شيء اراده دون اعتراض أو حتي جدال تحت مسمي اكتساب قلبه وحبه أن كانت مطيعه ....!
عقدت جبينها بقوة من تلك الاعترافات التي داهمت عقلها بعشقها له لتمد يدها تجاه جلدها تحكه مجددا وملامح الاشمئزاز ترتسم علي وجهها من نفسها فكيف مازالت تفكر به ...ذلك الحقير الذي لا يجب أن تفكر به ولو لحظه
ذكري أخري لاحت في خيالها وداهمتها بقوة لتزداد ملامح الاشمئزاز علي وجهها
flash back
: عمر ....وضعت يدها فوق يده توقفه وهي تهمس من بين اسنانها
نظر لها بتحذير أن تتوقف يداها عن أبعاده عنها ولكنها صممت علي الرفض ولكن اصبح همسها رجاء أن يتوقف عما يفعله والذي لا مكان ولا وقت له الان !
: ...عمر عشان خاطري بلاش
وكعادته لا يقبل بالرفض ولا يتوقف إلا حينما يصل الي ما يريد ...ليلقي كل رفضها بعيدا ولا يريد شيء إلا رغبته بها ..... أغمضت عيونها باستسلام بينما اغمض هو عيناه غارقا في اقتناص متعته من تلك الفاتنة
.....تطلع لها بعيون حملت نشوه فائقه وهو ينهي ما بدأه بقبله علي جانب شفتيها .... سحبت جسدها من بين ذراعيه وسبحت تجاه سلم القارب الذي تسلقته واسرعت تجذب المنشفه الكبيرة من فوق ظهر المقعد الطويل تحيط بها جسدها المرتجف وتركض الي تلك الغرفه الصغيرة المخصصه لهم وهي تشعر لأول مرة بالنفور منه .... !
لتقف أسفل المياه التي انهمرت فوق راسها كما انهمرت الأفكار بداخله جعلها تستعيد مشهد أخيه و زوجته يتبادلون الكلام والهمس والنظرات والذي مازال محفور في عقلها والذي جعلها تتساءل لأول مره أن كان عمر يحبها فعلا أم أنها تلك العلاقه الصاخبه فقط هي ما تجمعهم ....
انتبهت علي يداه تحيط بخصرها الذي ما زالت قطرات المياه عالقه به وكم أشعلت أثارته مجددا وهي بتلك الهيئه بينما لم يري في عيناها تلك المشاعر النافره وهو يتجرأ ويحيط جسدها بذراعيه .... نعم استجابت لذراعيه بينما كانت ماتزال مأخوذه بتفكيرها وهي ترفع عيناها
وتنظر اليه وكأنها تراه لأول مرة ...ربما كانت لاول مره تفكر في علاقتهم وزواجهم لذا بدأت تراه بصورة مختلفه
تحركت يداه علي جسدها بجرأه محببه ليجذبها اليه بخشونه وينهال محطم شفتيها بقبلاته قبل أن تنطق باعتراض استغربه منها ....فهي دوما محبه لقربه بل ومجرد لمسه منه تؤجج إثارتها فماذا تغير ؟!
عادت من شرودها بملامح ارتسم عليها الالم عكس تلك الملامح البارده التي يتسم بها عمر وتميزها تلك الابتسامه التي تحمل لا مبالاه وهاهو علي الجانب الآخر جالس الي طاوله الطعام برفقه عائلته و البرود والا مبالاه تغلف ملامحه .
سحب عاصم نفس عميق ورفع عيناه تجاه عمر وهو يحاول التحلي بضبط النفس اللازم للتعامل مع ابنه .... هذا الرجل الذي بالرغم من تجاوزه السابعه والعشرون عاما إلا أنه مازال طفل في كل تصرفاته
ليسأله أبيه بمغزي : انت واثق من قرارك  ؟!
هز عمر كتفه وغرس الشوكه بطبقه ورفعها الي فمه ناظرا الي زينه التي كانت تتابع كل حركه من ابنها لتقول وقد فهمت مغزي حديث عاصم : يعني يا عمر يا حبيبي بابا يقصد
اشار لها عاصم أن تصمت قائلا بحزم : قصدي واضح يازينه ....التفت الي ابنه وتابع : انت واثق من القرار ده
اوما عمر له وهو يتابع تناول طعامه بتلذذ قائلا : اه ...انت عندك مشكله اني اتجوز
هز عاصم رأسه قائلا : اكيد لا.... بس عندي مشكله انك اولا تكون اخترت صح المره دي
نظر سيف الي ملامح وجه أخيه بعد ما نطق به أبيه بينما لمح في كلماته عن ماحدث في الماضي من تلك الفتاه ليجد ملامح عمر مرتخيه وكأن أبيه لم يقل شيء ليتابع عاصم : وثاني حاجه يا عمر انك تكون واخد القرار عن اقتناع وعندك استعداد يكون ليك بيت واولاد مسؤول عنهم
القي عمر تلك الدعابه البارده والتي لا محل لها وسط جديه حديث أبيه : وانت كنت كده ياعصوم لما جيت تتجوز القمر دي
انتفخت وجنه عاصم بالحنق بينما مدت زينه يدها فوق يده ليهدا بينما نظر سيف الاخ الاكبر الي عمر بتحذير ليغمز له عمر قائلا ببرود : قولت ايه غلط ....انا بهزر ياسيفو
مسح فمه بالمنديل واعتدل واقفا وتابع : بس كالعاده قلبتوها نكد ....
نظر تجاه زوجه اخيه قائلا بنفس المرح ولكن بصوت خافت : جوزك هيبقي نكدي كده لما يكبر
ابتسمت له تينا زوجه اخيه فهي من المؤيدين الخفيين لعمر بالمنزل فهي تراه شاب ذو شخصيه مختلفه ليس مصيبه متحركه كما يقول البعض عنه
قام عمر لتقول زينه لسيف : قوم وراه معلش يا سيف
اوما سيف وقام لتلتفت زينه الي عاصم قائله بعتاب
: في ايه يا عاصم ؟ انت رجعت تتعامل معاه كده ليه ؟!
هتف عاصم بحنق : انا اللي في ايه يا زينه ولا ابنك اللي مفيش فايده فيه
لوي شفتيه وتابع متبرطما بسخط ( مستهتر وهيفضل طول عمره مستهتر )
كانت تلك الكلمات كلمات عمر الذي كان يرددها وهو واقف خارج غرفه السفره بالتزامن مع ترديد عاصم لها ليضحك ببرود لأخيه سيف قائلا : حفظت الاسطوانه.... مش بيجدد عاصم ده
زجره سيف بحنق : هو انت متعرفش تتكلم جد ابدا
هز عمر رأسه قائلا : ما انا بتكلم جد .... ابوك الاسطوانه دي بيسمعهالي طول عمري وبقولك حفظتها ايه اللي مش جد في اللي بقوله
قال سيف بحنق : انك رجعت تاني لتصرفات العيال بعد ما كنت بدأت تعقل وتتغير 
قال عمر ببرود يخفي به اهتزاز نظراته من تلك الكلمات التي تأخذه لوعد ساذج قطعه علي نفسه وهو يركض خلف احلام واهيه : واتغير ليه انا كده كويس
نظر له سيف بجديه : لا مش كويس ياعمر ....وانت عارف كده ...اقترب من أخيه وتابع بجديه : ياعمر احنا كلنا عاوزين مصلحتك
عقد عمر حاجبيه ليلح سيف علي السؤال الذي لم يتوقف عنه طوال الأشهر الماضيه : ايه اللي حصل ورجعك تاني لعمر القديم
اهتزت نظرات عمر للحظه ولكنه عاد يرتدي قناع البرود
ضاحكا : خليني جديد وعالموضه
نظر له سيف بحنق : عمر انا بتكلم جد
: وانا كمان
هز رأسه : لا مش بتتكلم جد .... ايه اللي حصل بينكم ؟! وهي فين دلوقتي ؟!
تهرب عمر كعادته ليقول وهو ينظر إلي ساعته الانيقه :
بقولك ايه انت اخرتني انا ماشي
أوقفه أخيه : رايح فين ؟
قال وهو يهز كتفه ويتجه الي سيارته : عادي هسهر مع ايهم شويه
: عمر
التفت سيف الي أخيه واوقفه يسأله للمره المليون : طيب بلاش اعرف اللي حصل بينكم .... فهمني ازاي هتتجوز ...ليه فجاه قررت تعمل كده ؟
تغير نظراته أكدت ظنون أخيه التي مهما حاول عمر اخفاءها ببراعه إلا أنه متأكد أن هناك شيء حدث بينه وبين تلك الفتاه التي كانت نقطه فارقه في حياته وقد بدأ يتغير من أجلها والان عاد إلي ماكان عليه قبلها بل واسوء ....تحلي عمر بقناع البرود قائلا بلا مبالاه وهو يدير سيارته : هتجوز زي ما اي راجل بيتجوز ....غمز وتابع بشقاوة : هبقي اخد منك نصايح متقلقش
نعم اضفي المرح علي كلماته التي ختم بها حديثه مع أخيه ولكن المرارة بنظراته لم تختفي بينما تأكدت ظنون أخيه الذي فقط بحاجه لأول طرف من الخيط وهو الوصول لتلك الفتاه التي وكأن الأرض انشقت وبلعتها ...!
امسك سيف بهاتفه يتحدث مع أحد رجاله : وصلت لحاجه ؟
جاءه صوت الرجل باعتذار : مفيش جديد يا سيف بيه .....اختفت ومفيش ليها اثر.
اغلق الهاتف وتلك الكلمه تتردد في أذنه كما حدث طوال تلك الأشهر التي حاول البحث عنها
أنه لابد أن يعرف ما حدث بينها وبين أخيه .....لقد كان علي وشك أن يتغير ولكن هناك شيء حدث قبل سته اشهر جعله يتقهقر وليس فقط يعود خطوات للوراء بعد أن كاد يصبح انسان آخر جميعهم يتمنونه وهاهو يعود لنقطه الصفر .....ماذا حدث سؤال لا يتوقف عن التردد في أذنه !
........
ركب عمر سيارته الفارهة وانطلق بها لعل صوت أزيز محركها الممتزج بصوت الهواء المرتطم بسرعه السيارة   يغطي علي صوت أفكاره المتعالية ....اين ذهبت وماذا حدث لها .....ضغط المكابح بقوة كما ضغط مكابح عقله ...لن يسأل عنها ولايهتم الي اي جحيم ذهبت من الأساس ...لماذا يهتم ومنذ متي يهتم ؟! أنها لا شيء ... حشرة دعسها بقدمه وتابع طريقه .... أعاد تشغيل سيارته وأطلق العنان لسرعتها وهو يزيد من صوت تلك الأغاني الصاخبه التي تتعالي منها ....ليتابع طريقه وهو يؤكد لنفسه أنه لا يهتم ولن يفعل ابدا ....أنه فقط يفعل ما يريد وهو يريد تجاوز الماضي وهاهي فتاه اخري تلوح في الأفق .....فتاه لا تشبهها ولا تشبه غيرها ممن عرفهم ....هكذا اقنع نفسه أنه تلك المره احسن الاختيار
بينما علي الجانب الآخر كانت هي تفكر بيأس وخزلان
الم يسأل عما حدث لها ...؟! الم يهتم بالأساس ؟!
لتهز راسها وتمليء المرارة حلقها وهي تؤكد لنفسها أنه بالفعل لا يهتم ولن يفعل فلماذا تعذب نفسها
و تحترق وقلبها يتمزق من أجل رجل لم يلتفت لها بعد أن دعسها .....
ليتها لم تقابله ابدا ...ليتها لم تفعل
أغمضت عيناها وراحت في شرود طويل كما حال عمر الذي شرد الي قبل أعوام بينما مشاهد مختلفه من حياته تمر أمام عيناه ....نعم كان طفل مشاكس كثير المشاكل ليكبر وهو لا يستمع لشيء إلا هذا النقد وبخلاف اغلب الأطفال كان يتقبله بصدر رحب بل وكان دوما يتفاخر بكثرة المشاكل التي يسببها ولا يخفي اي مصيبه يفعلها بل يجاهر بها وهو متأكد أن كل ما سيحصل عليه في النهايه مجرد عقاب اعتاد أنواعه المختلفه فلم يعد هناك رهبه من عقاب ولا رغبه في ثواب .....!
فهو دوما السيء في أحاديث الجميع فليكن هو من يخبر تلك الأحاديث إذن
Flash back ( مشاهد مختلفه عن حياه عمر لوصف نشأته )
كان في عامه التاسع عشر وقد التحق بكليه الشرطه بعد أن قرر عاصم أنه لن يصلح لأي دراسه سواها بينما وجد خليفته ابنه الأكبر سيف الذي يسير علي خطاه ودوما ما يتطلع له بفخر بأن ابنه الأكبر يسير علي خطاه ولا يدقق في الصورة بوضوح فيري أن نسخته مكرره في ابنه الأصغر الذي شابهه في شبابه وان كل ما يراه في ابنه سيف كان بعد أن هندم شخصيته وطباعه مع تقدم عمره  فسيف يسير علي خطي عاصم السيوفي الاب أما عمر فهو نسخه من عاصم السيوفي بطيشه القديم ... !
كعادتها كانت شهد الخادمه اول من تنقل الاخبار الي ابيه وأمه وهاهو صوتها يرن في اذن عمر ما أن رأته يعود للمنزل بتلك الحاله ...... : عاصم بيه.. الحق ياعاصم بيه..... الحق ياعاصم بيه
عقد حاجبيه مزمجرا : في ايه..؟
قالت الخادمه : عمر بيه جاي سايح في دمه
انتفض عاصم من وقفته وأسرع للخارج ليهتف بصوت جهوري وهو يقتحم غرفه ابنه : اتخانقت تااااااني....!
( تااااني بالتأكيد يقصد بها عاصم أنها الثانيه بعد المليون ربما فلا أحد أصبح يعد مشاكله ...هكذا كان عمر يحدث نفسه بسخريه ولا مبالاه بينما يهمس لنفسه ببرود عدد الخطوات التي ستسبق دخول أبيه الي غرفته بعاصفه توبيخ ...خطوة اثنان ....عشرة وبالفعل كان الباب ينفتح ويدخل منه عاصم بعيون تطلق الشرر ليقف أمامه عمر بوجه بارد كعادته بينما مايحدث ليس أكثر من سيناريو يتكرر كل بضعه أيام )
وعلي الجانب الآخر كانت زينه تحدث نفسها بجزع فهاهو ابنها الأصغر عمر لابد وانه تورط بمشاجرة اخري...بل أخري واخري !
أنه يشبه طبع اباه كثيرا مندفع ويداه تسبق عقله وتفكيره .. لايمر يوم بدون مشكله..... لتتهكم ملامحها وهي تري عاصم به يوما بعد يوم ولكن عاصم هو من لايريد هذا لتستغرب ...كيف لايري بوضوح انعكاس طبعه في ابنه .
هتف عاصم باحتدام بينما كان عمر ذلك الشاب فارع الطول ذو العضلات واقف يضمد جروح قبضه يده ; تاني خناقه
قال عمر بهدوء : مفيش حاجة يابابا اطمن
صرخ عاصم بانفعال من أفعال ابنه الذي لا يتحدث قدر ما يستخدم ذراعه : مفيش حاجة اييييه..... كل يوم خناقه
قال عمر بلا مبالاه : محصلش حاجة خناقه عاديه.... عيل كسر عليا وكمان بيبجح هسكت له
يعرف ابنه بطيشه وسابقيه يده لعقله وتفكيره
ليهتف بتهكم : وطبعا روحت القسم
زفر عمر قائلا : لا الناس خلصوه من ايدي
ضيق عاصم عيناه بغضب مزمجرا : واخرتها...؟!
قال عمر بعدم اكتراث : آخره ايه.... ؟!
: عمايلك وطيشك... ايييه هستني يوم لما تموت واحد في ايدك
التقت نظرات عمر بأبيه الذي احتدت نبرته وهو يتابع : انت عارف لو كنت روحت القسم كان ايه اللي هيحصل
نظر عمر لأبيه بنفس النظرات البارده ليزجره عاصم بحنق : هتترفد من كليه الشرطه اللي انت عارف كويس انت دخلتها ليه
اوما عمر ببرود لا يطاق ممازحا : عشان أنا ابن عاصم السيوفي ...معروفه يا باشا متقلقش ...
نظر إلي أبيه وتابع بمغزي : انا عارف امكانياتي كويس وعارف أنه لولاك ولولا اسمك انا كنت هبقي ولا حاجه ....تجرأ ووضع يداه فوق كتف أبيه لتلطيف الاجواء مشاكسا : خلاص بقي يا عاصم باشا المحاضره طولت المره دي وانا والله حافظها ...اطمن بقي كل حاجه تمام وخناقه وعدت
احتقنت نظرات عاصم بالغضب ليكور قبضته بينما بالفعل عجز عن التعامل مع هذا الابن الذي كان وكما يخبر نفسه أنه سيكبر وينضج ولكنه لا يفعل ....
ليبعد يد ابنه عنه بغضب قائلا بحزم : هات مفاتيح عربيتك
نظر له عمر بعدم فهم ليصيح عاصم بغضب : سمعت انا قولت اييييه.... هات المفاتيح
مد عمر يداه الي جيبه ليخرج مفتاح سيارته لتسبقه يد عاصم بغضب ويخرج محفظته ويسحب منها كافه الكروت البنكيه لينظر له عمر باستهجان ; انت بتعمل ايه يابابا ؟
هتف عاصم بسخط : بربيك..... من النهارده خروجك ودخولك معايا من الشركه للبيت وبس لغايه ما ترجع كليتك بعد الإجازة ....و مفيش خروج مع شويه الصيع اللي بتخرج معاهم الا لما تتربي وتعرف انك بقيت راجل مش لسه عيل فرحان بعضلاته
تجمعت نظرات الرفض بعيون عمر ولكنه لم ينطق بشئ فهاهو عاصم السيوفي الذي يخشاه لذا الصمت افضل..... سحب عاصم نفس مطولا وهو يضم قبضته ليهتف مزمجرا بتحذير ; ده اخر تحذير ليك.... فاهم
خرج وصفق الباب خلفه بعنف ليهتف عمر ساخرا من تصرف أبيه : فاكرني عيل وهيحرمني من المصروف ...!
وبالتأكيد لم يكن تصرف أمثل من عاصم بل مجرد هيمنه ليخبر ابنه بحدوده مع أنه يدرك جيدا أن ما فعله لن يؤثر به شيء .
أنه بارد ....نعم ربما هذا هو الوصف الأدق الذي يصفه به عاصم منذ صغره فهو بارد لا مبالي بشيء ...التوبيخ العقاب لا يؤثر به بينما هو بنفسه يقر بأنه اخطأ ولا يهتم للعواقب فمنذ أن كان صغيرا كان عكس أخيه الأكبر الذي كان الجميع يشيد به في أخلاقه وتعذيبه ومستواه الدراسي عكس عمر الذي كان مشاكس ولا يهتم لدراسته ومهما حاولت زينه كان يقف خلف أبيه الذي يقول ( خلاص يا زينه متتعبيش نفسك معاه ...هو قدراته كده ) وكبر وكبرت لامبالاته وقد اعتاد أن يرمم أباه خلفه كل خطأ ....اينعم يكون هذا مع التوبيخ حسنا لا يهم .
لم يؤثر عليه عقاب ولا ثواب بالرغم من أنه قلما كان يكون له ثواب أو مكافاه فهو دوما السيء في جميع الروايات وكم أصبح يتغني بهذا ...!
ربما المؤثر عليه هو والدته زينه التي يحبها كثيرا ولو تراجع عن شيء فيكون من أجل خاطرها
وبالطبع أخيه الأكبر سيف الذي دوما ما يحاول نصحه والحديث معه وبالرغم من اختلاف شخصياتهم إلا أنهم متقاربين بينما يرمم سيف هو الآخر أفعال أخيه الأصغر ولكن ترميمه يكون مختلف فهو الوحيد الذي يتحدث معه ويعرف سبب لما فعل ومعه يحاول التحليل والوصول وبكل الاحوال أيضا عمر لا يهتم أو لنقول أنه يقنع نفسه بهذا أمام سيف ولكن بداخله يحب يثه مع أخيه الذي يعيده الي رشده في كثير من الأحوال .....انتهت محاضره عاصم لابنه الذي لم يهتم لعواقبه ولكنه اهتم أن تصيب تلك العواقب والدته الحبيبه حينما عرف بشجارها مع أبيه لتبدأ كتله الجليد بداخله في التحرك ....
نظر سيف لاخيه الأصغر عمر بينما يقطع البهو ذهابا وايابا : ماتقعد بقي ياعمر رايح جاي قدامي كده ليه
زفر عمر قائلا : خليك في حالك يا سيف وسيبني
نظر له سيف هاتفا بمرح : في ايه ياعم.... كلها يوم ولا اتنين وعاصم بيه هيفكها ويرجعلك العربيه والفلوس
زفر عمر قائلا ; وانت فاكر اني زعلان علي العربيه
; امال.. ؟
هتف عمر بحنق قلما يبديه أمام أحد: انت بارد يااخي و مش واخد بالك
نظر له أخيه باستفهام ليقول عمر ... ماما فين... ؟
هز سيف راسه : معرفش تلاقيها خرجت
هتف عمر بغيظ : لا يابارد.... واضح انها اتخانقت مع بابا
عقد سيف حاجبيه : اتخانقوا..... ؟
: اه ومش بس كدة دي سابت البيت.. سمعته بيكلمها وبيقولها ارجعي
تنهد سيف واعتدل واقفا : طيب اتصل بيها نشوف هي فين..؟
قبل ان يمسك عمر هاتفه كانت سيارة عاصم تدخل الفناء وزينه تترجل منها... اسرع سيف وعمر..: ماما انتي كويسه.. ؟
تظاهرت زينه بابتسامه لأولادها قائلة : تمام انتوا ايه اللي موقفكوا كده..؟
قال سيف بهدوء : ابدا بس قلقنا عليكي
نظر عاصم بطرف عيناه الي زينه التي عذبته بصمتها ليقول عمر : دي شهد قالت إن جوري كانت هنا ياماما
اومأ عاصم قائلا باقتضاب: اه جت سلمت علينا ورجعت بيتها.... يلا اطلعوا انتوا وسيبوا ماما ترتاح
صعدت زينه الي الغرفه ليلحق بها عاصم .....تنهد عمر بارتياح وعاد لجلسته ليتعالي صوته المرح بالاجواء : شهد ...شهد
ركضت تلك الفتاه التي لم تتجاوز الخامسه عشر بابتسامه ؛ نعم
غمز لها عمر بشقاوة : عاملين غدا ايه ؟
قالت الفتاه وهي ترفع أناملها تعد له أصناف الطعام : وماما خلصت كل حاجه ..... تحب اجهزلك
اوما عمر قائلا بشقاوة : احب اوي من ايدك يا جميل
ركضت الفتاه الي المطبخ لتخبر والدتها بتجهيز الطعام ليأتي سيف ويجلس بجوار أخيه يوكزه بكتفه : انت مش هتبطل تعاكسها
ضحك عمر بصخب : اعاكس مين ....دي الواد شهد اللي متربيه قدامنا
اوما سيف قائلا بجديه : ولو برضه ....هي كبرت دلوقتي وفي سن المراهقه يعني ممكن تاخد كلامك وهزارك أنه جد ....احترم نفسك
عاد عمر ليضحك من جديد ويشاكس أخيه : اه منك يا واد يا جد انت ....داعب ياقه قميص أخيه قائلا : المهم بقي اخبار الجد ايه مع تينا
التفت سيف الي أخيه بحماس قائلا : كويس اوي .... انا هكلم بابا عشان اخطبها
اتسعت عيون عمر : تخطب مره واحده ....لا اعقل كده هو مش من اول بنت تعرفها تجري تخطبها ....انت صاحب عشرة عشرين بنت لغايه ما تستقر
عقد سيف حاجبيه : عشرين ....ايه هما ايه اللي عشرين
تنهد عمر بحركه مسرحيه وهو يقول : فاكهه وانت لازم تدوق كل الانواع عشان تحتار الصنف اللي يعجبك
لوي سيف شفتيه : لا ياراجل ....كده هيجيلك السكر ومش هتعرف تأكل اي نوع
ضحك عمر بصخب علي تشبيه أخيه الجاد ليوكزه : ياساتر يارب ...انا غلطان يلا أجري اخطبها بس متبقاش ترجع تندم انك معشتش حياتك قبل كلابشات الجواز
قال سيف بجديه : هعيش كل حاجه معاها لاول مره
نظر عمر الي صدق نبره أخيه باستغراب بينما لا يعد تلك الاحاسيس التي عاشها مع الفتاه تلو الأخري ولكن مهلا سيكون ظالما أن قال احاسيس فهو لا يشعر بشيء ...أو ربما يشعر ...حسنا لا يهتم وكعادته تكون تلك اخر كلمه ينهي بها أي نقاش بينه وبين نفسه ( لا يهم ) ...!

حكايه عمر حيث تعيش القصص. اكتشف الآن