الفصل السابع و العشرون_الجزء الثاني ( أثر الفراشةِ)

ابدأ من البداية
                                    

وقف مقابلًا لـها وهو يقول بنبرةٍ منفعلة هو الآخر يصرخ في وجهها:
"و أنتِ مش واخدة بالك إن فيه واحدة بسببك حياتها باظت؟ مش واخدة بالك إن فيه بنت لحد دلوقتي بتخاف من الضلمة و الصوت العالي؟ مش واخدة بالك من مسكتها في إيد جوزها طول ما هي هنا و كأنها بتتحامىٰ فيه؟ مش واخدة بالك إنك بتبرري عملتك في البت الصُغيرة؟"

طالعته بعينيها و هي تحاول استيعاب ما تفوه به أمامها فوجد العبرات تعرف طريقها على وجنتيها لذلك، اقترب منها بخطواتٍ متمهلة حتى أصبح مواجهًا لها و هو يقول:
"صدمة مش كدا ؟! فاكرة إن العمر هينسيني؟ عاوزاني أنسى وجع أختي؟ أنسى لما كنت بنطلها زي الحرامي من المنور علشان الليل لما يدخل تلاقيني جنبها؟ افتكري الكلام دا كويس،
المجروح من أهله جرحه مبيلمش و أنا مصيبتي السودا إنك من أهلي يا مشيرة، جايز الوقت ينسي الألم، لكن الجرح مفتوح و أنتِ جرحك غويط أوي"

ضغطت على جفنيها بشدة حتى تحاول التحكم في عبراتها التي تُذرف بقوة و كأنها في مسابقة العِدو، بينما هو جلس من جديد وهو يقول بنبرةٍ هادئة:
"لو هتاخدي الخَطوة أنا موافق و هاجي معاك، لو لسه هتفكري يبقى من هنا لحد ما وقتك يخلص وشوشنا متتقابلش، و افتكري إنك بعلاجك هتثبتي إن كان فيه مُشيرة تانية غيرك هي اللي بتحركك، تصبحي على خير"

راقبت هي جلوسه بتمعنٍ، ثم تنفست الصعداء و من بعدها تركته و خرجت من أمامه وهي تفكر في صدق قوله، فمهما كان جرحها و آلمها و مهما ذاقت من الظلم ففي النهاية أخرجت ظلمها على فتاةٍ صغيرة لا حول لها و لا قوة.

جلس هو على الأريكة، و من بعد تفكيره و استشعاره بالضيق يُخيم عليه حينما شعر بالذكريات المريرة تهجم عليه عندها وقف هو ثم ترك السطح بأكمله ثم توجه نحو شقتهم و بمجرد دلوفه وجد والدته في صالة الشقة تقرأ في المصحف الشريف بين كفيها، حينها اقترب منها، يجثو على ركبتيه أمامها فوجدها تغلق المصحف ثم رفعت ذراعها تضعه خلفها وهي تطالعه بلومٍ و رافق نظرتها تلك قولها المُعاتب:
"كدا !! يومين كاملين معرفش حاجة عنك و قلبي واكلني عليك؟ و دماغي تعبتني من كتر الخوف ومش عارفة أنام"

ابتسم لها ثم رفع نفسه حتى يصل لمقدمة رأسها يقبلها و من بعدها عاد لموضعه وهو يقول بنبرةٍ مُعتذرة:
"طب لو قولتلك حقك عليا و على قلبي؟ أنا و الله كنت مع ياسين متخافيش"

رفعت كفها تمسح على رأسه وهي تقول بتأثرٍ واضح و نبرة اختلطت بالبكاء وهي تقول:
"إزاي مخافش عليك؟ إزاي و أنا عارفاك و حفظاك و عارفة قلبك بيشوف إيه؟ إزاي يا وليد و أنتَ نور عيني؟"

ابتسم لها وهو يقول بنبرةٍ هادئة ممتزجة بمرحه:
"نور عيني !! من زمان مقولتيهاش ليا خلي بالك"

سحبته نحوها حتى يجلس مجاورًا لها و بعدها ضللت عليه بين ذراعيها و كأنه طفلًا صغيرًا يحتمي بين ذراعي والدته، بينما هي قبلت قمة رأسه ثم استندت بذقنها على رأسه وهي تقول بنبرةٍ هادئة:
"هتفضل نور عيني و حبيبي، قلبي دا اتقسم تلاتة، مرتضى تِلت و وئام تِلت و أنتَ تِلت، التِلت بتاعك بقى شاف خوف و زعل علشانك كتير، و على قد كدا لسه بيرفرف لما يشوفك بتضحك، ضحكتك حلوة أوي يا وليد"

تَعَافَيْتُ بِكَحيث تعيش القصص. اكتشف الآن