26: مُواجهة

856 53 3
                                    

ولأن الحب دُعاء، اصبح دعائي لكَ فريضتي السادسة.

• • • •

خَرجت شمس من سيارة الأُجرة بينما تحمل بين يديها عُلبة كبيرة لحفظ الطَعام، وبيدها الاخرى تُمسك بظهرها ببعض الارهاق، في الواقع هي لا تحمل فقط علبة الطعام، هي تحمل ايضاً طفلاً عاش في رحمها ما يُقارب السبعة اشهُر، لتصبح بطنها بارزةً بشكل واضح امامها، تحرك سائق الاجرة مبتعداً بسيارته ما ان اخذ ماله منها، لتقف هي في الشارِع بمفردها تلتقط انفاسها قَبل ان تتخذ خطواتها الى مَقر عمل زوجها.

"يا بابا.. مبتردش ليه؟!" سمعت صوت طفلة من جهة مجهولة جعلتها تتلفت حول نفسها تحاول البحث عن صاحبة الصوت الباكي، وبالفعل كانت الفتاة تجلس على الرَصيف امام بيت كبير، وبين يديها هاتف تحاول الاتصال على ابيها ولكن من وجهها المُحبط وعينيها الباكيتين، كان واضحاً انها لا تجد رداً من ابيها.

اسرعت شمس بكل قوتها المتهاونة مُتحركة ناحية الفتاة التي لم تتمساك ولم تحاول ايقاف دموعها، كانت يدي الفتاة ترتجف بخوف وقلق ، سريعاً ما هتفت شمس بدفئ وحنان للفتاة لكي لا تطمئن "مالِك يا حبيبتي؟ بتعيطي ليه؟"

رفعت الفتاة نظرها من على الهاتف تنظر الى شمس لثوان، لكنها لم تجبها على سؤالها، وسحبت نفسها سريعاً مُبتعدةً عنها الا ان شمس سريعاً ما تفهمت موقفها الخائف واردفت "متخافيش انا عاوزة اساعدك بس!" كلمة المساعدة هي من جعلت الفتاة تلتفت الى شمس مرة اخرى تتفقدها، وهي على وشك ان تُعطيها فرصة ، لكن كلمات ابيها المُحذرة تتردد في مخيلتها، وهذا ما يجعلها مترددة بشأن ان تتحدث مع المرأة الغريبة.

سريعاً ما اقتربت شمس منها تُربت على شعرها الناعم بلطف وابتسمت اليها "قوليلي زعلانة ليه؟"

"مش زعلانة!" اجابتها سريعاً ، وقبل ان تستفسر شمس اكثر عن حالتها، تحدثت الفتاة شارحةً والغصة ظاهره في صوتها وعالقة في حلقها "صَحيت ولقيتني لوحدي في البِيت، وبحاول اتصل على بابا بس مش بيرُد!" اوضحت ما يقلقها سريعاً، لتعقد شمس حاجبيها بتعجب متسائلة "انتِي مش متعودة تكوني لوحدك في البيت؟!"

"لا عادي، بس ده مش بيتنا، بيت طنط " وضحت الامر مرة اخرى ، اومأت شمس بتَفهم واشارت الى الجهة اليُمنى برأسها وعلت شفتيها ابتسامة صغيرة "تيجي تستني بابا ؟ عشان متقفيش لوحدك كده، وانا هتصل عليه تاني" رمشت الفتاة لبضع ثوان، تلك المرأة تحاول مساعدتها بكل بساطة وهي لا تعرفها، ولم تتسائل حتى عن اسمها وهذا ما يثير الشكوك، اهي صاحبة قلب طيب بحق ام هو من الطبيعي مساعدة الناس بدون الكثير من الاسئلة؟

وكحل لا يوجد بديل لَهُ ، اومأت الفتاة بطاعة ورفعت يدها تتمسك بكف يد شمس سريعاً وكأنها المنقذ الوحيد لها في تلك اللحظة، ليمشيا بضع خطواتٍ ، وكانت الفتاة تسمع صوت تنفس شمس بوضوح، مما يدل على تعبها الناجم عن ابسط حركاتها، حتى لو كان مجرد مشي.

وسَأبقى مَعكWhere stories live. Discover now