19: فُرصة

738 60 10
                                    

يَقولون- ابتسمي يا وصية الرَسول- وهم جَاهلون عن ماهية وصِية الرسول

• • • •

انتَهى النجار من تركيب السرير الخشبي وخزانة الملابس، واسرع للخروج لأتمام ما تبقى من الأثاث الخشبي في الشُقة، وما ان خرج من غرفة النوم وخلفه ايـاد حتى اقتربت شمس بحماس من السرير الذي اصبح يعتليه المَرتبة، ورمت نفسها عليه بشغف قوي وابتسامتها لا تزول من على وجهها، يبدو الأمر بسيطاً بالنسبة للجميع، الا انها تشعر وكأن ربها يُعطيها فرصة اخرى لتبدأ الحياة التي دوماً ما تخيلتها.

لم يشتروا اثاثاً غالي الثمن، ففي النهاية ايـاد ليس احد ابناء رجال الأعمال ليمتلك كل هذا المال الطائل ، كما ان اسعار الاثاث تزيد اكثر فأكثر، لذلك اشتروا الاساسيات فقط، وكلما دفع اياد مبلغاً للرجل كانت الأبتسامة تشق وجهه اكثر ، وتتوسع اكثر على وجه شمس، مع انه يصرف من ما ادخر طوال حياته، ولكن لم يهمه ابداً وقتها.

ابتسمت شمس وهي تنظر الى سَقف الغرفة، هي الآن اصبحت تمتلك منزلاً خاصاً بها، رغم شعورها بسعادة قوية، الا انها شعرت فجأة بمدى المسؤولية التي ارتمت على كتفيها، انها ذات المسؤولية التي يستهين بيها اغلب الفتيات في هذا العصر ، ويقولون انها لا شيء مقارنةً مع الخروج الى العمل، لا يعلمون انها كُل شيء، وحتى الرجل الذي يخرج للعمل كل يوم لا يستطيع التوفيق في مسؤولية المنزل.

بعد مدة طويلة فقط كانت شمس تنظر الى السقف بها وتستمع الى صوت طرق الخشب بالمطرقة خارج الغرفة، انتهى صوت الطرق، لتسمع بعدها شكر اياد للنجار الذي رحب بخدمته وبدون مقابل ايضاً معللاً بذلك ان ايـاد لطالما ساعده في اشياء كثيرة ويجب ان يرد له الدين، ثم صوت ضحك ، وصافحا بعضهما بقوة حتى ان شمس قد سمعت صوت المصافحة التي كانت اشبه بضرب الكفين على بعضهما، وبعدها انتهت كل تلك الأصوات.

قررت شمس ان تخرج لترى ما ان كان الرجل الغريب قد خرج من الشُقة، وبالفعل لم يكن موجوداً ولا اياد كذلك، لذلك من الأرجح انهما قد خرجا سوياً.

رمت بحجابها الذي كان على رأسها على طاولة الطعام الجديدة، وعبائتها كذلك لتبقى بملابس البيت، وراحت تركض بحماس في انحاء الشُقة وهي تتأمل كل شيء بها ، رغم انها كانت شبه فارغة ، فهي رفضت ان تشتري ما يعرف بـالنيش في مصر، وهو شيء يشبه الدولاب يتم تجميع الأواني الباهظة الثمن به ، ولا يُفتح هذا الدولاب الا في المناسبات العائلية ، اي انه شيء لا قيمة له سوى انه يُزيد الحمل على العروسين.

نظرت الى مطبخها قليلاً، يجب عليها توضيب الكثير من الأشياء به، لكن ليس الآن، الآن وقت الأحتفال بالأثاث الجديد فقط، لذلك تركت المطبخ وعادت تركض الى الغُرفة الرئيسة تنظر الى الاثاث الذي اختارته بعناية، واقتربت من الخزانة الخاصة بالملابس تحتضنها بقوة وكأنها اغلى شيء على وجه الأرض.

وسَأبقى مَعكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن