13: تَمَسُـك

714 45 3
                                    

كُلها كلمات وحروف، وأنتَ من تصنع المعاني

• • • •

الوصية، هي آخر ما قد يتركه الأنسان بعد مماته، قد يحالفكَ الحظ وتستطيع كتابتها قبل موتك، وقد تموت قبل ان تُدرك ان عليكَ كتابتها أو حتى ان توصي احداً بشيء، ومعنى ان والد شمس قد كتب وصيته، اذاً فهو كان يشعر بأقتراب وقته، وكان يريد ان يترك آخر بصمة له في الدنيا، لعل الناس يتذكرونه بعدها.

فتح اياد الورقة الأولى، وبدأ بقرائتها على مهل وبتردد شديد، لكونه لا يعلم الى من تلك الرسالة، هو فقط يقرأها بعينيه ، كانت ملامح وجهه تتغير مع كل سطر كُتب، يبدو ان والد شمس قد خطط لكل شيء، بداية منذ عودته من السعودية، الى زواج ابنته بأياد، وما بعد ذلك ايضاً، كانت هناك الكثير من المعلومات المكتوبة، والتي كُتب بعدها ان من كتب الوصية هو معتز، ليكون شاهداً على كتابتها، وفي نهاية الورقة كتب بالخط العريض- لا تقرأ الصفحة الثانية، الا عندما تمتلكان اول ابن- وهذا قد جعل وجه ايـاد يجمد لبرهة.

اذاً، هناك شروط لتنفيذ تلك الوصية، لم يفهم ايـاد تماماً ما هو سبب هذا الشرط، يشعر ان هناك الكثير من الأشياء التي لا يعرفها، والتي في الاغلب لا يعرفها سوى عمه، او رُبما شـمس بما انها ابنته .

التفت ينظر الى شمس، التي انهت صلاتها بالفعل ولم تكترث ابداً لما كان يقرأ حتى، هي لم تكترث لوجوده من الأساس، عقلها كان مغيباً عن الواقع الذي هي به، خاصةً ان تلك الورقة التي في يد ايـاد، او ايـاد بنفسه، لن يستطيعوا ارجاع ابيها اليها ، ولن يستطيعوا كذلك محو جرحها الكبير، الذي يبدو انه لن يُنسى بسهولة.

لم يكن هذا هو الوقت المناسب لسؤالها عن الوصية وغيره، ولم يرد ايـاد ان يضع الورقة امام عينيها فيضع ملحاً على جُرحها بفعلته، فتح احد ادراج الطاولة الصغيرة التي بجانب السرير، وقام بدفن الظرف تحت الأوراق الكثيرة الموضوعة بشكل لا يُلفت الأنتباه، في النتيجة لن يقوم احد بالبحث في اوراق شخص قد فارق الحياة اليس كذلك؟

كاد يقف من على السرير ليقترب منها ، الا ان طرق الباب جعله يثبت مكانه، من قد يطرق الباب فجراً؟

استقام من على السرير مقترباً من باب الحُجرة ، وكانت عينيه معلقة على شمس ينتظر منها اي رد فعل او حركة، الا انها كانت تنظر الى الارض حيث سجادة الصلاة، شاردة بها بصمت ، قرر ان لا يقطع خلوة تفكيرها دام انها لا تبكي، هذا شيء جيد قليلاً.

عندما فتح الباب وجد امه امامه، واظهرت ملامحها التفاجؤ ، يبدو انها لم تتوقع ان يكون ايـاد مستيقظاً الى هذا الوقت ، كادت تنطق بشيء الا ان ايـاد قد سحب الباب خلفه وخرج من الغرفة ، البيت كان هادئاً وكئيباً جداً، ربما صوت القُرآن هو الذي يحيه ، بينما هو ميت بعد موت ابيها ، رُغم انه كان مريضاً وراقداً على السرير ،الا ان مجرد انفاسه في البيت كانت تعني الكثير.

وسَأبقى مَعكWhere stories live. Discover now