الفصل الثاني و الأربعون(أبو جميلة)

Start from the beginning
                                    

تركه «طارق» على مضضٍ، فكان «حسان» يشبه التائه، بحث عن صوته لكنه لم يجده، فنظر لهما بأعين خاوية، بينما «وليد» قال بنبرة صارمة:

"إعمل حسابك، إحنا هناخد جميلة من هنا، وهناخدها لأمها"

إقترب منه «حسان» وهو يقول مُترجيًا بنبرة شبه باكية:
"أبوس إيدك بلاش، بنتي لو عرفت هتتصدم، بنتي أصلًا مش فاكرة حد فيكم، بالله عليك متلخبطش حياتنا، أنا ما صدقت أنها تسكت عن سيرة أهل أمها"

رد عليه «طارق» بنبرة لا تقبل النقاش:
"للأسف الكلام دا في أحلامك، أنا هاخدها منك علشان تدوق وجع القلب من الفراق، وبعدين هي إزاي مش فاكرة أسامينا؟ البت كانت في سن دخول المدرسة يعني المفروض تكون فاكرة، أنتَ عملت إيه؟! رد عليا"

قبل أن يُعقب «حسان» أتت «جميلة» وهي تقول بصوتٍ مُبهج:

"متأخرتش أهوه، جيت بسرعة"

نظر لها الثلاثة رجال، بينما وجه «حسان» نظره لها وهو يقول بإنهاك واضح من الصداع الذي داهمه:

"معلش يا جميلة مش هنعرف نتكلم هنا...هننزل تحت نتكلم براحتنا علشان التفاصيل، خلي بالك من المحل"

كان «طارق» ينظر لها بتمعن لا يستطع رفع أعينه من عليها، وكأنه بذلك يشبع حنينه وشوقه لها، رآى «وليد» حالته تلك، فأمسكه من مرفقه وهو يقول:

"إحنا هنسبق حضرتك على تحت، يلا يا طارق"

كانت هي أيضًا تنظر له بتمعن لاتدري لماذا لم تستطع إبعاد نظرها عنه، نظر والدها لهما، فرآى نظارتهما لبعضهما البعض فقال بضيق ونبرة متوترة:

"يلا يا أستاذ إتفضل علشان نلحق نتكلم في الشغل"

خرج حسان يضرب الأرض بقدميه، وخلفه «وليد» يسحب «طارق» من مرفقه، وهو شاخصًا ببصره نحوها، وهي أيضًا تنظر له وكأنها غائبة عن الوعي، بعد إختفاء أثرهم، تنهدت هي بعمقٍ ثم قالت بصوتٍ مسموع:

"هو إيه الجو المتوتر دا؟ وبعدين أنا كنت عاوزة أختار التصاميم ،طب يشربوا العصير اللي تعبت فيه و جبته دا"

ضربت الأرض بقدميها بعد كلمتها الأخيرة وهي تزفر بضيق.

نزل «حسان» إلى الكافيه وخلفه «وليد» و «طارق»، جلس هو أولًا لكنه كان متوترًا بشدة والعرق يتصبب من وجهه ومن لحيته الطويلة، جلس الشباب أمامه، وأول من تحدث كان «وليد» حينما قال مستفسرًا:

"إحنا سكتنا قدامها علشان الدنيا متتبهدلش أكتر من كدا، لكن اللي بيحصل دا مينفعش، أحكي وسمعنا صوتك اللي وحشنا دا"

كانت كلماته ساخرة مما جعل «حسان» ينظر له بأعين خاوية وهو يقول بهدوء مستفز:

"أتكلم أقول إيه؟"

ضرب «طارق» الطاولة الموضوعة بينهم بكفه وهو يقول بنبرة قوية عالية بعض الشيء:

"تتكلم وتحكي كل حاجة، بدل ما قسمًا بربي أخليك تحكي غصب عنك، أنا حايش نفسي عنك بالعافية، عاوز أعرف كل حاجة،ليه مشيت من البيت وليه خدت جميلة معاك؟ وليه فهمتنا إنها ميتة، ليه إتسببت إن قلبي يعيش العمر كله محروق بفراقها"

تَعَافَيْتُ بِكَWhere stories live. Discover now