الفصل التاسع والعشرون (ماضٍ لا يُنسى)

ابدأ من البداية
                                    

أمسكت وجهه بين كفيها ثم ضغطت عليه فجأة وهي تقول بضيق:
"قولت كل دا يا إبن ميرفت ومجبتش سيرتي خالص ، وبعدين إزاي تقول إنك أتهزمت في الدنيا ومتقولش إنك إنهزمت قدام براءة عينيا؟"

أبعد كفيها عن وجهه بضيق ثم قال بحنقٍ:
"حاسبي يا متخلفة وشي، أديني فرصة أكمل كلامي، وبعدين وحياة ربك دي عيون فيها براءة علشان تهزمني؟"

وضعت يدها في خصرها ثم قالت بضيق:
"أومال فيها إيه يا دكتور ياسر؟ رُد عليا؟"

نظر في أعينها ثم قال بِحب:
"فيها الحاجة الوحيدة اللي مصبراني على الدنيا، فيها سحر مبيطلعش غير ليا، فيها إيمان اللي إتولدت على إيدي، فيها ياسر العيل الصغير اللي لسه جواه حلم كبير معاكِ وبوجودك أنتِ هيتحقق، فيها كلام لو قولته عاوز العمر كله، فيها القوة اللي بحتاجها علشان أقدر أكمل حياتي، فيها حبك ليا اللي بيخليني عاوزك معايا النهاردة قبل بكرة،و عاوزك أم ليا قبل ما تكوني أم عيالي يا إيمان"

أنهى حديثه فوجدها ترتمي و تبكي بين ذراعيه، إبتسم بخفة ثم ربت على ظهرها بحنان وقال بسخرية:
"مش لو كان صبر القاتل على المقتول كان إرتاح وريحنا؟"

شددت من عناقها له ثم قالت:
"ربنا يخليك ليا يا ياسر ويقدرني وأفرحك وأعوضك"

طبع قبلة بسيطة على رأسها ثم قال:
"ربنا يخليكي ليا ويقدرني أنا وأسعدك"

أنتهت تلك الليلة المليئة الأحداث على الجميع، بعدما أوصل «ياسر» زوجته إلى بيتها وقد تبدل حاله كثيرًا بعد جلوسه معها، وعاد لأصدقائه وجلس برفقتهم على المقهى، عاد الجميع إلى منازلهم، ومر اليوم التالي بسلام و هدوء دون أي أحاديثٍ تذكر عدا مكالمات «ياسين» لخديجة التي يشرف فيها على ما تقوم بفعله وكلما شعرت بالخوف أو الفشل قام بتشجيعها، في اليوم التالي وهو يوم الجمعة يوم جلسة علاج خديجة، كانت الجلسة في ذلك اليوم في الصباح فلم يستطع الذهاب إلى شقة «ميمي»، وقف بسيارته أسفل بنايتها فوجدها تقترب منه وهي مبتسمة، غمز لها بثقة ثم قال:

عينيكِ بتقول أني وحشتك صح؟"

شعرت بالإحراج والخجل ولم تستطع أن تؤكد حديثه،ولا تستطع تكذيبه،بينما هو رسم ملامح الخبث على وجهه حينما رآى تأثير كلماته عليها"

ركبا السيارة سويًا فسألها هو مُستفسرًا:
"عملتي كل اللي هي طلبته منك؟ ولا لسه محتارة فـ حاجة؟"

إبتسمت بهدوء ثم قالت:
"آه الحمد لله، الفضل ليك بعد ربنا ساعدتني كتير"

نظر لها بحنان ثم أردف قائلًا:
"أنا معملتش حاجة، أنتِ اللي شاطرة وبتتعلمي بسرعة"

من حديثه شعرت بالثقة الكبيرة، وأنها قادرة على فعل الكثير، بعد قليل أوقف السيارة أسفل البناية، نزل من السيارة ونزلت هي الأخرى خلفه، صعدا معًا للطبيبة، وكعادته دخل معها، تحدثت الطبيبة بهدوء:

تَعَافَيْتُ بِكَحيث تعيش القصص. اكتشف الآن