الفصل الحادي والعشرين (لأنها فراشة)

ابدأ من البداية
                                    

"أَوْدُ أن أَسألُكِ في أيْ سماءٍ تَسكُنين..فما أنتِ سوى قمرٌ منيرٌ في فَلك قلبي تدورين وعلى مجرات حُبي تتحركين"

صمت وصمتت هي أيضًا ولم تستطع التحدث مرةً أخرى، أما هو حينما لاحظ صمتها قال بمرحٍ:

"على فكرة بقى أنتِ اللي قولتيلي أسأل واللي يسأل ميتوهش، وأنا بسأل القمر كله أهوه"

إرتفعت ضربات قلبها كأنها تصارع الموت، أما عن صوتها فهو هرب بعيدًا..وبعد مرور ثوانٍ إستعادة رابطة جأشها فقالت بهدوء:
"هو اللي أنا سمعته دا كان بجد؟"

كتم ضحكته وهو يقول مُردفًا لها:
"طالما طولتي في السكوت كدا، يبقى أنتِ كدا أتثبتِ.. تصبحي على خير يا خديجة"

وفور إنتهاء جملته أغلق الهاتف وهو يقول بصوتٍ مليءٌ بالمرحِ:
"والله العظيم خمس دقايق كمان وهيغمى عليها".

أما هي ظلت تزفر بقوة وعمق ثم قالت بعدما هدأت نبضات قلبها:
"لأ والله كدا كتير بجد عليا أنا بقيت بخاف والله أكتر"

أنهت جملتها ثم ققزت من الفراش وظلت تتقافز على أرضية الغرفة وكأنها فراشة عادت قوتها إليها من جديد.
_______________

بعد إنتهاء تلك الأمسية السعيدة التي غاص فيها «ياسين» في نومٍ عميق، وخديجة التي شردت طوال الليلِ في كلماته التي يلقيها على مسامعها، أتى اليوم التالي وهو يوم «الجمعة» ذلك اليوم الذي يحمل معه الكثير والكثير.

في منزل آلـ «رشيد» كان «طارق» واقفًا أمام المِصعد في إنتظار أبناء عمومته في ردهة البيت، نظر في ساعته متأفأفًا، وأخرج هاتفه وقبل أن يشرع في الإتصال بـ «وليد» وجده يخرج من المِصعد وعلامات الضيق مرسومة على وجهه بوضوح، نظر له «طارق» وهو يقول بهدوء:
"قولتلك هو النهاردة بس وأنا بنفسي هديلك الأجازة يومين"

أومأ له «وليد» ثم قال بصوتٍ منفعل:
"خلاص يا طارق متصدعناش بقى، و اِعمل حسابك هما كام ساعة بس، مش هطول هناك اليوم كله"

أومأ له «طارق» ثم قال بإستفزاز:
"حاضر يا أستاذ وليد، حاجة تاني؟؟ و بعدين أحمد فين؟"

أطاح له «وليد» بيده ثم قال بضيق:
"نازل ورايا أهوه، أنا سايبه بيلبس هدومه"

أنهى «وليد» جملته فوجد باب «المِصعد» يُفتح ظن في بداية الأمر أنه «أحمد» فقال:
"أهو نزل أهو"

وفور انتهاء جملته وجد «عبلة» تخرج من المِصعد، نظرا لها الأثنين بتعجب من وجودها في الصباح بتلك الملابس التي تدل على ذهابها في مشوارٍ مُهم، أول من تحدث كان «طارق» حينما سألها مُستفسرًا:
"رايحة فين يا عبلة على الصبح كدا يوم الجمعة؟"

نظرت له بحنقٍ وهي تقول:
"أخر يوم في ميعاد حجز الكورس النهاردة يا طارق، عاملينه يوم إستثنائي علشان الكورس هيبدأ بكرة، والحجز أخره النهاردة ١٠ الصبح"

تَعَافَيْتُ بِكَحيث تعيش القصص. اكتشف الآن