4 : واقِـع

373 29 5
                                    

الحُب كالصلاة.. كلاهما بدون طَهارة باطِـلان

***

-يُروى على لِسان لِيـن -

لولا أنني قد رأيتُ اللوحة بعيناي ، لم اكن لأصدق ريم ان هذا الأنسان حقيقي ابداً حتى ولو اقسمت  بذلك ، هناك الكثير من الأفعال والأشياء التي نحتاج الى تفسير لها، كيف ترسم ريم هذا الأنسان الذي كان يسكن خيالها بتلك الدقة؟ ولما يتحقق ما ترسمه في نفس الوقت؟ من هو هذا الشخص؟ ولما قد تحلم به ريم دائماً؟

رُغم غرابة الوقت برمته، الا انني كنت شاكرة له جداً عندما انقذنا من ذلك الموقف، رَحل النادل من امامنا محنياً رأسه وكُل جرئته اختفت لمجرد ان الشخص الغريب يقف امامه ، بل وقام بخصم مالٍ من عمله مما يعني انه صاحب المطعم الباهظ الذي نحن به، كانت ريم تقف مصدومة وعينها على وجه الرجل ولا ترمش ، فمها مفتوح بصدمة مما جعل شكلها يبدو غبياً جداً امام الرجل الغريب في موقف لا نحسد عليه، ولم يكن من المفترض ان تحدق به بتلك الطريقة.

قررت ان انقذ الموقف، فجذبتُ انتباه الرجل لأشكره بأمتنان خالص ينبع من داخلي "شُكراً لك سيد راي، لا نعلم ما كان سيحل بنا ان لم تنقذنا انتَ!" لم الاحظ غبائي الذي نبع من خلال جملتي، فهو بالفعل التفت الي عاقداً حاجباه متسائلاً "هل تعرفينني؟"

كان سؤاله منطقياً، وبالتأكيد لا يمكنني ان احكي له قصة لوحة الحظ تلك، فأما انه سيراني غبية او مراهقة، او انه سيقوم بأيصالنا الى اقرب مصحة نفسية ، لا الومه فحتى الان لا اكاد اصدق نفسي، وانه رسمة الصباح باتت رجلاً حقيقياً ليلاً ، ولكوني حدثت عقلي بمنطقية، بما ان كل شيء اراه في اللوحة يتحقق، اذاً بالتأكيد وشم رقبته حقيقي!

"لا، لكن وشم رقبتك يوضح انك من عائلة راي"  اردفتُ بثقة تامة ان ذلك الوشم موجود، هو اومئ بوجه جامد، يبدو بارداً بتحركاته تلك وملامح وجهه التي لا تتغير، نظر الى ريم لبضع ثوان يتأملها، وهي مازالت تنظر اليه بصدمة عجز هو عن تفسيرها، ولكنه عقد حاجبيه متسائلاً "هل .. هل انتِ فتاة الملهى؟"

هنا افاقت ريم ، لتجيبه هي الأخرى "هل تعرفني؟" كلاً منهما يبدوان وكأنهما يعرفان بعضهما بعضاً شكلاً ، هو نفى بحديث هادئ "لا، تذكرتُك من شعركِ المميز" ظهرت بعض الحمرة على وجنتي ريم التي ترتمي عليها نقاط النمش الخفيفة ، لتمد يدها بنية المصافحة اليه "انا ريـم" همهمة بسيطة ظهرت منه يُكرر اسمها بهمس لم تسمعه، ولكنني لكوني كنت بجانبه فسمعت همسه الخفيف، ثم رفع يده كرد فعل محتمل يصافحها "انطوني راي .. "

"انطوني .. انتَ لست امريكياً؟" تسائلت بفضول قاتل، لكون هذا الأسم ليس مشهور كفاية في امريكا، كما ان ملامح الرجل غريبة على ارض الواقع، لا يبدو انه اجنبياً ولا عربياً ايضاً ، ذلك مثير للشكوك ناحيته، نفى المدعو بأنطوني بلغته الأمريكية المتقنة "همم ..لا .. مكسيكي"

لوحة الحَظWhere stories live. Discover now