112 الوداع

8.2K 577 1.7K
                                    

ماتيو

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

ماتيو

إنّني نائم على فراش الغابة العشبي، أنظر إلى السماء، إلى ملايين النجوم التي لم أستطيع بِسنّي الصغير استيعاب إلى أين تمتد. أُفكّر، لا يُمكن للغابة أن تسع العالم أجمع إن كانت هذهِ النجوم بعيدة جدّاً عنّا. ما هو العالم أجمع من الأساس؟ لابد لي من تقصّي الأمر. آلمني ظهري، تذكّرت ما فعلهُ فضولي بي وكيف لهُ أن يُعجّل من نهايتي على يديهِ. إنّني أسترجع بوضوح تام الآن بأنّ أوّل ما تلقّنتهُ من هذهِ الحياة ليس الطريق والبحث عن البيت، بل الموت، موتي أنا، لقد ترسّخ ذلك في قُعر ذاتي فأصبحتُ مُحارباً لهُ بلا وعي منّي. إنّني لا أعيش لأحيا، بل أعيش هرباً من الموت. جميع البشر في حالة نُكران لموتهم يوماً ما. أمّا أنا في حالة حرب. لا أمتلك بذخ النُكران. لا أستطيع تشتيت وعي بعيداً عن حقيقة موتي في أيّة لحظة على يديْهِ.

البيانو اللّعين من جديد.

"أتكره عزفي؟"

نعم، كثيراً.

"ولكنّها كانت تُحبّهُ.."

من هي؟

"لقد عانت كثيراً على ولادتها، أنت أيضاً تُعاني لأنّك وُلدت، ولكن عدم ولادتها أبداً هو ما قادنا إلى حيثُ نحن الآن. فإن لم تتوقف، إن لم تتقبل موتك، نعم إنّني أُحدّثك أنت، ستعيش جحيماً أسوأ مِمّا تعيشهُ الآن"

لم أفهم، ارتفع صدري ترقّباً، وحاول، مرة أخرى، قتلي بصقيعهِ لتعود لي أنفاسي بعد توقف قلبي عن الخفقان عدّة لحظات.

"أنت أسوأهم"

لم أتحرّك من مكاني تلك اللّيلة، النجوم كانت تُخاطبني، ترجوني الهرب، ولكنّني كنت عاجزاً عن زحزحة حتّى أصابعي. وهو، كما يفعل دائماً، حاول قتلي عدّة مرّات وفشل، ابتعد، رجع مُلطّخاً بالدّماء، ثمّ حاول قتلي وفشل. جلس على إحدى الصخور يُفكّر. بماذا؟ بعدم جدوى محاولة قتلي بنفسهِ وتحريك تابعيهِ؟

"لا يُمكنني الائتمان على ما أراهُ ولكن.."

صدري يؤلمني، ولكنّني تعافيتُ سريعاً فاستشاط غضباً بطعني بالمزيد من الجليد، وعندما تعافيت، عندما تسلّل نور النجوم إلى عينيّ مُجدّداً، وجدتني بين ذراعيهِ، يعتذر، يرتجف، يُخيفني بلُطفهِ هو من يُريدني جُثّةً.

المفقودحيث تعيش القصص. اكتشف الآن