الفصل التالت

Start from the beginning
                                    

*******************
مرت ساعات اليوم بروتين وملل، وبعد ساعات من نوم أسيل وليلى أخيرًا أستيقظوا أثنتيهم، نهضت ليلى زنظرت على الساعة ولم تكن غير التاسعة مساءًا، بدلت ملابسها التي أخذتها من أسيل لكي تنام بها ثم ودعت أسيل وعادت لمنزلها، بينما أسيل فكانت مستلقيه على الفراش ولم تتحرك من عليه، عقلها شارد، لا تعلم هل ذلك الكذبة سيصدقها مصطفى خطبها أم لا؟ وهل يعقل أن يظهر لها قريب من العدم هكذا! وبعد تفكير دام حتى منتصف الليل نهضت من مكانها لكي تحضر لها طعام؛ فهي منذ شروق الشمس وهي لم تأكل.
أتجهت للمطبخ وحضرت لها طعامًا خفيف، تناولته ثم شرب كوب من الشاي الأخضر ثم عادت مرة أخرى لفراشها، وعادت مرة أخرى لتفكيرها.
وبعد تفكير وأرهاق أخيرًا أغفلت عينيها ثلاث ساعات تقريبًا، ولكن لم تواصل نومها بسبب ذلك الشجار والأصوات العالية التي أغترقت أذنها.

كانت تلك السيدة التي تدعى أم عبير تقف في شُرفتها وتحادث امرأة اخرى تقف أمامها في الشرفة المقابلة لها وهي تقول لها:
- والله أنا ما فاهمة قرايب أيه دول اللي بيظهروا فاجأة؟
مصمصت السيدة الأخرى شفاتيها وتدعى أم حسن وهي تنظر لشرفة أسيل التي تقبع بالدور الأول في العقار، حيث أن كل دور بالعقار بهِ شقتين، ومن حظ أسيل أن شقتها تقبع بجوار شقة أم عبير.
بعدما أنتهت أم عبير بقص كل شيء حدث مع أسيل على سطح العقار، وبالطبع مع ذكر بعض التفاصيل التي لم تحدث من الأساس.
نظرت أم حسن لشرفة أسيل وقالت بسخرية:
ـ مش عارفه ليه ياختي حاسه أن البت دي بتنيّم العمارة والواد ده ولا قريبها ولا يعرفها أصلًا.
ابتسمت أم عبير بسخرية ثم رفعت صوتها وهي تأكد حديث تلك السيدة قائلةً:
ـ يختي دي من يوم ما جت ومحدش يعرفلها كبير، وطبعًا منعرفش نكلم حد عشان يلمها.
لوت شفاتيها وواصلت وهي تضحك:
ـ وطبعًا البيه اللي خطبها هو اللي نايم في العسل.
- جرا أيه يا ولية منك ليها؟؟؟ عمالين تقطعوا في فروة البت ليه؟ ما تتلمي منك ليها بدل ما افرجكم قيمتكم.
كانت تلك الكلمات من سيدة تدعى كريمة، كانت تمسك بيدها بعض الخضروات التي جلبتها للتو من السوق وفي طريقها لمنزلها وهو ذلك المنزل التي تقع فيه أم حسن،
بالطبع كان صوتهم يدوي في تلك الحارة، وبالتأكيد كل سكان الحارة علموا بحال أسيل، ولم يخرسهم أحد غير كريمة.
نظرت لها أم عبير وهتفت بحنق:
ـ يعني عايزانا يختي نشوف الغلط ونسكت عليه ونركب ق.... ولا بلاش! خلينا ساكتين احسن.
نظرت لها كريمة بشر وصاحت عليها بعصبية:
ـ وأنتِ حشرة مناخيرك ليه اصلًا؟ أنتِ مالك ومال البت؟؟ وبعدين ياختي أسيل من يوم ما جت الحارة ومحدش شاف عليها حاجة غلط، يبقى كل واحد يحط لسانه جوه بوقه بدل ما أخليكم تبلعوه بمعرفتي.
-أسيل! هو في حاجة؟
كان ذلك السؤال من مصطفي الذي وصل الحارة للتو وسمع أسم خطبته يُذكر من جارتها، نظرت له كريمة ببسمة مزيفة وهي تحمل حقائبها التي وضعتها على الأرض في بداية صياحها على هاتان السيدتان وقالت وهي تستعد للرحيل:
ـ مفيش يا حبيبي، سلامتك.
نهت كلامها وهي ترمقهم بشر، وفي المقابل نظروا السيداتان لبعضهم ثم دخل كل منهم لشقتهم على مضض!
بينما مصطفى لم يهتم لهم وترجل للعقار وصعد لأسيل.
*******************
مثل كل يوم استيقظت على صوت شجار عالٍ وأصواتٍ مختلفة مزعجة كما أعتادت في تلك الحارة المُزعجة والتي لم تنعم فيها براحة أبدًا، ولكن ليس صوت الشجار فقط هو سبب إزعاجها، بل أيضًا صوت ذلك الجرس المزعج، ذلك الجرس الذي في كل مرة تسمع صوته تقسم إنها سوف تحطمه إلى أشلاء.
أخيرًا تحركت من على الفراش وأتجهت للباب لكي تُفتح للطارق، والحقيقة أنه لم يكن سوى نوح!
أشاحت بعينيها بملل ثم هتفت متسائلة بحنق:
ـ خير؟؟؟
فرك في رأسه بإحراج ثم قال بملامح عابثة:
ـ هو يعني، أنا... أنا محتاج هدوم.
نظرت لملابسه التي أصبحت متسخة وبدأت في أستنشاق رائحته الكاريهه، حقًا لا تعلم من أي جهة قذفت في وجهه تلك المصيبة! تشعر ولا كإنها ولدته ونسيته!
لم ترد عليه، كل ما فعلته إنها تركته ودخلت للغرفة، أما هو فنظر لأثارها بجهل ثم ترجل لداخل المنزل وجلس على الأريكة ينتظرها.
أما هي فدخلت لغرفتها وفتحت خزان الملابس الخاص بها، كانت يديها تعرف وجهتها، وبدون أي مقدمات هبطت على رأسها تلك الذكريات التي تجاهد منذ سنوات أن تتخطاها، ولكن باتت كل محاولاتها بالفشل، نظرت لذلك الملابس ودمعة متمردة هبطت على خديها، ثوانٍ مرت عليها ثم أنفجرت باكية وهي تتذكر أخيها، وتتذكر اليوم الأسود التي أفتقدته فيه.
خرجت من تلك الحالة على صوت مصطفى خطبها! كانت تسمع صوته وهو يتشاجر مع نوح في ردهة المنزل!
مسحت دموعها بعنف وركضت لترى ماذا يحدث هناك.

رحلة عبر الزمنWhere stories live. Discover now