الفصل التالت

3.4K 261 8
                                    

ـ آلة الزمن يا ليان، مشروع تخرجنا.
هكذا هتف يامن، لم تفهم ليان شيء، عقدت ملامح وجهها وسألت بعدم فهم:
ـ أنا مش فاهمة حاجة! ما تفهموني!
أعتدل زين في جلسته وبدأ أن يسرد لها ما كانوا ينفذه في الفترة الماضية:
ـ مشروع تخرجنا يا ليان كان إننا نعمل ألة زمن، طبعًا الكل قال مستحيل نعرف، والكل قال إننا هنفشل من قبل ما نجرب، وفي مرة دكتور عبد الغني وقفنا وسألنا ليه كل ده لسه مبدأناش في مشروع التخرج، وقولنا ليه وقتها أننا بعمل دراسة لأختراع ألة زمن، اتريق علينا، ونوح وقتها اتعصب واتحداه، والدكتور قال لو أتقدم ليا مِنكم أنتوا بالذات مشروع غير اللي قولتوا عليه اعتبروا نفسكم شايلين السنة، يعني من الأخر يأما نحقق اللي قولناه أو نعيد السنة! ومن هنا بدأنا في التنفيذ في الآله فعلًا، وكان حسب دراستنا إنها أكتملت وفاضلها شوية تفاصيل صغيرة، بس.. بس منعرفش أن نوح ممكن يكون جربها وهو لوحده!
عقلها عجز عن فهم ما تفوه بهِ! هل ذلك الهراء يُصدق من الأساس؟؟ نظرت لهم وتسألت وهي تشعر أن رأسها على وشك الأنفجار:
- هو ممكن فعلًا تشتغل؟؟ ولو أشتغلت؛ هل ده معناه إنه ممكن يفقد الذاكرة؟ ولو كل ده حصل، هيرجع أزاي؟؟؟؟
صرخت بأخر كلماتها وهي تخبط على الطاولة بعنف، كانا الصديقان يفهمون مدى القلق التي وصلت له.
نظروا لها بآسف وتحدث زين قائلًا:
ـ كل دي أحتمالات يا ليان، أنا بكرا هروح الكلية واسأل الدكتور على شوية حاجات، وبإذن الله نوصل لحل.
رفعت رأسها له وتذكرت والدها، والدها مقتنع أن نوح فَرّ هاربًا!
نهضت سريعًا ومسكت حقيبتها وهي تقول لهم!
ـ أنتوا لازم تيجوا معايا وتقولوا لبابا كل ده، بابا فاكر إن نوح هرب عشان مش عايز يتجوز!

لم يعترض أيّن منهم، وبالفعل لبّوا لها رغباتها، ذهبوا ثلاثتهم إلى والد ليان ونوح، وسرده له كل شيء، كانوا يحاولوا جاهدين أن يقنعوه والد ليان بكل ذلك الأشياء، ولكن دون فائدة، لم يصدق! وبالفعل المنطق يجبره على هذا.
كان يستمع لهم وهو يبتسم بسخرية مع كل كلمة يتفوهون بها، ومع انتهائهم هتف قائلًا بسخرية لاذعة:
ـ ويترى البيه مخدنيش معاه ليه؟ على الأقل كنت اتفرجت على الماضي معاه وشوفتني وأنا صغير.
ختم كلماته بضحكة ساخرة، بدلوا نظراتهم بينهم وبين بعضهم بحرج شديد ولم يعقبوا، بينما هو فصاح فيهم غاضبًا:
ـ وطبعًا الصايع التاني هو اللي بعتكم تقولوا الكلمتين اللي ملهمش لازمة دول صح؟
-يا بابا افهم بس، صدق..
-اخرسي أنتِ حسابك معايا بعدين.
هكذا صاح فيها وهو يمسكها من ذرعها ويدفعها لغرفتها بعنف، تدخل يامن سريعًا وهو يهتف قائلًا:
-صدقني هو ده اللي حصل، أو... أو هو ده اللي وصلناله، لما نوح كلمنا مكنش فاكرنا، وكل حاجة حواليه بتدل إنه فعلًا أتنقل لزمن تاني.
لم يعطي لكلماته أي أهتمام، تقدم من باب المنزل وفتحه على مذراعيه وهو يقول لهم:
- ياريت تبلغوا صاحبكم أن معاه يومين، يومين بس، لو مظهرش أنا هتصرف، وهخليه يندم على عملته دي، شرفتونا.
شعروا بالأحراج الشديد وهو يطردهم من منزله، نظروا لبعضهم ثم خرجوا بهدوء، دفع الباب بغضب خلفهم، نظروا له بيأس ثم تذهبوا فورًا نحو منزل دكتور عبد الغني.
بينما عند ليان؛ ففور خروج الشابان من المنزل دخل عليها والدها كالأعصار وهو يصرخ في وجهها قائلًا: ض
- بقى جيبالي أنتِ واخوكِ الصايع شوية الصايعين دول عشان تشتغلوني؟؟ فاكرين كده هتعرفوا تضحكوا عليا؟؟ وأنتِ... وأنتِ بتنزلي تقابليهم منغير ما تاخدي إذني، خلاص مبقاش ليا لازمة؟
كان يصيح فيها بغضب وهو يضغط على ذرعها بعنف.
حاولت إفلات ذرعها مِن قبضة يده لكنها فشلت، زحفت دموعها على خديها وهي تردفت بضعفٍ:
ـ دول.. دول زي اخواتي يا بابا، وصدقني اللي قاله كله صح، مش بيكدبوا عليك.
دفعها على الفراش بعنف، رفع سبابته في وجهها وبغضب وتحذير قال لها:
ـ هما يومين زي ما قولت يا ليان، يومين ولو اخوكِ مظهرش، أنتِ اللي هتدفعي التمن يا ليان، أنا بحذركم.
قال ما قاله وتركها وغادر الغرفة، بينما هي فكانت تنظر له بذعر، تتخيل ماذا يقصد بحديثه! تكورت في نفسها وظلّت تبكي، كانت تبكي وتتنحب وتدعي أن الله يُردّ لها أخيها لكي ينقذها من كل ذلك.
*******************
بينما عند يامن وزين، اخيرًا وصلوا لمنزل دكتور عبد الغني، وصلوا الشابان لمنزله بسهوله ويُسر؛ فعنوان بيته معروف في المنطقة وكان قريب من منزل ليان.
استقبلهم بتعجب شديد من زيارتهم له في ذلك الوقت،
أفصح لهم الطريق وأستقلّوا في ردهة المنزل.
لم يعطوه وقت كبير لكي يفكر في سبب مجيئهم؛ فسأل زين وهو يضع أمامه ملف كبير قائلًا:
ـ دكتور، هو لو آله الزمن أشتغلت، وأحنا كنا بنعملها بالمواصفات والمعايير دي، تفتكر أيه المضاعفات اللي ممكم تحصل للعميل اللي هيجرب الآلة؟
عقد جبينه بعدم فهم، نظر لذلك الملف بطرف عينه حتى مدّ يده وألتقط الملف من على المنتضدة التي أمامه، قرأ اول صفحة ثم التالية، كانت علامات الأنبهار تظهر على وجهه بعدما ينتهي من قرأت كل صفحة.
ساعة تقريبًا مرت عليهم حتى أنتهى من قرأه الملف بأكمله، وضعه مرة أخرى على المنتضدة وقال:
ـ كل التفاصيل والدراسات بتقول أن فعلًا ممكن الآله تتصنّع وتشتغل لو اتعملت بالتكنيك ده، وبالنسبة لأسأليتكم؛ فأول حاجة هتحصل للعميل فقدان ذاكرة مؤقت، مفيش أي حاجة تاني ممكن تحصله، لكن الشيء السلبي في الموضوع.
صمت ولم يُكمل، نهض من مكانه وترجل للأمام، أشعل سيجارة ثم قال وهو ينظر لهم ويرى نظرة التشويق في اعينهم:
ـ أن العميل مش هيعرف يرجع لعالمه تاني أبدًا، لأن الآله مش هتنتقل معاه...
وقع عليهم الخبر كالصاعقة، كل شيء أغلق في وجههم، لم يعلموا ماذا يفعلون! هل حقًا صديق عمرهم ذهب ولم يعود! الثلاث أخوة كما يقولون عنهم قلّ عددهم للأبد؟ ماذا يقولوا لليان شقيقته؟ تلك الفتاة التي روحها مُتعلقة بأخيها؟ وماذا يفعلون مع والده الذي لم ولن يصدق أي حرفٍ مما قالوه! حقًا كانوا يشعرون بالعجز التام، كانوا غير قادرين حتى في حل مؤقت لكل تلك المصائب.

رحلة عبر الزمنWhere stories live. Discover now