_ إنه فراق ! _

Start from the beginning
                                    

غشت الدموع الساخنة عينيه بغزارة أكثر و هو يواصل النظر إلى إبنه المدد أمامه فوق سرير الجدة "دلال".. كان ينفرد به الآن بعد محاولته الطائشة لقتل نفسه، عليه أن يعترف بأنه رأى ميتته بعينيه

أجل

إن كان صار مكروهًا لإبنه فهو أيضًا ما كان ليمكث في الحياة لحظة بعده، الآن هو أمامه، لا يزال غائبًا عن الوعي

لكنه معافى، بدنيًا !

لا يزال لا يعرف شيئًا عن جروح روحه، إلا أنه يستطيع التكهن، ذلك لأنه سببًا في تدميره كما أنبأته زوجته الراحلة قبل عشرون عامًا ...

يدرك تمامًا بأنه لن يسامحه، كانت هذه اللحظة عبئًا حمل همه طيلة هذه السنوات، عرف بأنه لا بد أن يكشف له الحقيقة يومًا ما.. لكنه لطالما كان جبانًا

بقدر أنانيته و حبه له و لأمه، كان خائفًا من هذا اليوم، كان على يقين تام بأنه سيخسر السبب الوحيد الذي يدفعه للبقاء على قيد الحياة... كان على يقين بأنه سيخسر "رزق" !!!

يجهش "سالم" ببكاءٍ مريرٍ مكتوم عند قدميّ إبنه، تشبث به و كأنه طوق نجاته و طفق لسانه يردد كلمة واحدة بيّد أنه لم يعد يعرف سواها :

-سامحيني.. سامحيني.. سامحيني !

_______________

في غرفة مجاورة، اليد الشادة على كف "نسمة" في مشهدٍ غير متوقع.. بم تكن سوى يد "ليلة الجزار" ...

خلال الفحص الذي أجراه عليها الطبيب يعد أن خرج من عند "رزق"... هي وحدها التي بقيت برفقتها تطمئنها و تهون عليها لحظات ما بعد الرعب الأعظم الذي شهده حي الجزارين قاطبةً

موقف إن رواه أحد عليهم ما كانوا ليصدقوا، لكن معظم العائلة شاهدوا بأم العين، رجلٌ من أشجع و أنبل و أعلى رجال العائلة.. كاد أن يودي بنفسه و يزهقها أمام العيّان

ما السبب

لماذا

و ما دخل كبيرهم "سالم الجزار" بالأمر

العلم عند الخالق سبحانه و تعالى ...

و بالرغم من أن "ليلة" لا تقل عن "نسمة" ذعرًا، إلا أنها بقيت صامدة، و أبت أن تظهر ضعفًا كل العون مدته لها و جزءً من عقلها و فؤادها كله الذي كاد أن يسحق بشكلٍ مذهل... هناك معه

مع "رزق" ...

-خدوني عنده أبوس إيديكوا. خدوني أشوفه بس.. أبص عليه. أبوس أيديكوا أشوفه بس !

لم تنفك "نسمة" عن ترديد كل أنواع التوسلات، مع محاولات "ليلة" المستمرة لتهدئتها و هي تكفكف لها دموعها و تربت على كتفها بحنوٍ :

-إهدي. إهدي يا نوسا. صدقيني رزق كويس.. ده الدمتور نفسه أهو اول ما خرج من عنده جالك و طمنك عليه... قولها يا دكتور لسا مش مصدقاك !

وقبل أن تبصر عيناكِWhere stories live. Discover now