_ قَبْلها وَ سَتَمُوت ! _

13.6K 827 61
                                    

كان "مصطفى" يذرع شقته الخاصة الآن مبلبل الأفكار ...

بعد أن خلع سترته السوداء و بقى بقميصه الأبيض و ربطة عنقة المحلولة فقط، لقد مل و نفذ صبره، ذلك لأنه يمكث بمفرده هنا بالصالة لأكثر من نصف ساعة

ما أزاد الأجيج المستعر بصدره حين تسللت إلى مسامعه أصوات الزغاريد المكثفة و الهاتفات المباركة، جميعها تفيد بدلائل تفوّق أخيه الأكبر عليه مجددًا

لم يعد يتحمل أكثر، خاصةً عندما كان بالقرب من النافذة و سمع حوار أبيه و أعمامه المعني هو به.. تصاعدت الدماء الملتهبة إلى وجهه فصار أشبه بالقِدر المغلي

إنطلق كهبة إعصارٍ عاتٍ نحو غرفة النوم المغلقة، و بجماع قبضتاه ضرب لوح الباب ثلاثًا و هو يصيح بفجاجة :

-كل ده بتغيري الفستان ؟؟؟؟
إفتحي يا بطة !!!

و أمسك بمقبض الباب محاولًا فتحه عبثًا كما توقع، أغلقته من الداخل.. ليتفاقم غضبه و هو يضرب الباب بقوةٍ أكبر هادرًا :

-إفتحي الباب ده حالًا يا فاطمة أحسن و الله أكسره فوق دماغك سااااامعة !!!!

لم يسمع منها ردًا سوى النحيب الذي فاجئه و أثار جنونه في آنٍ إلى حد دفعه للصراخ الجهوري متجاوزًا بصوته جدار و جنابات الشقة الأربعة :

-و كمان بتعيطي ؟؟؟
يبقى إللي أنا ظانه فيكي صح. عشان كده قافلة على نفسك كمان.. و حياة أمي لتبقى بموتك الليلة دي. إفتحي يا بت. إفتحي و إلا و ديني لاكون قاتلك. إفتحــــــي !!!!

كان الباب يرتج تحت عنف ضرباته، بينما راح بكائها يزداد، سمع "مصطفى" جرس باب الشقة يدق بإلحاحٍ، ما أنقذ الفتاة المسكينة من جنونه مؤقتًا

إبتعد عن باب الغرفة و ذهب ليفتح هائج الأنفاس محمر الوجه كالشيطان الرجيم ...

-إيه في إيه يا مصطفى ؟؟!!!

كانت أمه.. السيدة "هانم" أول من قابله بهذا السؤال، تراجع للخلف ليكتشف حضور كافة العائلة في إثرها

والديّ زوجته، "إمام" و "نجوى" و إبنهما "علي"

عمه "عبد الله" و زوجته "عبير"

و في الأخير ظهر أبيه من بعدهم يمشي إلى جواره ولده الأصغر.. الشاب "حمزة" ...

-إيه الحكاية يا مصطفى ؟ .. تساءل "سالم" بهدوئه المعهود

-صوتك عالي و مسمع الحتة كلها.. أخوك رزق محدش سمعله حس. مالك إنت بقى ؟!

هذه المرة تمالك "مصطفى" نفسه بجهدٍ جهيد حتى لا يطلق لسانه سبابًا و ألفاظٌ يبرأ اللسان عن وصفها لأخيه و أبيه معًا ...

و عوض ذلك مرر ناظريه على الوجوه ذات التعبير الواحد.. ألا و هو القلق... أخذ نفسًا عميقًا ليهدئ أعصابه، ثم فرد ذراعه مشيرًا ناحية غرفة النوم و قال بصوتٍ غليظ :

وقبل أن تبصر عيناكِWo Geschichten leben. Entdecke jetzt