_ الجزار ! _ "1"

14.2K 793 44
                                    

يجلس بالبهو الكبير إلى جواره تراصت حقائبه، فوق الكرسي التراثي العتيق يضع ساقًا فوق الأخرى، عيناه لا تحيدان عن ساعة الحائط الضخمة أمامه، و لا ينفك يقضم أظافر يده بعصبيةٍ مفرطة

كان من المفترض أنه ينتظر مكالمة من إبنه ليخبره من خلالها بموعد و تفاصيل الرحلة التي أوكله بحجزها إليه من حيث يمكث هو بالولايات المتحدة الأمريكية، لكن مضى نصف اليوم حتى الآن و لم يتلقّى أيّ خبرٌ منه، مما ضاعف توتره و قلقه بشدة ...

إلى أن حانت تلك اللحظة فجأة و دق هاتفه أمامه فوق الطاولة... قفز في مكانه و إلتقط الهاتف مجيبًا بسرعة :

-إيه ده كله يا حسن ؟؟؟؟
كل ده بتحجزلي تذكرة يابني مش قولتلك عاوز أكون قدامك بكرة الصبح بالكتير.. كده و لا بعد بكرة وحياتك !!!!

إنسلّ صوت "حسن" بصعوبة وسط هجوم والده :

-يا بابا بليز إديني فرصة أرد على حضرتك.. أنا ماحجزتش أصلًا أيّ تذاكر !

حسن و قد هربت الدماء من وجهه :

-بتقول إيه ؟!!

-زي ما سمعت حضرتك.. إنت إزاي كان غايب عليك حوار قضية الضرايب المرفوعة عليك هنا في الاستيتس ؟!

توقف "عزام" للحظة و كأنه إصطدم بالحقيقة كمن فقد ذاكرته و عادت إليه بقساوةٍ هكذا ...

-أنا.. إزاي نسيت القضية صحيح !

سمع تنهيدة إبنه و هو يرد عليه بفتورٍ :

-بابا أنا لسا عارف القصة حالًا. بغض النظر إنك مش حاكيلي أي حاجة بس إنت مش هاينفع تخطي خطوة على أرض الإستيتس. هايتقبض عليك فورًا ...

ثم صمت لهنيهة، و قال :

-قولي إنت كنت عايز تيجي أوي كده ليه ؟
في إيه بالظبط ؟ حصل حاجة أو إنت في مشكلة ؟؟
أنا ممكن أنزلك لو محتاجلي بدل ما كنت هاتطلع إنت مخصوص !

رفض "عزام" في الحال هازًا رأسه بقوة و هو يفرك عينيه بسبابته و إبهامه :

-لالالا. تنزل إيه.. خليك مطرحك يا حسن

-طيب صارحني.. أنا حاسس إنك في مشكلة و مش عايز تقولي !!

-لأ يا حبيبي ماتقلقش.. أنا زي الفل. إنت بس إللى كنت واحشني.. غريبة دي ؟!

-لأ. مش غريبة.. بس إنت متأكد إن مافيش حاجة ؟؟؟

سحب "عزام" نفسًا عميقًا كي ما يستطع إقناع إبنه بلهجة أكثر طبيعية :

-مافيش حاجة يا حسن. أنا بقالي سنة ماشوفتكش.. مش عاوزني أشتقلك يعني ؟

-لأ طبعًا مش قصدي.. إنت كمان واحشني يا بوب.. خلاص. أوعدك هاظبط إجازة أول الشهر الجاي و هانزل أقعد معاك حبة جلوين قبل الدراسة ما تبدأ.. قشطة ؟

وقبل أن تبصر عيناكِحيث تعيش القصص. اكتشف الآن