_ اليأس مثلنا ! _ "2"

13K 825 51
                                    

لم يكن أيّ شيء مستبعدًا في هذه اللحظة، لم يكن قد وضع أيّ حدود لتلك المواجهة المرتقبة، بل كان ينتظرها بشدة.. و كأنه يتوق لكسر صندوق الادخار ذاك الذي اختزن بداخله كل خيباته و مرارته و أحزانه

كانت هذه هي الوسيلة الوحيدة كي ما يتحرر من الحالة البائسة التي سجن بها منذ بضعة أيام، الآن سيفعلها.. و ربما بعدها يعود كما كان ...

-خشي جوا يا نسمة !

نطق "رزق" آمرًا بثباتٍ يُحسد عليه، كان يشير لزوجته ناحية غرفة بأقصى الرواق الشمالي، بينما كانت الأخيرة تبكي و تكاد لا ترى بسبب الدموع الساخنة التي تغشى عينيها بالكامل

لكنها رأته و هو يرشدها، فبدون جدال حملت حقيبتها و شقت طريقها للداخل... ليلتفت "رزق" الآن نحو والده و نظرة الاحدي السافر تعتلي وجهه الوسيم

قابل نظرات "سالم" النضّاحة بالغضب ببرودٍ تام و هو يقول :

-هي دي حمدلله على السلامة ؟
لما فتحت الموبايل لاقيت اتصالات كتير منك.. ده أنا قلت وحشتك يعني !

يتمالك "سالم" أعصابه بصعوبةٍ، كان يرتجف قليلًا و قبضتاه مطبقة، غمغم بينما تلوح بعينيه مشاعر العنف و الحنق :

-بص يابني. بمنتهى الهدوء.. لو الكلام إللي قولته دلوقتي ده حقيقي ف انت مافيش قدامك غير اختيارين. يا تتعامل انت مع المصيبة دي و تصلحها بنفسك. يا تسيبني أنا أصلحها بمعرفتي

يعقد "رزق" ساعديه أمام صدره  و يرفع رأسه مستوضحًا :

-يسلام !
طيب بغض النظر عن المصيبة إللي انت شايفها. متخيل مثلًا انت و لا أنا ممكن نصلحها إزاي ؟!

جاوبه "سالم" دون أن يرف له جفن :

-يا تاخدها من سكات و بكرامتها تنزل العيّل ده عند دكتور يا إما أنا هانزله بطريقتي !!!

وقع صمت ثقيل بينهما لم يحيد كلاهما ينظرات الغضب العنيف عن بعضهما، ثم قال "رزق" سائلًا بلهجة هادئة :

-هاتنزله بطريقتك.. عظيم !
إللي هي إزاي بقى ؟!!

قدم له أبيه جوابًا آخر بنفس الاسلوب المجرد من الرحمة و الانسانية :

-ماعنديش في الحتة أكتر من النسوان إللي شغلتهم كده أساسًا.. أو عشان ننجز و يكون أسهل أكتر أخلص عليها خالص. و حالًا !

و أزاح طرف عباءته مظهرًا غمد سلاحه الناري ...

و هنا ينظر "رزق" إلى أبيه نظرة وحشية صِرف، تعلو حشرجة الهيجان في صدره للحظات، أخذ يضغط و يحك أضراسه بقوةٍ، و بعد صمتٍ سحيق... اقترب من "سالم" خطوتين، و مد يده لامسًا سلاحه بطرف أنامله و هو ينظر إليه بعينين ضيقتين

ثم قال بصوتٍ خالٍ من أيّ شعور :

-في اللحظة إللي بتكلم فيها عن حتة مني
بتكشف عن سلاحك ؟
عاوز تقتل إبـنــي ؟؟؟؟؟؟

وقبل أن تبصر عيناكِWhere stories live. Discover now