_ كأس زعاف ! _

Start from the beginning
                                    

-يعني. كلك مفوهمية يا ست هانم.. أبويا راجل وحداني. و إنتي مراته. لما تطلعي شقته و يتقفل عليكوا باب.. مش لازم تديله حتة إغراء كده ؟

و غمز لها ...

لتكتم "هانم" شهقة خجلة و هي تضربه على مقدمة رأسه موبخة :

-آه يا سافل.. يا قليل الأدب. أنا أمك ياض.. مش عيب عليك تقول كده ...

ضحك "مصطفى" بانطلاقٍ قائلًا :

-إهدي طيب. إنتي زعلتي ليه ؟ أنا بوعيكي. إفرضي أبويا باعتلك عشان تقعدوا قعدة صفا. يقوم يلاقيكي بالعباية السمرا دي و قمطة الراس إللي مابتتغيّرش ! .. ثم قال بجدية :

-ياما فوقي لنفسك. شجعيه لو في دماغه حاجة.. كفاية شبابك إللي ضاع علينا و إنتي لا مؤاخذة في اللفظ يعني مرمية هنا زي البيت الوقف. لا حصلتي مطلقة و لا متجوزة

نظرت إليه بشيء من الصدمة، فواصل باصرارٍ قوي :

-أنا عارف كل حاجة. مش أنا بس.. كل إللي حوالينا فاهمين القصة كويس. سنين كتير عدت. عمر بحاله.. أكيد نسي و لو شوية إللي شاغلة باله. مابقولكيش هيني كرامتك. بس جربي. إرمي الكرة في ملعبه مرة أخيرة. و شوفي هاترسى على إيه ...

الدموع في مآقيها، هزت "هانم" رأسها مبتسمة بوجه إبنها.. ليقول الأخير بعد أن طبع قبلة فوق جبهتها :

-أنا نازل.. دعواتك !

ليست بحاجة لتذكرته، فهي لا يشغلها سوى الدعاء له و لأخويه، هما كل حياتها

حياتها الخربة كما استحى أن يوضح أكثر ...

هذه التصريحات كلها لم تفعل بـ"هانم" شيء إلا تكثيف شعورها بالخذلان و القهر، ما جعلها تنهار باكية كدأبها منذ تزوجته، مرضٌ عضال لا علاج له و لا براء منه.. إذ للأسف شديد

هناك حقيقة لا يمكن أن تنكرها.. هي تحب "سالم الجزار"... تحبه من صميم قلبها !!!

______________

في المقهي الشبابي بحي الجزارين ...

وقف "رزق" عند إحدى النوافذ ذات الوجهة الزجاجية المعتمة يجري بعض المكالمات الخاصة بالأعمال التي تخلّف عنها طوال الفترة الماضية، ثم فرغ أخيرًا بعد أن لبث نصف ساعة من مكالمة لأخرى، و ها هو يلتفت وراءه

ليرى الصالة ذات الاضاءات الصفراء و كأنها أقرب شكلًا لنوادي الليل.. و لكن تلك خاصة بالرجال فقط

كان "علي" ينتظره عند البار، في الواقع هو كان يقف خلف البار يعد بعض الكؤوس الخاصة بحرفيةٍ متقنة، مشى "رزق" صوبه بتؤدة، بينما يصيح "علي" يستحثه :

-زيح قشر البيض إللي ماشي عليه ده ياخويا.. ما تمد شوية يا رزق. كل ده بتعمل مكالمة !!

يرد "رزق" بفتورٍ و هو يجلس فوق مقعدٍ عالٍ أمام البار المصنوع كله من الخشب و المعدن :

وقبل أن تبصر عيناكِWhere stories live. Discover now