و إستدار صوبه من جديد ساحبًا بيده الساطور الكبير مجيبًا على سؤاله بنفسه :
-بالساطور ده. قطعله إيديه.. الشمال و اليمين. من الكف للكتف.. و عشان يبقى عِبرة رجعه الحي تاني و فضل عايش.. لحد إنهاردة موجود. مش عارف ممكن تكون شوفته و لا لأ.. و مش عارف أصلًا إذا كنت هاتشوف حاجة تانية في حياتك غير وشي ده !!!
و أخذ يقترب منه ببطءٍ كثعبانٍ عملاق زاحفٍ... بينما "عزام" من شدة خوفه خشى لو أنه يستسلم حتى للاغماء الذي يلح على حواسه.. و بقى فقط يحدق ملء عينيه بجلاده و هو على وعي تام بفداحة الورطة التي أوقع نفسه بها، حين قرر الذهاب لعقر دارهم و إثارة لبؤتهم الشرسة الجريحة ...
-أبويا قطع للحرامي إيديه ! .. قالها "رزق" و هو يسحب مقعدٍ آخر ليجلس فوقه بالعكس
مقابل "عزام" أسند ذقنه فوق ظهر المقعد و هو يرفع الساطور نصب عينيّ ضحيته و هو يستطرد بقتامةٍ و قد صار صوته أكثر قساوة و غلظة :
-تخيّل أنا هاعمل فيك إيه.. لو ماتكلمتش و قلت الحقيقة. قول الحقيقة و جايز تخرج من هنا على رجليك.. أسكت أو أكدب... و حياة إللي خلقني و خلقك. طبيبك هو !
___________
أحسّ "سالم" بالغضب يتصاعد بداخله ليدفعه في الأخير إلى إلقاء هاتفه بعنفٍ صوب الأريكة التي لولاها لأنكسر و تناثر إلى قطع صغيرة ...
في البادئ لم يرد إبنه على إتصالاته، ثم أغلق هاتفه نهائيًا.. و الآن... حتى الرجال الذين أرسلهم إليه ليقوموا مقام سمعه و بصره عند إبنه هم أيضًا لا يجيبون إتصالاته !
لقد بدأ القلق يساوره بشدة... ترى ماذا يحدث بالضبط !!!!
الجواب عندها هي.. و هو لا يطيق الإنتظار أكثر من ذلك ...
لم يضيع "سالم" لحظة أخرى و صعد رأسًا إلى شقة إبنه، قرع الجزار مرتان و وقف منتظرًا و هو يحرك مسبحته بين أنامله مرددًا عبارات الاستغفار ...
دقيقة واحدة و إنفتح الباب ذي رائحة الغراء الطازج، لتظهر "ليلة" من خلفه متشحة ببيجامة من الستان الأسود اللامع، شعرها منسدل بنعومة للوراء، و قد وضعت طبقة تأسيس من مسحوق التجميل ترابي الملمس لتخفي آثار الشحوب و البكاء الذي ورّم عينيها الواسعتين ذات الأهداب الطويلة و الشبيهة بأعين الغزال
لا شك بأنها جميلة حتى في اسوأ الأحوال، و لكن "سالم" إرتاب أكثر في هذه اللحظة عندما تأكد من وجود كارثة.. و نظر إليها كما لو أن غريبة عنه و هو يقول بجمودٍ مقتضب :
-معقول العروسة هي إللي تفتح !
أومال فين جوزك يا ليلة ؟؟ردت "ليلة" بعدم إتزانٍ واضح و هي تزرر قميص البيجامة من الأعلى :
-أنكل سالم !
أهلًا بيك. اتفضل ادخل.. رزق زمانه جا آ ا ...-إنتي عارفة إن رزق مش جاي دلوقتي ! .. قاطعها "سالم" بفجاجةٍ مفاجئة و قد عاوده الغضب من جديد
YOU ARE READING
وقبل أن تبصر عيناكِ
Romanceلستُ برجلٍ يُعاني من داء الكآبة.. لستُ أناني و لا سوداوي.. بل أنا في الحقيقة يا عزيزتي شيطانٌ تائب تراجع عندما لم يجد فيك مأخذا و أقبل عندما أبى في غيرك تقربًا
_ الجزار ! _ "2"
Start from the beginning