_ الجزار ! _ "2"

Start from the beginning
                                    

و إستدار صوبه من جديد ساحبًا بيده الساطور الكبير مجيبًا على سؤاله بنفسه :

-بالساطور ده. قطعله إيديه.. الشمال و اليمين. من الكف للكتف.. و عشان يبقى عِبرة رجعه الحي تاني و فضل عايش.. لحد إنهاردة موجود. مش عارف ممكن تكون شوفته و لا لأ.. و مش عارف أصلًا إذا كنت هاتشوف حاجة تانية في حياتك غير وشي ده !!!

و أخذ يقترب منه ببطءٍ كثعبانٍ عملاق زاحفٍ... بينما "عزام" من شدة خوفه خشى لو أنه يستسلم حتى للاغماء الذي يلح على حواسه.. و بقى فقط يحدق ملء عينيه بجلاده و هو على وعي تام بفداحة الورطة التي أوقع نفسه بها، حين قرر الذهاب لعقر دارهم و إثارة لبؤتهم الشرسة الجريحة ...

-أبويا قطع للحرامي إيديه ! .. قالها "رزق" و هو يسحب مقعدٍ آخر ليجلس فوقه بالعكس

مقابل "عزام" أسند ذقنه فوق ظهر المقعد و هو يرفع الساطور نصب عينيّ ضحيته و هو يستطرد بقتامةٍ و قد صار صوته أكثر قساوة و غلظة :

-تخيّل أنا هاعمل فيك إيه.. لو ماتكلمتش و قلت الحقيقة. قول الحقيقة و جايز تخرج من هنا على رجليك.. أسكت أو أكدب... و حياة إللي خلقني و خلقك. طبيبك هو !

___________

أحسّ "سالم" بالغضب يتصاعد بداخله ليدفعه في الأخير إلى إلقاء هاتفه بعنفٍ صوب الأريكة التي لولاها لأنكسر و تناثر إلى قطع صغيرة ...

في البادئ لم يرد إبنه على إتصالاته، ثم أغلق هاتفه نهائيًا.. و الآن... حتى الرجال الذين أرسلهم إليه ليقوموا مقام سمعه و بصره عند إبنه هم أيضًا لا يجيبون إتصالاته !

لقد بدأ القلق يساوره بشدة... ترى ماذا يحدث بالضبط !!!!

الجواب عندها هي.. و هو لا يطيق الإنتظار أكثر من ذلك ...

لم يضيع "سالم" لحظة أخرى و صعد رأسًا إلى شقة إبنه، قرع الجزار مرتان و وقف منتظرًا و هو يحرك مسبحته بين أنامله مرددًا عبارات الاستغفار ...

دقيقة واحدة و إنفتح الباب ذي رائحة الغراء الطازج، لتظهر "ليلة" من خلفه متشحة ببيجامة من الستان الأسود اللامع، شعرها منسدل بنعومة للوراء، و قد وضعت طبقة تأسيس من مسحوق التجميل ترابي الملمس لتخفي آثار الشحوب و البكاء الذي ورّم عينيها الواسعتين ذات الأهداب الطويلة و الشبيهة بأعين الغزال

لا شك بأنها جميلة حتى في اسوأ الأحوال، و لكن "سالم" إرتاب أكثر في هذه اللحظة عندما تأكد من وجود كارثة.. و نظر إليها كما لو أن غريبة عنه و هو يقول بجمودٍ مقتضب :

-معقول العروسة هي إللي تفتح !
أومال فين جوزك يا ليلة ؟؟

ردت "ليلة" بعدم إتزانٍ واضح و هي تزرر قميص البيجامة من الأعلى :

-أنكل سالم !
أهلًا بيك. اتفضل ادخل.. رزق زمانه جا آ ا ...

-إنتي عارفة إن رزق مش جاي دلوقتي ! .. قاطعها "سالم" بفجاجةٍ مفاجئة و قد عاوده الغضب من جديد

وقبل أن تبصر عيناكِWhere stories live. Discover now