و الان .. لننتقم من القبلة بقبلة .

109 3 1
                                    

خرجت ايناس راكضة من مكتب يزن ..جرت على غير هدى الى ان وصلت الى باحة الجامعة فوقعت عيناها على شيخة واقفة مع احدى صديقاتها الامريكيات ..ركضت نحوها بسرعة ثم جذبتها من ذراعها ..استدارت شيخة اليها بفزع : وقفتي قلبي اسم الله علي .ايش فيك ؟
ايناس بكل بلاهة : الدكتور يزن باسني !!
صفرت شيخة و غمزت لها : يا مدوخهم انت
استدات ايناس بنفس البلاهة و استمرت في مشيها لتلحق بها شيخة : استني بس .وين بتروحين الحين ؟
ايناس : مش عارفة
شيخة : تعالي نروح نشرب شي نروق دمنا .
اخذت شيخة ايناس الى الكافيه و طلبت عصيرين لهما ثم جلسا الى طاولة منعزلة .فوشوشتها شيخة: ها احكيلي بالتفصيل  .شنو صار ؟
قصت ايناس على شيخة ماحصل بالتفصيل الممل .
شيخة : و الله مايستحي هاذ الحقير .ماعمل حساب لا لك و لخطيبتو .لا ومسوي نفسو دكتور و محترم و فشخرة على خلق ربنا كانو مافي رجال بالدنيا غيرو ...ماعلينا ايش بتسوين انت الحين ؟
ايناس : مش عارفة ..الحمد لله انو مافاضلش غير اسبوعين الامتحانات و السنة المهببة دي تخلص .
و قد كان ذلك ..فلم تلتق ايناس بيزن طيلة الاسبوع الاول لكن دقات قلبها بدأت بالتسارع ابتداء من عطلة نهاية الاسبوع ..علمت بأن لقائهما حتمي يوم امتحان مادته ..سيجعلها هذا تتوتر اكثر ..لن ينفعها ان تكثف الدراسةمادام التوتر قادما من الدكتور نفسه لا من مادته..فكرت كيف سيكون لقائهما ..مالذي ستقوله ان تحدث اليها ..هل سيعتذر منها .. رباه كم تتمنى ان لا يعتذر منها مجددا ..من يديري ما سيكون اعتذاره هاته المرة ..هي لم تطلب منه اعتذارا حتى ..اكتفت باقناع نفسها بأن قبلته على خدها كانت مجرد قبلة اخوية او قبلة صداقة فأذا به ينفي حسن ظنها بقبلة اعمق و ابقى في الذاكرة ..تعلم الان لما نصحها احدهم من قبل بأن لا تضع عطرا معينا لمقابلة غرامية ..تذكرت هي التي لم تنوي ايا مما حدث النصيحة بينما يبدو بأنه هو لم يسمع بها يوما ..فعطره لا يزال عالقا بخلايا ذاكرتها يضغط على فصها الصدغي ليوهمها بأنها تشم عطره حتى في غيابه ..امضت نهاية الاسبوع في غيبوبة تتذكر فيها ادق تفاصيل اللحظة ..نامت و استيقظت لتجد نفسها في قاعة الامتحان تحمل بيدها المرتجفة قلما بينما تعلقت عيناها بهيئته الفارعة التي توزع ارواق الامتحان ..طاولة ..طاولتان ..ثلاث طاولات .. ثم وصل اليها ..وضع ورقتها بكل هدوء امامها و تمتم بخفوت كما فعل مع الجميع : good luck .
انتهى الامتحان و تعمدت ان تكون اخر من يسلم ورقتها علها تكسب بذلك بعض الوقت معه ..وقفت و تقدمت منه بخطى بطيئة تكاد تكون صامتة ..وضعت ورقتها على مكتبه و هي تمطط حركاتها اكتسابا للوقت لكنه لم ينطق و من دون ان ترفع رأسها اليه غادرت القاعة ،تعلق قلبها بأنه قد يناديها لكن اخر امل لها انقطع عندما وجدت نفسها في اخر الرواق المظلم ..لعنته في سرها ..كيف له ان يتصرف بمثل هذا البرود بعد مافعله ؟ لماذا تجاهلها تماما و كأنه لم يحدث شئ و كأنها مجرد طالبة عادية عنده ..احست بقلبها ينقبض..كيف استسلمت له في تلك اللحظة ..لماذا تركته يقبلها و يحضنها بكل ذلك العنف و كل تلك الرغبة ؟ بالتأكيد ليس ليعاملها بهذا البرود بعد ذلك .
عادت ايناس الى شقة كارلا في نهاية اليوم متعبة ..انتهت سنتها الدراسية الاولى ..طار الوقت دون ان تشعر به ..لكنها لا تستطيع ان تخفي حماستها للعودة الى والديها من اجل العطلة الصيفية و لذلك سوف تقضي الليلة كلها مع شيخة و نادر و كارلا محتفلين في الكافيه ..استحمت و سرحت شعرها لترفعه كذيل حصان متوسط الطول ..وضعت مكياج سهرات خفيف لم يغير بها سوى ان ابرز ملامحها الحادة و ارتدت فستانا صيفيا اسود قصير لبست فوقه جاكيت اسود تدارت به من نسيم الليل ...دلفت هي و كارلا الى الكافيه لتجده مزدحما بالطلبة المحتفلين ..وجدتا طريقهما بصعوبة نحو البار لتجدا شيخة قد سبق و حاصرات نادر بنكاتها المستهزئة به بينما بدا هو مستمتعا بمشاكستها ..جلستا بالقرب منها و طلبتا عصيرا ..مضت الليلة بسلاسة و مرح الى ان قفزت دينا فوق كارلا و حضنتها بمرح : كارلا حبيبتييي الجو هنا تحفة  انا مبسوطة اوي .
ظهر يزن من خلفها  بهدوئه المعتاد : اهلا ..ازيكو ياجماعة
و مد يده ليسلم على كارلا بعدها نادر ثم شيخة ليلقي بها في الاخير الى ايناس التي مدت يدها نحو يده و قد رفعت احدى حاجبيها لكنه تجاهلها .
جلسا مع الجميع في طاولة واحدة ..انشغلت شيخة بالرد بطريقة هجومية على كل مايقوله نادر و بينما خرجت كارلا لترد على هاتفها انشغلت ايناس بمراقبة دينا و هي تحضن يزن و تنشر قبلات متناثرة على وجهه و رقبته ..شعرت بالانزعاج لتقول دون ان تنتبه الى نفسها : احمم ماتخدلكو اوضة لوحدكم يا جماعة .
انفجرت دينا بالضحك : ههه و الله كان نفسي بس الاستاذ هنا رافض .
انتهبت اليهم شيخة و اردفت بدهشة : لا و الله !كذه بذي البساطة ؟
ضحكت دينا مجددا : ههه فيها ايه ده خطيبي و الصيف الجاي انشاء الله هيبقى جوزي .
نظرت اليه ايناس بتحدي : و الله ؟ مبروك يا دكتور .ابقى اعزمنا ..ده احنا حتى اصحاب .
اجابها يزن بكل برود : اكيد .. احنا مش هنعزم كارلا و نسيبك انت مثلا .
ايناس و قد احست بحصونها تتراجع  و باختلاف نبرة صوتها : متشكرين يا دكتور ده العشم برضو .
ثم اخذت جاكيتهاو وقفت : انا هاخرج اشم شوية هوا .
وقفت ايناس خلف المبنى و اسندت رأسها الى الحائط ..اغمضت عينيها و استنشقت دفعة كبيرة من الهواء ..انتفضت بعدها لاحساسها بشخص يقف امامها ..فتحت عينيها لتجده متكئا الى الحائط بجانبها .. صمتت و انتظرت ان يبادر بالكلام .. مرت دقائق و لا شئ غير الصمت .
-ايه؟ لحقتني ليه؟
-مش عارف .
-كنت خليك مرتاح مع خطيبتك .
-..........
وقفت ايناس من على الحائط بمقابلة وجهه .اقتربت منه و هي تتحدث : يعني  ماحصلش حاجة فعلا في المرتين للي فاتو ..مجرد حاجة تافهة فاتت و نسينها و خلاص ..مش كده ؟
رفع رأسه ببطئ اليها بينما مازالت عيناه على الارض ..فواصت : تبقى مين ايناس دي ؟ مجرد طالبة عندك و اخت صديقة  ليك و خلاص خلصت الحكاية ...انت اه تبوسها بس ماشي مش هنعمل منها حكاية ..حنا نتجاهلها و خلاص ..
رفع عينيه نحوها عندما لفظت تلك الكلمة بدهشة لتفاجئه باقترابه السريع منه ..الصقت شفتيها بشفتيه ..قبلته بكل مافي قلبها من غضب و كره تجاهه ..شهر بنفسه مخدرا لوهلة لكنه لم يستطع ان يمنع نفسه عن هاته الفاكهة المحرمة التي تفرض نفسها عليه بكل جرأة و خوف في ان واحد ..استسلم لها ثم بادلها قبلتها ثم حين رفع ذراعيه ليحضنها دفعته بكل قوة و انفصلت عنه ..ادارت وجهها الى الطريق لتجد رصيفا مليئابسيارات الاجرة ..ركبت احداها و انطلقت بها تاركة اياه في اوج دهشته .. و رغبته .
صباح تلك الليلة ركبت ايناس الطائرة و غادرت الى مصر لقضاء العطلة الصيفية .

نيويورك Where stories live. Discover now