اهلا في كنف العائلة

341 6 0
                                    

في بيت الحج عبد المعز كانت مجموعة من النسوة و كذا طفلين صغيرين يذهبن و يجئن  في اروقة المنزل رغم تأخر الليل على نغمات صراخ امرأة تبدو متألمة جدا و مع بزوغ شمس النهار سمع الجميع بكاء طفلة ولدت للتو في هذا الوقت من صباح احد ايام ابريل جاءت الى الدنيا ايناس عبد المعز ثالث اطفال الحج عبد المعز و زوجته سميرة و تمر الايام  على سقف هذا البيت الطيب و تمر السنين تجري على هاته العائلة السعيدة فيكبر الاطفال و يتمدرسو و يتفوقو كما و يتناثرو في  بلدان العالم المتفرقة تاركين بصمتهم اينما حلو رافعين اسم والدهم في سماء الفخر فكارلا البنت الكبرى هي طبيبة متخصصة في الاورام فبعد ان تفوقت في امتحانات الثانوية العامة دخل عليها والدها ذات صباح و اخبرها بأنه يتمنى لو تكمل ابنته دراستها في الخارج فالحج عبد المعز و على عكس اقرانه في القرية جل مايمتع ناظريه هو رؤية البشر نشطين كالنحل لا يتوقفون عن العمل او العلم هو نفسه بعد ان شاءت ظروف عائلته ان يتوقف عن الدراسة و يتوجه الى سوق العمل في سن صغيرة .عاد و هو ابن الثلاثين سنة ليكمل تعليمه و يدخل الجامعة ليتخرج منها بشهادة في التجارة قام بفضلها بافتتاح مجموعة محلاته المتناثرة هنا و هناك و بفضل دعمه المعنوي و المادي اكملت كارلا دراستها في اعرق جامعات العالم : جامعة هارفارد لتتهافت عليها عروض العمل بعد تخرجها و تستقر في ولاية نيويورك لتعمل هناك .اما صهيب الابن المتوسط فهو طالب  في جامعة كامبردج ببريطانيا ينهي عامه الاخير في ادارة الاعمال غير انه في هاته العطلة الصيفية يتنقل بين دول جنوب اسيا الفقيرة في مبادرة من منظمة اليونيسيف لتعليم الاطفال الغير متمدرسين بالقرى النائية .اما ايناس بطلة قصتنا فقد انهت قبل شهر امتحانات الثانوية العامة و هاهي تنتظر النتائج على احر من الجمر .
ايناس اصغر ابناء هاته العائلة كانت صورة طبق الاصل عن امها و ان كانت  الطفرات الجينية  قد لعبت دورها  و غيرت لون بشرتها فأمها البيضاء ذات العيون الخضراء بمظهرها المسالم جدا تقابلها ايناس ببشرة حنطية تكاد تكون سمراء بنفس لون العيون و تقاسيم الوجه غير انها تبدو شرسة جدا .الامر الذي يدهش كل من يقابلها فكل هاته الشراسة ماهي الا مظهر خادع .الفتاة كانت اهدئ من ان يلاحظها احد تسمع اكثر مما تنطق تحب مراقبة الناس و تحليل طريقة كلامهم و تصرفاتهم : لماذا قال فلان هذا الشئ لماذا عبر عنه بهاته الكلمات و لما رافق كلامه بحركة اليدين هاته ؟
و قد كان من النادر رؤية الفتاة و يداها خالية من كتاب علاوة على حبها للمطالعة كان ذلك بمثابة وسيلة دفاع نفسي فكلما لاحظت شخصا يحدق بها تظاهرت بانشغالها بالقراءة .كان اما ذلك و اما ان تفقد توازنها و لا تعرف كيفية المشي بعد ذلك .كتلة من الخجل و الانطوائية كانت .بها كثير من اللطف و قليل من الاندفاع لا تبادر بالكلام ان لم يوجه اليها اولا و لان المظاهر خداعة مرة اخرى فانها مع المقربين منها من اصدقاء و عائلة عرض بهلواني متحرك لا يخلو كلامها من النكات و الافيهات .

**صباح الاعلان عن نتائج الثانوية العامة **
استيقظت ايناس متأخرة فهي لا تريد ان تعيش ساعات طويلة من التوتر تناولت وجبة الغداء مع عائلتها ثم التم الجميع في الصالون بانتظار النتائج .الحج عبد المعز و زوجته فوزية على الاريكة الطويلة بينما ايناس تجلس على السجادة تحتهما .جدتها نادية على كرسي هزاز يجلس بحضنها حفيدها سعد ابن خالة ايناس و مقابل الجميع و على شاشة الحاسوب كل من كارلا و صهيب على برنامج السكايب  كانت الفوضى و الاحاديث العشوائية تعم المكان و ثم فجأة صمت الجميع تلته صرخة مدوية و ايناس تقفز تكاد تقع بحجر والديها زغروتة من فوزية .تصفيق و صخب من كارلا .تصفير من صهيب و دموع على خد الحج عبد المعز ." ايناس عبد المعز الظافري : ناجح بامتياز : 99% .
بعد مرور موجة الهرج و المرج جلس عبد المعز مع ابنته في هدوء
- ها يا ايناس لسه نفس الحلم بتاع زمان ؟
- هو هو يا بابا
-و الجامعة ؟
- انا عايزة اروح لكارلا
-قصدك نيوورك ؟
-اه يا بابا هي احسن جامعة و هتوفرلي فرص اكتر و كمان انت عارفة اني ببقى نيللي كريم اويفي نفسي  و انا لوحدي ف كارلا معايا هيكون افضل .غير ان بيتها موجودة و مش هزنقك في ايجار و مصاريف و لا انت شايف ايه يا حج ؟
- هشوف ايه يعني يابنتي الخيرة فيما اختاره الله اتوكلي انت على ربك و ان شاء الله خضرة قدامك و خضرة وراكي
ا
بعثت ايناس بطلب التحاقها بهارفرد و اعاد سيناريو الفرحة نفسه في البيت يوم قبولها و قد بدأت بتحضير كل مايلزمها للسفر ففي هذا اليوم خرجت مع صديقتيها ندى و ريان لبعض من التسوق
ندى : انا رايح فيه انا راجع تاني .احنا مش كنا دخلنا المحل ده قبل كده
ايناس : ااه البلوزة الصفرة دي انا شفتها قبل كده
ريان : لا انت شفتي محمد هنيدي فصعيدي في الجامعة الامريكية عشان ان شاء الله انت هتعيشي الفيلم على ارض الواقع
ايناس و ندى تضحكان
ايناس : لا بس انا اطول منو حبتين ههه
انتهت كل التجهيزات و حان يوم السفر .رافق الجميع ايناس الى المطار و عادو و الشوق قد بداء يملئ قلوبهم بعد ان غادرت الطائرة .
**في الجهة الاخرى من العالم **
ايناس تنزل على ارض المطار و تمعن في الغفور المتداخلة باحثة عن كارلا التي اتت لاصطحابها الى المنزل و فور ان رأتها ارتمت في حضنها
كارلا : ايه ده انت لسه بتلزقي في خلق الله ؟
ايناس: اه تصدقي ؟ الكورونا و معرفتش تربيني
كارلا: و لا عرفت ترحمني من ريحتك .ايه ده انت بقالك قد ايه ماستحميتيش ؟
ايناس: لا ياختي انا ريحتي زي الفل .حتى شمي .دي ريحتي جوز هند
كارلا: لا سيبك دي هند مطلقة من 2010
ضحكت الاختان و ركبتا سيارة كارلا باتجاه المنزل .وضعت ايناس رأسها بتعب على زجاج النافذة و هي تشاهد المدينة تنزلق امام اعينها .ايناس سافرت الى نيويورك لتحصل على شهادتها في علم النفس و تعود الى كنف والديها و لكن مالذي تخبئه لها هاته المدينة ؟ و كيف ستقضي ايامها بين هاته البنايات العالية و الشوارع التي لا تنام ليلا و لا نهارا ؟ هل حياتها الهادئة المسالمة ستتغير ؟ و  الاهم من هذا هل هناك شخص في هاته المدينة سيغير حياة ايناس ؟ و ربما يغير ايناس  ذات نفسها ؟

نيويورك जहाँ कहानियाँ रहती हैं। अभी खोजें