المشهد 65

4.5K 190 54
                                    

منذ تلك المقابلة بين سلمى وأحمد وهي لم تذق للنوم طعما لا تصدق أبدا أن والدتها سلوى تشن عليهم حربا لتنفذ وصية لا يعلمون لها صلة بهم !


طوال الأسبوع الفائت لم تغادر غرفتها مطلقا ...لا تستطيع الخروج من تلك الحالة منذ هذه المحادثة التي جرت بينها وبين أحمد ..

تتذكر حين أوصلا سيف للمنزل واطمئنا أنه خلد إلى النوم ..بعد أخذ جميع أدويته وتناول طعامه ...يستأذن سليم ليعود مجددا للعمل وهي تتعجب من حالة أخيها الجديدة المداومة على العمل هذه الأيام ...لكنها أجلت مواجهتها له وسؤاله كي لا تتأخر على موعدها مع أحمد ...تستقل سيارة أجرة وتتحرك نحو المطعم المتفق عليه ...
وجدت أحمد هناك كأنه ينتظرها منذ مدة ...ولم يبد وجهه كما يقابلها دوما مشرقا متألق يشتهي مناكشتها أو السخرية منها ...
يبدو مهموما ...أرق ..متوتر ...حتى أنه ألقى السلام عليها ببرود لم تعتده منه ...
وضعت حقيبتها جانبا وجلست ...
تنتظر منه أن يبوح بما جاء به اليوم ...لكن عيناه تزوغ يمينا ويسارا كأنه يحاول العثور على بداية مناسبة لهذا اللقاء ...فبادرت هي السؤال بفضول :
-" خير يا أحمد ...ايه الحاجة المهمة الي جايبني عشانها !"
-" كارما !"
كانت الكلمة الوحيدة التي خطرت على باله لحظتها ...يراقب ملامح سلمى وهي تحتد ...تكاد تكشر عن أنياب القطة التي تملكها ...
يحاول الدفاع عن أخته :
-" كارما مش وحشة يا سلمى ...ولا تعمدت تجرح سالم ...العكس هو الي جرحها ومع ذلك بتحاول بكل طاقتها متكونش سبب في الضحك عليه !"
تجيب بإندفاع لا تدرك أن نبرة صوتها تحتد أكثر فأكثر :
-" أحمد ..أنا وأنت عارفين أن كارما باعت كل الي بينها وبين سالم في غلطة واحدة ...يمكن الموضوع كل سوء تفاهم بس هي خدته لمجرى تاني نهائي ...وعاندت بل وغالت في العناد !"
لا تستطيع تخيل أن سالم أخيها مصدر القوة في حياتها يبدو بهذا الضعف والإنكسار بسبب إحداهن ..لا تتخيل أن كارما الي استعد سالم من كل قلبه أن يحارب سلوى هانم لأجلها ...تتركه هكذا وتقبل الزواج من عبدالرحمن ..تلك الصدمة التي تجاوزتها بصعوبة وهي تسمع رقية تخبر ترنيم بأخبار كارما ...
قلبها ينتفض بقوة وهي تتلصص الأخبار ..وكل كلمة تحكيها رقية تخبرها كم تشابكت خيوط حياتها وأخوانها !
انتشلها من ذاكرتها صوت أحمد يتسائل :
-" سالم حكالك حاجة !"
-" انت عارف سالم كتوم وعمره ما هيقول حاجة ...بس عنيه بتقول يا أحمد ...بتقول كلام بيوجع قلبي على أخويا وأنا حاسة بجرح كبير أوي جواه ..."
انتفض أحمد هو الأخر ويبدو أن سلمى لا تدرك ما ارتكبه سالم هو الأخر :
-" سالم مش ملاك يا سلمى ...محدش فيهم مغلطش ...محدش فيهم ملوش ذنب ..كل واحد فيهم كسر التاني بشكل أو بأخر ..مش من العدل أبدا إنك تحملي كارما كل دا لمجرد إنه أخوك !"
-" يعني أنا مطلوب مني إيه دلوقتي !"
قالتها بضيق ...غضب تحاول كتمه ...
ينهرها أحمد بحدة :
-" أنا كنت فاكر إنك هتساعديني ...تحطي نفسك مكان أختي ..مش جاية مجهزة حكمك ومحضرة عريضة الدفاع !"
-" إيه المطلوب مني يا أحمد ...حتى لو كان في إيدي أي حل ...كارما مسبتش أي باب مفتوح ..هي إختارت ومحدش من حقه يلومها على إختيارها !"
-" بس لازم تفهمي الدافع ورا الإختيار دا ...!"
-" هيفرق !"
-" على الأقل هتتحول من صورة الجاني لصورة الضحية !"
تعجبت سلمى من تلك الثقة في الدفاع عن أخته ...لتخفض أسلحتها قليلا وهي تمهله فرصة أن يتحدث ليصدمها بأكثر شيئ لم تتوقعه سلمى :
-" الجاني الوحيد في العلاقة دي ...مش سالم ولا كارما !"
-" أمال مين ؟ أمي ؟" قالتها بسخرية ليجيبها بصدق ودقة :
-" للأسف هي مامتك فعلا !"
-" أحمد مش وقت هزار !"
-" ياريته كان هزار !" رفعت سلمى حاجبها بتوتر ...وملامحها تنكمش بضيق ...تنسدل أهدابها وترتفع بتوتر ملحوظ ...
تسأله بدماء هاربة قليلا :
-" بمعنى ؟ إيه علاقة ماما بحاجة زي كدا !"
أول ما جاء ببالها في تلك اللحظة أنها حاولت التفريق بينهما بترهيب كارما مثلا !
لم تتوقع أيا مما سمعته بعد ذلك :
-" سلوى هانم وأميرة هانم والدة رقية ...ورقية نفسها ...خالي تحسين والد ترنيم ...كلهم مجتمعين على تنفيذ وصية جدي عبدالله رحمة الله عليه ...الجد الأكبر للعيلة دي ...فاكراه ؟"
-" الإسم مش غريب عليا ...بس إيه علاقة جدي عبدالله ...بكل دول ..."
-" طنط سلوى تبقى بنت خالة طنط أميرة ...ودي تقريبا معروفة ..ووالدتي إلهام تبقى بنت عمة طنط أميرة الي هي بنت خالها ...وعمي تحسين يبقى ابن خالهم التاني ! فهمتي حاجة !"
-" ولا أي حاجة دي طلاسم مش علاقة أسرية ...دي فزورة صح !"
جاهد أحمد لتوصيل تلك العلاقة المعقدة ...ليكمل جملته :
-" المهم الأربع أحفاد دول كان بينهم مشاكل الدنيا ...فقرر جدي عبدالله يوهب ثروته الي يمكن تتجاوز ملايين للأربعة لو اتفقوا ولموا شمل الأسرة من تاني ..عن طريق انهم يجوزوا أولادهم لبعض ..
فتكون رقية نصيب سليم ...وسالم من نصيب كارما ...ورفعت من نصيبك وترنيم من نصيب سيف ...!"
-" رفعت ؟ ودا ماله بدول ؟"
-" والد رفعت يبقى ابن عم عمي تحسين ! فهمتي حاجة ؟"

عيلة سين Where stories live. Discover now