🍁الفصل التاسع🍁

1K 46 2
                                    



🍁الفصل التاسع🍁

🍁حارس كوابيسها🍁

كانت سراب تخنق شهقاتها تحت وسادتها والغطاء مرتجفة الجسد، تتذكر ما كان منذ ساعات كأول تماس عاطفي فعلي بينها وبين أحمد
لطالما تخيلت قبلتها الأولى... ولم يكن قاطفها سوى أحمد... بأحلام مراهقتها... كان هو البطل.. أي مشهد عاطفي تقرأه في أحد رواياتها الرومانسية... كان يصوّر في مخيلتها فورا كسراب في أحضان أحمد...
بينما أنفاسه تتسارع مقتربا بوجهه منها... كان سؤال واحد يتردد في ذهنها... أسيفعلها...أسيفعلها... أحمد الملتزم... العاقل الرزين... يا الله سيفعلها!!
وفي تلك اللحظة التي سبقت اللقيا... فزع انتابها مخلوطا بالشوق... أستعجبها... أستستحق تلك القبلة كل ذلك الانتظار... أستشابه أحلامها... و .....آآآآآه!!!
آآآآه من واقع يقف ساخرا على أعتاب الأحلام حاملا راية الفوز الجميل... آآآآآه من تلك اليدين المرتجفتين على الوجنتين... آآآآآه من شفتين تكتسحان أسوار الفؤاد والروح محتلتان الجسد... ترتشفان دمعة... وما أسعدك من الدمعة...
باجتهاد تلقت من أستاذها أولى أبجديات الحب... بتفوق تجاوبت مع الألف والباء والتاء... بلجة الشوق تاهت... وضاعت بأنفاس تداعب العنق تدغدغ فيها الأنوثه...
بغيبوبة حسية لبّت... فما عرفت متى تاهت منها اليدان على صدره الخافق... رعدة
أصابته فأخترقتها...
على ذات الصدر غرست... آآآآآه هادرة منه اخترقت السحب متزامنة مع دفء غريب تسلل من خصرها مرتفعا برعونة الى....
تصلب جسدها وفتحت عينيها تنظر اليه تبحث فيه عن بعض الاطمئنان فترى منه ما أيقظ فيها وترا من الخوف... رأته متوسع الأحداق محمر الوجه... متعرق الجبين...بينما يخرق المكان بتهدج الأنفاس... أنفاس لاهثة متناحرة...
نظر لها بعيون تائهة.. غائبة.. وباصرار عاود الاقتراب.. لتخترق لاؤهها الوعي عنده والادراك!!
كمن استيقظ من حلم جميل على دلو من الماء البارد كان هو...
تذكر تصلبه وصمته طويلا يجاهد الأنفاس ليقول بعدها بصوت بارد مشدود دون أن يعاود النظر الى وجهها: سراب قومي من وجهي!!
كانت كمن أخذ اذنا بالفرار... وقفت بسرعة متجاهلة النبرة الباردة والجفاء لتتجه نحو الباب بخطوات متعثرة... وصلها صوته مناديا ليقول لها بعدها: حاولي تصيري توزني كلامك قبل ما تحكي...
هزت رأسها كطفلة مطيعة واتجهت نحو الباب ليناديها مرة أخرى طالبا منها اعادة ترتيب هيئتها الذي تبعثر قبل النزول، نفذت ما قال وما ان خرجت من الحمام حتى وجدت الشقة خالية!!
بعدها تجاهلها طوال السهرة جالسا مع أبواهما فيما ظن باقي من كان حاضرا معهم الموقف الذي حصل في شقتهم أنّ تجهمهما سببه تقريعه لها على ما قالت برعونة...
في ذات الوقت كان أحمد يقف أمام النافذة في غرفة نومه نافثا دخان سيجارة كان قد أخذها من علبة يوسف تحت أنظاره المندهشة!!
كتمة تخنق أنفاسه... لا يعلم ما الذي يضايقه أكثر... انفلات مشاعره بهذا الشكل غير المسبوق ولا ... المسموح.... أم أن تكون هي من توقفه!!!
كيف سمح لنفسه بهذا العمر الذي هو فيه أن يتصرف بشكل لكان خجل منه مراهقا؟!!! أين سيطرته التي لطالما فرضها على نفسه مانعا نفسه من زلة الحرام؟!! أهي رائحة الحلال ما زينتها له... أم أنّ حرمانه الذي طال جعله كطفل جائع محروم سولت له نفسه السرقة بمجرد أن شم رائحة الطعام؟ أم هي ببساطة فراشته السمراء ما يشتاق؟
كل الخطأ يقع على والدها الذي فرض عليه هذا الحصار بامتناعه عن عقد القران... ويا الله لكم يحقد عليه الآن بعد أن تذوق القليل من شهدها!! ما تلك المشاعر التي جرفته... من أي نهر من العسل المصفى أرشفته...
قبلة زادته جوعا... زادته كرها لما بقي من أيام... أيام طالت حتى ما عاد قادرا على الصبر... نعم... هو ذلك الصبر ما خذله فصبّ جام غضبه على سمراءه الجميلة!!
لا يدري ما الذي حصل له عندما أوقفته... أشعر بالخيبة أنها لم تغيب كما غاب؟ ماذا... ألم تعجبها القبلة؟ بلى أعجبتها وذابت بين يديه كعجينة مخمرة بيوم صيفي ولكن... أهو الخوف؟
رمى أحمد عقب السيجارة من النافذة متوجها نحو هاتفه بعزم وشفقة تتآكله على تلك التي ودعته منذ ساعات بنظرة رطبة... بالتأكيد هو الخوف ولا شيء آخر... لقد أثار رعبها بلحظة شوق منفلت ناسيا أو متناسيا أنها بفنون العشق أميّة!
اتصل بها عالما أنها لن تنام دون ان يفعل هذا... انتظر قليلا حتى فتح الخط ولكن دون أن يصله صوتها المشاكس المشتاق... ابتسم بحنان وقال: شو بفهم من هالحكي انه البلبل مش ناوي يسمعنا صوته؟
وصلته نتهيدة مرتجفة غير متبوعة بكلمة فأكمل: دلوعتي ليش ساكتة؟
شهقة طويلة اخترقت أذنه مع بكاء ناعم... رق قلبه عليها ولعن نفسه بحالته التي تلبسته تلك بعد ما حصل فبعد ان انفجر قليلا بها منفسا عن شوقه لها ببعض الغضب عليها... استمر بتجاهلها وذلك خوفا على الرماد غير المنطفيء باعادة اشتعال ان كلمها من جديد...
وصلها صوته بلهفة محروقة: ليش ليش الدموع؟
اهتمامه الواضح شجع المزيد من الدموع لديها وقالت من بينهم بصوت مبحوح: زعلانة منك!!
رعشة أصابت قلبه... سرابه تغضب منه... طفلته تجافيه... لا والله لن يكون!!!
قال لها كمن بخاطب طفلة: شو يعني بطلت تحبيبني؟
أجابته وقد لانت نبرتها: هأأأة (لأ) مو بطلت أحبك بس زعلانة منك!
أجابها ملطفا نبرته أيضا: لو سوسو بتحب مودي كان ما بتزعل منه
ضحكت سراب من بين دموعها قائلة: عأساس مو عاجبك أدلعك مودي
ضحك أحمد وقال بنبرة من لا حيلة له: أمر القوي عالضعيف شو بدي أعمل!!
سكتا قليلا ليتنحنح هو قبل أن يقول: سراب!!
بادرته: روحو!!
قهقه بمعزوفة رجولية داعبت أوتار قلبها... قال: يا روحو وقلبو وعيونو انتي
وأكمل بمشاكسة بينما صوته يتهدج بالذكرى: بتعرفي أنك كتير زاكية!!
شهقت سراب بخجل بينما يعود لها كل ماحصل متوشحا بالوردي
طاغيا على كل الألوان الأخرى... فتعود نبضاتها تتقافز بخجل مع الذكرى اللذيذة...
نامت سراب تلك الليلة ببسمة سعادة تزين سذاجتها... كيف لا وقد أخبرها الحبيب عن شوقه لها... عن ذنب جمالها وأنوثتها التي لا تقاوم... التي أنسته عقدا شرعيا مفقودا بينهما... أخبرها أنه لم يكن غاضبا انما مشتاقا... ملهوفا... محتاجا، فيما نام هو وفي قلبه رجفة... خوف!!!
.................................................. .................................................. ........

عيون لاتعرف النوم (ج1 من سلسلة مغتربون في الحب) لِـ "نيڤين أبو غنيم"Waar verhalen tot leven komen. Ontdek het nu