🍁الفصل الأول🍁

1.8K 55 5
                                    


🍁الفصل الاول🍁

🍁هجرة قهرية🍁

انفتح باب غرفة نومها دون إذن، رفعت غزل رأسها عن كتابها باستغراب شديد فلا أحد يجرؤ على دخول غرفة نومها هكذا أبدا! ليس منذ .. نفضت غزل أفكارها بعيدا وهي ترى وجه خالتها الشاحب والمغرق بدموعه، رمت قلمها على المكتب وقامت لخالتها تمسكها من كتفيها وجرتها معها تجلسها على سريرها بغطائه الأبيض متسائلة: ماما شو في مالك ليش بتعيطي؟
قالت خالتها بصوت مخنوق: بدّو إياهم!
تشوشت ملامح غزل الصافية إلا من بعض لمحات حزينة لتستفسر: مين بدّو مين؟
قالت أم أحمد موضحة: عمك بدّو ولاده، قال اتصلوا على أحمد و كرم مشتاقلهم و حابب يشوفهم قبل ما ....
وانفجرت خالتها من البكاء ولم تلاحظ الشحوب الشديد الذي اكتسى وجه غزل وهي تهمس: كرم؟!
غرقت غزل في موجة من الكآبة عمرها أربع سنوات، مجرد ذكر اسمه أعاد لها موجة هائلة من الألم و إحساس هائل بالذل والمهانة، جرت غزل نفسها بقوة من هوة ماضيها الأسود وهي تسمع خالتها تقول: عمك بودّع يا غزل، بودّع ...
شهقت غزل وقالت بقوة : لااا .. لا تحكي هيك! بعيد الشر عنو، الله يعطيه طولة العمر، بكرة بيشفى إن شاء الله وبيرجع متل ما كان و أحسن
تنهدت خالتها قائلة بحسرة: أبوك تعب خلص يا غزل، السرطان هدّ بدنو وسلّ عافيتو, احنا لازم ندعيلو انو الله يخفف عنه ويهون عليه أيامه اللي ضايلتله..
انفجرت هذه المرة غزل وخالتها أو أمها كما اعتادت أن تناديها معا بعاصفة من البكاء الحزين، وبعد مدة ليست بقصيرة كفكفت أم أحمد دموعها لتقول ببعض المنطق: لازم هلأ أهم شي نعمل متل ما بدّو أبو كرم ونتصل على أحمد و كرم بأميركا، لازم ييجو بسرعة يشوفوا أبوهم
همست غزل ووجهها ببشرته البيضاء يزداد شحوبا: وراح يرضى ييجي؟
تغضنت ملامح خالتها الدافئة متسائلة: قصدك كرم؟ بصراحة ما بعرف بس لازم ييجي, خلص ما عاد في وقت, والغلط اللي صار زمان اجا الوقت انو يتصلح، عمك لازم يريح ضميره قبل ما يسلم أمانته، غزل الله يرضى عليك بعرف قديش هالموضوع راح يكون صعب عليك بس لازم كلنا نيجي على حالنا شوي عشان نريح أبوك.
ركزت خالتها أم احمد على كلمة أبوك لتذكرها كيف أن عمها أبو كرم كان لها دوما نعم الأب وخير السند كما كانت هي لها أكثر من أم منذ أن توفي أبوها و أمها و أخوها الصغير حمدي منذ ثلاثة عشر سنة. لم تختلف حياتها في وقتها كثيرا سوى انه أصبح لقب يتيمة إضافة دائمة لاسمها ليذكرها دوما بأنها أصبحت بل أب أو أم.

تربت غزل تقريبا منذ ولادتها في بيت عمها أبو كرم، وكانت لها خالتها أما وعمها أبا بكل ما أغدقاه عليها من حب ودلال، والديها أحبا بعضهما اثر تصادفهما كثيرا في بيت عمها إذ اعتاد والدها زيارة أخيه أبو كرم عدة مرات في الشهر وفي كثير من هذه المرات كان يلتقي أمها التي تقوم أيضا بزيارات لأختها أم أحمد، والصدف تكررت وكثرت وبعد القليل من المناكفات من أبيها وكثير من الدلال من أمها تزوجا حال أن أنهت أمها دراستها للتمريض. عندما أنجبتها والدتها تعبت كثيرا بسبب ضعف صحتها ورقة بنيتها التي أورثتها ابنتها فأخذت خالتها على عاتقها العناية بها مع ابنها يوسف الذي كان يبلغ من العمر في ذلك الوقت أحد عشر شهرا, عمل أمها كممرضة بمناوبات ليلية أحيانا وسفر أبيها المتكرر بسبب عمله كسائق نقليات بري بين الأردن والعراق جعلها تقضي أغلب أوقاتها في بيت عمها، تناديهم ماما وبابا، تلعب مع يوسف، يلاعبها احمد، وتدلل عمر الذي يصغرها بأربع سنوات

عيون لاتعرف النوم (ج1 من سلسلة مغتربون في الحب) لِـ "نيڤين أبو غنيم"Where stories live. Discover now