لا يزال "سالم" محافظًا على إبتسامته الخفيفة و هو يقول بفتورٍ استفزازي :
-لو كنت هاعتب عليك في حاجة يا باشا ف هاتكون على سوء ظنك في أصلي ! .. ثم قال بقسوةٍ تعززها نظراته الواثقة :
-مافيش حد في بر المحروسة مايعرفش عيلة الجزار.. و على راسهم أنا. سالم الجزار إللي النطق بسيرته بس يهز رجالة بشنبات ..
و لوى ثغره بابتسامة خبيثة و هو يشير ضمنيًا لشارب الباشا الكث المنمق :
-مع إحترامي لسعاتك يعني.. عمومًا أنا عاذرك. لأنك لسا ماعرفتنيش كويس
إبتسم الباشا بتهكم قائلًا باستخفافٍ :
-إطمن. أنا نظرتي ماتخيبش.. و عمر رأيي فيك ما يتغير. أنا واثق إن بنتي هاتفوق لنفسها بسرعة و ساعتها هايبقى مني ليك يا.. يابن الجزار
هز "سالم" رأسه مجاريًا إياه و قال :
-مني ليك دي في أي وقت يا باشا.. بس إللي عاوزك تتأكد منه. إني هاشيل كاميليا في عنيا و في قلبي. أنا بحبها بجد. و لو أطول أجبلها من السما حتة
و من جديد ساد صمتٍ آخر... بقى الباشا خلاله يرمق "سالم" بنظراته الثاقبة.. إلى أن قال مادًا عنقه للأمام قليلًا يحذره و يرهبه في آنٍ :
-كاميليا بنتي الوحيدة. و من بعد موت أمها بقت هي إللي بقيالي. من صغرها طلباتها مجابة و زي ما بتقولوا بالبلدي هي الحيلة.. لو فكرت في يوم تزعلها لأي سبب. أو تئذيها بأي شكل ...
-ماتقلقش يا باشا ! .. قاطعه "سالم" و طمأنه هكذا
-بنتك مش هاتشوف في حياتها معايا إلا كل الهنا إن شاء الله !
°°°°°°°°°°
و على هذا النحو إستمرت المعركة الصامتة بين الرجلين و بيّد أن النزاع على "كاميليا" لن يخمد أبدًا بوجود كلاهما بحياتها.. إذ لا بد أن ينسحب واحدٌ منهما حتى ينتهي، و لكن الأمر غالبًا لا يسير بتلك البساطة
تم الزواج خلال مدة قصيرة، و أقيم حفلٍ عائلي بسيط بمنزل العروس ضم قسمًا من عائلتها المرموقة، و إخوة العريس الثلاثة قد حضروا من بلدتهم أيضًا.. رغم أن "سالم" أبدًا لا يظهر مشاعره للأخرين
إلا أنه عليه الإقرار بأن لولا مجيئ إخوته لكانت أصابته خيبة أمل و حزنٍ شديد.. صحيح لم يكن ليعبر عنه بأي طريقة... لكن آثاره كانت لتبقى غائرة بداخله لأمدٍ طويل
لكنهم في النهاية جاءوا و عاضدوا أخيهم بحيث لم يتسنى للباشا التفوّق عليه من أيّ جانب.. كان ندًا له... و بأخر السهرة صافحه "سالم" و في عينه لمعة الإنتصار
عروسه تتأبط ذراعه و بدوره يأخذها من بيت أبيها و حصنه المحرم لتعيش تحت سقف بيته هو كزوجة و شريكة له.. شريكة في كل شيء ...
أنت تقرأ
وقبل أن تبصر عيناكِ
Romanceلستُ برجلٍ يُعاني من داء الكآبة.. لستُ أناني و لا سوداوي.. بل أنا في الحقيقة يا عزيزتي شيطانٌ تائب تراجع عندما لم يجد فيك مأخذا و أقبل عندما أبى في غيرك تقربًا
~ ¤ تمهيد ¤ ~
ابدأ من البداية