~ ¤ تمهيد ¤ ~

Start from the beginning
                                    

-تتجوزيني !

جحظت عيناها و هي ترمقه بذهولٍ محاولة إستيعاب ما يحدث كله ...

من هذا المجنون ؟ بِمَ تفوّه للتو ؟ هل طلب منها الزواج حقًا... غريب يظهر أمام وجهها من العدم.. يطلبها للزواج بمدخل العمارة و بهذه الطريقة اللامعقولة !!!

من يكون بحق الله !!!!

°°°°°°°°°°°°°

-سالم الجزار ! .. قالها معرفًا عن نفسه بتفاخرٍ لا ينأى عن الغرور

كان يجلس بصالون منزلها، يضع ساقٍ فوق الأخرى.. أمامه يجلس والدها الباشا.. رجلٌ أشيب في أرذل عمره... لكنه لا يزال محتفظًا بهيبته و عنجهيته المتوارثة بعائلته عثمانية العِرق.. أصيلة الحسب و النسب.. رفيعة المستوى ذات الثراء الفاحش

تركيبته الأرستقراطية المتغطرسة لم تكن عصية الفهم على رجلٌ مثل "سالم الجزار".. فهو منذ أبدى رغبة في الزواج من كريمة هذا البيت، تمكن بسهولة من تخمين شخصية والدها لحظة أن تلقّى جوابًا بالرفض لأول مرة على طلبه

لولا أن تشبثت الإبنة بقرارها بل و أقدمت فعليًا على الإنتحار بقطع شرايينها.. أنقذوها الأطباء بشقّ الأنفس و قد أدرك والدها بأنه ليس أمامه خيارٌ آخر غير الإذعان لمشيئتها

في النهاية هي إبنته و وريثته الوحيدة.. ليست لديه أيّ نيّة لخسارتها... لذا وافق على مقابلة ذاك الشاب الأدنى شأنًا و مكانةً بالمقارنة بابنته و به هو شخصيًا.. بنظره كان الاختلاف بينهما مثل اختلاف المشرق و المغرب.. رغم أن الأخير أوضح له بأنه ثري أيضًا و يمتلك بعض المنشآت الشهيرة

لكنه ظل بعينيّ الباشا صغيرًا.. مثل صرصورٍ كما نعته مرةً أمام إبنته ...

-أنا عارف إنت مين ! .. قالها الباشا بلهجته الجلفة النزِقة

جللت تعابير الأزدراء وجهه و هو يستطرد ممعنًا في تحقيره :

-أحسن تكون فاكر إني ممكن أسمح لكل من هب و دب يدخل بيتي بالبساطة دي..و الحقيقة بردو إنك غير مؤهل للدخول. و في ظرف تاني و لا عمرك كنت تحلم تقعد قدامي حتى

يتكلّف "سالم" الابتسام و هو يرد عليه ببرودٍ :

-بس أهيه الظروف حكمت يا باشا. و أديني قاعد قدامك. في بيتك.. و يشرفني طلب إيد الأنسة كاميليا بنتك.. و ده بعد موافقتك و مباركتك طبعًا

شد الأخير على فكيه و هو يصعقه بنظراته، ليقول فجأة بغضبٍ بَيّن :

-منغير سخافات و كلام متزوّق مالوش لازمة.. إنت عارف كويس إني إستحالة أوافق أو أبارك جوازك من بنتي. أنا مش عارف إنت طلعتلها منين. و إزاي هي بصت لواحد جربوع زيك لا له أصل و لا فصل

حلّ الصمت بينهما للحظاتٍ، وحده الباشا من ظهر عليه الانفعال المضمر.. بينما "سالم" هادئ... مسالم كأسمه.. لم يكن من السهل إثارته على أيَّة حال.. على عكس الأخير

وقبل أن تبصر عيناكِWhere stories live. Discover now