الفصل السابع عشر

1.7K 87 5
                                    

من رحم الثقة تتولد الخيانة

ومن جوف الاخلاص يُلفظ الغدر

على قدر حجمهما يكون الوجع

وعلى حجم قسوتها تكون الخسائر

فالخيانة موت مؤكد للنفس دون قتال

صغير كان يستعجل الأيام كي يكبر، والآن يترجى الأيام أن تعيده حيث طفولته وتنساه هناك.

جسد متشنج.. أعين زائغة.. نظرات غامضة.. وذهن شارد!

هكذا كان حاله وهو يقف مكتفًا ذراعيه خلف ظهره مشددًا على قبضتيه بقوة، أعلى التلة المشرفة على مملكته بالكامل.

لولا أنفاسه الثائرة وصدره الذي يعلو ويهبط لظنت أنه استحال إلى صخرة من الصخور التي تحاوطهما.

تنهدت ليان بعمق وهي تقف خلفه، تاركة له الوقت ليهدأ عقله بعد كل ما مر به، صدمته في أقرب الأشخاص إليه ليست سهلة، تركته يصب كامل غضبه ولم تلُمه على أي فعل صدر منه؛ لأنها على تمام الاقتناع أن مأمون يستحق ما آل إليه مصيره. لكن ما لن تسمح به أن ينجرف في نوبة الندم وفقدان الثقة وهذا ما جعلها تأتي به إلى هذا المكان الذي تعتبره مكانهم السحري.

هنا علمت نيار الحقيقي، قلبه وحبه.. وهنا ستحافظ على ألا يتغير هذا الشخص!

اقتربت منه بخطوات متمهلة وثوبها الأسود المخملي يتطاير بفعل نسمات الهواء مع خصلاتها بعدما تخلت عن وشاحها، وضعت كفها على كتفه فشعرت بانتفاضته الطفيفة كأنها انتشلته من تفكير عميق لكنه لم يلتفت إليها ونطق لسانه بهمس متسائلًا :

- "أشعر أن صدمتي في أقرب الناس إليّ ما هو إلا جزاء ضعفي في عدم إلغاء القانون، وذنب هؤلاء الفتيات اللاتي أُخذن بسببه!

جزاء صمتي وعدم الوقوف بجانب أخي منذ خمس سنوات"

شددت على كتفه فقبض على فكيه بقسوة وأغلق جفنيه كمن رأى مشهدًا مرعبًا يحاول نسيانه..

أليس ما مر به هو الأشد رعبًا!

فتح عينيه ونظر إلى نقطة التقاء السماء بالأرض في الأفق البعيد يكمل بشجن :

- "لكن عقاب الله شديد يا ليان!"

لا تريده بهذا الهدوء، هدوؤه يرعبها.

تريده يصرخ، يخرج ما في قلبه، أي شيء بعيدًا عن هذا الهدوء المخيف!

علمت أنه لن يتحرك إلا إذا بادرت بشد لجام الوحش الكامن بداخله ليتحرر منه، فقالت بنبرة مستفزة وبرود مصطنع لاح في عينيها :

- "أنت ملك هذه البلاد نيار، بأمر واحد منك تجعل الجميع يتهافتون على إطاعتك!

مقارنةً مع مكاسبك لا أعلم ما هي خسارتك حقًا؟!"

أولته ظهرها تقف أمام بلامبالاة زائفة، تنظر إليه بجانب عينيها وقد شعرت بانتفاضة جسده مندهشًا غاضبًا :

سارية في البلاط الملكي للكاتبه هدير مجديحيث تعيش القصص. اكتشف الآن