الفصل الحادي عشر

1.9K 96 6
                                    

الفراق..

القاتل الصامت

القاهر الميت

والجرح الذي لا يبرأ

نار ليس لها حدود

ولا يشعر به إلا من اكتوى بلهيبه

لسانه الدموع

وحديثه الصمت

السماء ملبدة بالغيوم واللون الرمادي منتشر بالأرجاء

حشد كبير في المقابر الملكية خلف تابوت أسود كبير يرقد فيه جثمان مارية.

الجو يسوده الحزن والألم، شهقات بكاء تصدح بين الحين والآخر من نساء المملكة اللاتي أتين لمشاركتهم اللحظة بعد أن أعلن نيار أنها ستُدفن في مقابر العائلة وكأنه بهذا يعتذر على تقصيرهم في إنقاذها.

الجميع يرتدي الأسود إلا بدر الدين بجلبابه الأبيض الي لم يتخلَ عنه.

نيار وإلياس اللذان يقفان بالصف الأول بجانبهما مأمون وجاد وكبار الرجال في المملكة، الكل يقف مؤمنًا على دعاء بدر الذين الواقف أمام التابوت يبكي على ما آل إليه مصير ابنته الثانية، وقلبه يكتوي بنيران الألم على ابنته سارية الواقفة وسط ليان ووسام كل منهما تبذلان ما في وسعهما للتخفيف عنها.

ولكن من بوسعه أن يخفف من النيران التي أحرقت روحها لا تملك ما يكفي من القوة إلا ما يجعلها تقف على قدميها، تمسد قلبها بألم تشعر أنه نبضه سيتوقف ليجعلها تلحق برفيقتها.

عينا إلياس لم تتركاها ، لولا كبريائه ومكانته لبكى إشفاقًا على حالها!

أنهى بدر الدين دعاءه بتربيتة خفيفة على سطح التابوت كأنه يودعها بقلب مشتاق، ونظر إلى ابنته في صمت أن تتقدم.

تقدمت بخطوات بطيئة مترددة وكأن باقترابها ستؤكد لنفسها حقيقة تهرب منها فحتى الآن لا تصدق أنها تركتها ورحلت!

ألم تتعاهدا على البقاء معًا فلمَ خالفت عهدها معها الآن وهي التي طالما حافظت على عهودها؟

بين الخطوة والأخرى يتراءى أمامها حياتهما سويًا.. صوت ضحكاتها يتردد في أذنيها، دلالها وغنجها، توبيخها لها بعد كل مغامرة وتهور!

كيف رحلت وتركتها وهي التي لم تفعلها يومًا؟

توقفت خطواتها ، رفعت كفها المرتعش وأصبحت لا ترى أمامها شيئًا من كثرة دموعها، جثت على ركبتيها وأحاطت التابوت بذراعها تسند وجنتها على سطحه وشهقاتها تشق كبد والدها وتشعل النيران في قلب زوجها ليضغط على عينيه بقوة ليسيطر على نفسه كي لا يحرق الدنيا بغضبه حتى يأتي بالقاتل.

حركت كفها على السطح كأنها تحتضنها هامسة بصوت ضعيف مجروح :

- "غابت شمسك عن سمائي يا صديقتي، فأصبح الكون كلّه ظلامٌ دامس"

سارية في البلاط الملكي للكاتبه هدير مجديWhere stories live. Discover now