الفصل الثاني

3.1K 108 2
                                    

دارت ودارت!!

ابتعدت مئات الأميال خاضعة لتدابير القدر وصفعات الحياة.

لكن المصير مكتوب فوق جبينها!

ففي قانون الحياة لا وجود للصدفة

حتى هذا المسمى يخضع لدستور القدر وتدبيره.

فمهما ابتعدت المسافات

وطال الزمان

ستعود بقدمها إلى مصيرها الذي لا مفر منه.

على قدر المشقة تكون مغانم الرحلة

وعلى قدر السهولة والاقتناص الخاطف

تكون تفاهة الحصاد.

عزيف الرياح جعل حفيف الأشجار يسود المكان

أنفاس خيلها الخافتة يركل الأرض بأقدامه يدور حول نفسه لتتحكم به بقوة، تراه جاثيًا على ركبة واحدة ممسكًا بكتفه المجروح النازف تتخلل خطوط الدماء من بين أصابعه، تستطيع تمييز صعوبة تنفسه من لهاثه المستمر وحبيبات العرق تنزلق بغزارة فوق جذعه العاري.

بأعين جاحظة ونظرات غير مصدقة تفاجأ نيار بما حدث، ينظر إلى الفهد الملقى بجانبه وسط بركة كبيرة من الدماء النازفة من رقبته بصدمة، ثم التفت للشخص الذي رمى الخنجر يزوي ما بين حاجبيه وجده يمتطي خيل أبيض جميل، لم يظهر منه غير جانب وجه!

جذبت لجام خيلها واستدارت لتذهب فصدح صوته من خلفها مناديًا :

- "من أنت يا هذا؟

ومن أين أتيت؟"

أجبرت مهرتها على الوقوف لتقف على قدميها الخلفيتين وصهيلها يرتفع، فالتفتت سارية بجانب وجهها ولم تجبه ليتابع بقوة يضغط على موضع الألم:

- "هل أنت أبكم أم ماذا؟

تحدث وأخبرني من أنت حتى أستطيع شكرك على إنقاذ حياتي؟!"

أعطته ظهرها بعدما ألقت إليه منديل أبيض يمنع نزيف ذراعه، وقالت بصوت أنثوي مثير :

- "أنجِ بحياتك يا هذا.. فالمكان ليس آمن.

اليوم وجدت من ينقذك، من يدري هل ستجد أحدًا في الغد أم لا؟"

- "أنتِ فتاة!"

همس بصوت مصدوم غير مصدق ملتقطًا المنديل منها، لكن همسه وصلها فابتسمت لنفسها وأولته ظهرها هاتفة بنوع من السخرية :

- "أظن أن حياتك أهم من هويتي، فتاةٌ كنت أم رجل لا يهم.. اذهب وعالج جرحك قبل أن يتمكن النزيف منك"

ثم انطلقت بمهرتها بكامل سرعتها تاركة إياه في ذهول.

كلماتها الأخيرة يتردد صداها في أذنه..

نظر للمنديل في يده بجبين متغضن ثم رفع نظراته إلى الطريق الذي غادرت منه فلم يجد لها أثرًا غير صوت أقدام مهرتها تصله..

سارية في البلاط الملكي للكاتبه هدير مجديTahanan ng mga kuwento. Tumuklas ngayon