الفصل الحادي عشر

Start from the beginning
                                    

استندت بجبهتها عليه تكمل همسها من بين شهقاتها:

- "قتلوكِ غدرًا أختاه، قتلوكِ دون رحمة!

لا أصدق أنني لن أسمع صوتك يرنّ في أذني، ولن أرى صورة وجهك الحبيب ثانيةً!

لمَ تركتيني؟

ألم نتعاهد؟

فلمَ أخلفت وعدك معي؟

أقسم أن الألم يشق صدري أيرضيكِ يا توأم الروح ألمي الآن وأنا التي لم أهن عليكِ يومًا"

رفعت رأسها للسماء مغلقة عينيها بقوة ودموعها أنهار على وجنتيها هامسة بقلب مكلوم :

- "رحمتك يا الله.. اللهم صبرًا، اللهم صبرًا"

ثم طبعت قبلة على التابوت قبل أن تستجيب لحضن والدها الذي جذبها إليه يبثها الأمان والطمأنينة التي تريدها طابعًا قبلة طويلة على رأسها ولسانه يدعو لها وله بالصبر.

اقتربت ليان من نيار تقف بجانبه فتلمح بعينيه حزنًا لم تره بهما من قبل!

لم تتوقع يومًا أن يُظهِر ملكها تلك المشاعر وهو الذي عُرف بالجمود.. لكن وفاة تلك الفتاة شق قشرة صلابته، تعلم أنه يحمل نفسه جزءً من الذنب عندما لم يعثر عليها.

وضعت يديها على ذراعه تشد عليه ليناظرها بألم وذنب يشق عينيه لتربت عليه والدموع تملأ عينيها.

مر جاد بعينيه على الحضور وهو يحمد الله على عدم مجيء رقية وخديجة، فالوضع لا يُحتمل.. سارية على وشك فقدان صوابها والله وحده أعلم برد فعل إلياس الآن على أي استفزاز قد يمسها، فرغبته بالقتل تبدو جلية على وجهه وستكون الملكة وشبيهتها هدف مناسب لتفريغ تلك الطاقة.

وقعت عينيه على وسام التي تحتضن ذراعيها إلى صدرها والدموع تحفر أخاديد على وجنتيها تراقب سارية بإشفاق، فتألم قلبه على حالها وحال صديقته!

اللعنة على من كان السبب فقط ليقع بين يديه وليرحمه الله فهو سيفعل هذا لو لم يسبقه إلياس.

لم ينتبه إلى زوج الأعين التي تراقبه منذ أن ظهر بجانب ملكه، تراقب وقفته وملامحه، لنظراته التي تحوم في المكان تحسبًا لأي خطر!

كانت أروى مأخوذة به منذ أن وقعت عيناها عليه!

تشعر بالأسى مما حدث لكنها لم تبكِ ولم تتأثر لموت الفتاة لكن الأمر نفسه يدعو للحزن، تنهدت ووقفت بجانب صديقتها وسام تمسك كفيها تؤازرها.

وبجانب جاد يقف مأمون ثابتًا، يضع كفيه فوق بعضهما أمامه يرفع أنفه شامخًا وملامحه لا تُقرأ.. صامتًا غامضًا كعادته.

أتت لحظة الدفن وفُتح التابوت لإخراج جثمانها فلم تتحمل سارية وآمالها أن يكون كابوسًا تتبخر وشقت صرختها الملتاعة باسم صديقتها عنان السماء وتنتهي قوتها لتسقط مغشيًا عليها وكأن روحها قد احترقت بما يكفي من الألم فيقرر العقل أن الهروب هو الحل.

سارية في البلاط الملكي للكاتبه هدير مجديWhere stories live. Discover now