الفصل التاسع

Start from the beginning
                                    

أما سارية فنظرت إلى والدها تناديه بقلبها أن يرفع عينيه لها، فاستمع القلب ولبت العين النداء.

فتهدلت أكتافها بضعف وتوسل أن يخبرها أن كل ما يحدث خيال، هي لم تتزوجه، لكن ابتسامته لها ثم رفع رأسه للسماء وشفتاه تحمد الله جعلتها كالميتة مكانها، لا تصدق أنه فعل هذا بها!

لا تصدق أنه وافق على هذا الهراء!

نظرت بصدمة إلى الجمع الحاشد بالساحة الذي هلل وصرخ مصفقًا فرحًا بزواج ملكهم العادل وعلى اختياره.. فالناس مجدّتها منذ أن وقفت وواجهت الجميع بظلمهم وقالت ما لم تستطع ألسنتهم النطق به، وظلوا يدعون لها أن تنجح في مهمتها حتى لا يطالها قانونهم الظالم.

وكأن الله أستجاب لهم ليأتي إلياس ويحميها منه على حد اعتبارهم، لم يفطنوا أنه لو كان حُكم عليها بقطع رأسها أو الزج بالسجن أفضل من ارتباطها به.

لم تفق إلا على يد ليان فوق كتفها لتنظر لها بدهشة كمن تراها لأول مرة، فنظرت لها بحنان مشددة على كتفها لتهمس سارية بتيه :

- "كنتِ تعرفين بهذا الأمر!"

هزت رأسها بالنفي عدة مرات تقول بصدق :

- "بالطبع لا.. لو كنت أعلم لما كنت سأوافق، لقد تفاجئت مثلك تمامًا"

أمسكت وسام كفها تبثها نوع من الهدوء تعلم أن عاصفتها قادمة لا محالة، لينتبه الجميع لصوت نيار الذي أمر أن تمتد أيام الاحتفال لأسبوعين احتفالًا بالاتحاد والزواج.

أفاقت من صدمتها في هذه اللحظة فاستدارت بعاصفة تخرج من منصتها وخطواتها سريعة، يدها تمتد تنزع الوشاح من فوق رأسها تقذفه على الأرض، وأتبعته بتاجها تنظر إليه بغضب ثم قذفته ليرتد في الحائط، خلفها وسام تحاول اللحاق بها ثم أمسكت بذيل ثوبها وأسرعت لجناحها.

أمسكت وسام ذراع إحدى الجواري تطلب منها إخبار بدر الدين أن يحضر لابنته في الحال فأسرعت الجارية في طريقها.

دلفت بعدها إلى الجناح لتراها تلتف حول نفسها كمن تبحث على شيء ملامحها تعكس غضب قلبها، ونظراتها تعصف بنيران دواخلها، حاولت أن تتحدث:

- "سارية أهدأي بالله عليكِ.."

فصرخت بقوة وهي تستدير لها، خصلاتها تنتشر على وجهها الأحمر بشدة وعيناها تقدح بالغضب والشر :

- "تطلبين مني الهدوء يا وسام وأنا أكاد أحرق الأخضر واليابس؟"

ابتلعت بصعوبة ترى كم الغضب الذي ينبعث منها فحاولت أن تتحدث، لكنها صرخت تضع كفيها فوق أذنها عندما وجدتها ألقت بعلبة من الكريستال في المرآة الكبيرة لتنكسر لقطع صغيرة وسمعتها تقول :

- "لا.. لا يمكن أن يحدث هذا الشيء، أنا لن أصبح زوجته مستحيل!

أنا لن أُسجن في هذا القصر طيلة حياتي والمسمى ملكة!!"

سارية في البلاط الملكي للكاتبه هدير مجديWhere stories live. Discover now