سُقُوطْ الْأَقْنِعَةْ || The...

By ftoma5000

93.8K 7.5K 8.9K

قَدْ تَنْقَلِبُ الْحَيَاةُ رَأْساً عَلَى عَقِبْ فِي غَمْضَةِ عَيْنْ، أَوْ تُكْشَفُ أَسْرَارُهَا فِي لَحْظَةٍ... More

~الْمُقَدِّمَةْ~
1~حَيَاتِي
2~جُونْغْكُوكْ
3~الْبَحْثْ عَنْ وَظِيفَةْ
4~بِدَايَةْ جَدِيدَةْ
5~لِقَاءْ مُبْهَمْ
6~مَسْكَنِي الْجَدِيدْ
7~صُدْفَةْ أَنْقَذَتْنِي!
8~شُرُوذْ وَإِنْتِبَاهْ
9~مُطَارَدَةْ وَتَحَدِّي
10~فُوبْيَا الظَّلَامْ؟!
11~سُوءْ فَهِمْ!
12~خَبَرٌ مُحْزِنْ
13~النِّهَايَةْ وَالْبِدَايَةْ؟!
14~أَشْعُرْ بِالشَّفَقَةْ وَلَكِنْ...
15~نُقْطَةْ تَحَوُّلْ
16~مَشَاعِرْ مُبَعْثَرَةْ!
~لِقَاءْ مَعَ الشَّخْصِيَّاتْ 1~
~أَجْوِبَةْ الشَّخْصِيَّاتْ عَلَى أَسْئِلَتِكُمْ 1~
17~بَحْرٌ مِنَ الْعَوَاطِفْ
18~وَهَلْ يَنَامُ الْقَمَرْ؟!..
19~إِشْتِبَاهْ
20~ تَقَمُّصْ أَدْوَارْ!
21~قَلْبٌ يَئِنُّ وَيَصْرُخْ
22~أَحَاسِيسٌ مُرْهَفَةْ...
23~جُولْيَانَا...
24~جَوَانِبْ خَفِيَّةْ!
25~صِرَاعُ الْأَفْكَارْ!
26~نِصْفُ الْحَقِيقَةْ..!
27~سِرُّهْ..!
28~إِنْقِشَاعُ الضَّبَابْ...
30~ذَوَبَانُ الْجَلِيدْ
~لقاء مع الشخصيات 2~
~أجوبة الشخصيات على اسئلتكم 2~
31~مَلَامِحُ السَّعَادَةْ
32~تَعَارُفْ وَإِرْتِبَاطْ
33~بِينْكِيبَايْ
34~تَجَاذُبَاتْ وَأَحَادِيثْ
35~إِنْتِقَامُ الْعَاقِلْ
36~وَدَاعْ لَطِيفْ
37~دَافِئْ كَصَيْفِ حُزَيْرَانْ...
38~إِتِّخَاذُ الْقَرَارْ
39~جُولْيَانَتِي...لَا تَبْكِي
40~أُمِّي...هَذِهِ حِكَايَتِي
تنويه هام 1
~معرض الصور 1~
~معرض الصور 2~
~معرض الصور 3~
~معرض الصور 4~
الرواية الجديدة
تنويه هام

29~سُقُوطْ الْأَقْنِعَةْ

1.4K 135 319
By ftoma5000


قراءة ممتعة🧡

﴿نَعَمْ...أَعْتَرِفُ بِأَنِّي فَشِلْتُ فِي الإِحْتِفَاظِ بِالْبَعْضْ، لِأَنِّي لَمْ أَرْتَدِي الْأَقْنِعَةْ، كُنْتُ أَظُنُّ أنِّ الصِّدْقَ وَالنَّقَاء يَكْفِي﴾

- راقتني💫



●•●•●•●•●•●•●•●•●•●

- مالذي تقوله تايهيونغ؟!

- كلامي واضحٌ للغاية! من أكون؟..ومن تكون ايرين بالنسبة لنا؟..ومن هي أمي؟!
تحشرجت نبرته بإختناق آخر حديثه بفضل غصةٍ قد علقت في حلقه.

إبتلع القط لسان والده وإكتفى بالتحديق نحوه.

حل صمتٌ مريب بينهما عدا عن حوار لغة الأعين، الى أن تدخّل جين فجأة!

- أبي...ما من مجال لإخفاء الأمر أكثر! يجب أن تُكشف الحقيقة!
خاطب والده المشدوه بلهجةٍ جادة، فطالعه تايهيونغ بنظراتٍ مضطربة مما يحدث، بينما يقبض كلتا يديه حتى إبيضّت أنامله!..هل الجميع يعلم عداه هو؟!..هل كان يعيش طوال هذه السنين في كذبة؟!..لم يستطع فهم أي شيء!

ظل والده جامداً لفترة متجنباً التواصل البصري مع إبنه الذي تكاد تخور قواه أرضاً، ثم إزدرد ريقه وأغمض عيناه بوهن.

- تايهيونغ بني...أنت تعلم بأنني أحبك كثيراً.

- لا تقدم لي أي مبرراتٍ واللعنة! أريد معرفة الحقيقة فحسب! سئمتُ العيش كالغبي دون أن أعرف من هي عائلتي حتى!
صرخ حتى كادت أوداجه تتقطع...برزت عروق رقبته وإحمر وجهه حتى كاد ينفجر، كما وقد غُلّفت عيناه بطبقةٍ دموعٍ لامعة...إنه لشعورٌ مؤلمٌ بحق!

رمش والده عدة مرات قبل أن يقف عن كرسيه ويبلل شفتيه المتيبستان كلياً، بينما يداه قد أبتا التوقف عن الإرتعاش.

- جين...إذهب وأخبر ايرين عن حقيقة قاتل والدتها، ثم إذهبا الى السجن سوياً حتى تثبتا براءة والدها، وخذ هذا الظرف كدليل...إذهب بني.
تقدم جين وأخذ ذاك الظرف قبل أن ينظر بقلقٍ نحو شقيقه الذي قد فغر فاهه لما سمع تواً...لا يزال هناك الكثير من الصدمات.

تتبّع تايهيونغ طيف جين الى أن غادر، وما إن أُغلق الباب حتى نظر لوالده بمعالم كستها الصدمةُ والسخرية رفقة عيناه المنذرتان بفيضٍ من الدموع.

- ماذا؟! هل أنت أيضاً خلف مقتل والدة ايرين!
هل دعوتها للعيش في وكر ثعالب ماكرة؟!

إبتلع والده ريقه مرةً أخرى، ثم وبنظراتٍ مترجية قال:
- بني...إسمعني حتى النهاية أرجوك! وأقسم لك بأنني سأوضح كل ما حدث...فقط إسمعني!

ظل تايهيونغ واقفاً مكانه بسكون، إلا أنّ نظراته لم توحي سوى ببركانٍ سيثور في أي لحظة لينسف كل شيء أمامه!

راقب والده هدوءه، فعاد للجلوس وبدأ في سرد الحقيقة المؤلمة لإبنه الذي يكاد يفقد صوابه!

- قبل كل شيء انا هو والدك الحقيقي، ولكن ريونغ ليست كذلك! كما ولا ذنب لها في كل ما حدث، صدقني!..هي أيضاً لا تعلم بالحقيقة الكاملة!

- رائع...إذاً انا لست الوحيد من تم التلاعب به هنا!
نطق كلماته الساخرة وسط صرير أسنانه، فترجاه والده للمرة الثانية حتى يتوقف ويسمعه:
- أرجوك بني، لا تقاطعني! دعني أُنهي كلامي أولاً،
انا...انا نادمٌ حقاً!

لم يُجبه تايهيونغ، بل ظل يناظره بذات الطريقة، الى أن عاد هو للإفصاح عن باقي الحقيقة:
- والدتك كانت إمرأةً قد أحببتها بكل جوارحي!..لا بل عشقتها حد الجنون!
كنت أعرفها قبل أن أتزوج والدتك ريونغ بالفعل، وقد كنا في علاقةٍ جادة مآلها الزواج والإستقرار، لكن جدك لم يوافق على هذا القرار!
لقد رفضها وبشدة، وبحجة أنّ الفتاة لم تكن تناسب مستوانا وطبقتنا البرجوازية!
فعلت المستحيل حينها ولكنني لم أنجح، فقد هددني جدّك بتدمير حياتها إن لم أبتعد عنها...خِفت عليها كثيراً، لذا قررت تركها حتى لا أؤذيها، ورغم كل هذا لم أنساها!
دبّر لي جدك مواعيداً لا تحصى ولا تعد مع بنات عائلاتٍ مرموقة من أجل المصالح التجارية، إلا أنّي كنت أرفض الإرتباط بأي فتاةٍ أخرى عاداها هي، لكنه أجبرني على الزواج بوالدة أشقّائك في النهاية!
لم أكن أريد حدوث هذا ولكنني أضطررت بفضل إستعمال أمِّك كورقةٍ رابحة ضدي، ولم يكن بوسعي سوى أن أرضى بالواقع المرير وأتزوجها حتى أحمي محبوبتي من جبروت جدِّك!
عانيت كثيراً في حياتي ولم أستطع نسيان حبي لها حتى وبعد أن رُزقت بشقيقك جين...كنت شاباً صغيراً حينها ولا أعرف الصواب من الخطأ! فإنصعت خلف قلبي وعدت لها...وهي لم ترفض لأن حبها لي كان أعمى!
كانت تعيش في بوسان، لكنها هربت وأتت إليّ، خبّأتها في منزل الغابة دون علم جدك، وبدأت أزورها كلما سنحت لي الفرصة، عائلتها قد عارضت هذه العلاقة أيضاً، وذلك من بعد هروب إبنتهم وعدم قبولها بالعودة إليهم...لقد وقف الجميع في وجه حبنا حينها!
كنت أنانياً ولم أفكر لا بأم طفلي ولا بطفلي نفسه!
مرت الأيام وتوالت بلياليها ووالدتك في منزل الغابة، وبعد مدةٍ إكتشفت بأنها حاملٌ بك، كنت سعيداً للغاية وهي أيضاً، وقد كنا نبني سقف أحلامنا على جدرانٍ مهشمة دون أن نعلم، فبعد مُضيِّ تسعة أشهر ولدتك أمك وقد توفيت أثناء الولادة،ولم أعرف حينها ما أفعل!
لم أشأ تركك والذهاب كأي جبانٍ خائف لأنك أبني وآخر ما تبقى لي من ذكراها، كما ولم أنسى توسلها لي وهي تلفظ آخر أنفاسها حتى لا أتخلى عنك، فلم يكن أمامي سوى المجازفة وجلبك الى القصر!
كذبت على الجميع وأخبرتهم بأنك إبن صديقٍ عزيزٍ عليّ قد توفي وطلب مني في وصيته الأخيرة أن أربيَ إبنه وأتبناه تحت إسم عائلتي...إنطلت عليهم كذبتي، وصدقوها الى حد هذه الساعة!
وبهذا أكون قد حافظت عليك وحققت رغبة والدتك الراحلة...آسف بني.

جثى تايهيونغ على ركبتيه من هول الصدمة!

عيناه ترتعشان، بينما قطرات دموعه أخذت تتسابق على وجنتيه دون حساب...لم يستطع تقبل هذه الحقيقة المؤلمة أبداً!

هو لم يتخيل بأن صدفةً كهذه قد تطرق أبواب حياته فتردي بها دماراً وحطاماً من مشاعره!


أغمض والده عيناه سامحاً لدمعتيْهِ بالنزول على هذه الذكرى الأليمة...لقد عانى بصمتٍ طيلةَ هذه السنين...ولوحده!

- هل...هل كنت أعيش في كذبةٍ طيلة هذه السنين؟!
هل كنت فرداً دخيلاً في القصر منذ ذاك الوقت؟!
لما الجميع يعلم بهذا عداي انا؟!
صرخ بحدة حتى أغمض والده عيناه بقوة وقبض يداه.

إزداد إنهمار دموعه كالسيل وهو جاثٍ على الأرض بلا حولٍ ولا قوة بينما أظافره كانت قد غرست في كفي يديه بالفعل!


- والدتك ريونغ ظنتك إبن صديقي كل هذه المدة، أما شقيقاك فلم يكونا على علمٍ بأي شيء، لقد ظنا بأنك شقيقهم من الأب والأم! جين علِم منذ يومين فقط! اما لورا فهي مُغيَّبة عن كل شيء.
أوضح له والده بنبرةٍ متحشرجة إثر دموعه، وبعينان مغمضتان أيضاً، حتى لا يرى إبنه بهذا الحال!

إهتز جسد تايهيونغ معرباً عن بكائه الصامت الى حين صدوح صوته وهو يتألم، فبدأ بضرب صدره معاتباً أباه:
- ألا تعلم ما مقدار الألم الذي أتجرّعه الآن؟!
ألا تعلم صعوبة تقبل الأمر؟!
امي...لم أرى أمي قط! لم أنعم بحضنها الدافئ، لم أسمع صوتها ولم أرى وجهها في حياتي! وفوق كل هذا لا أعلم بوجودها!..ألا تعلم مقدار ألم كل هذا؟! ألا تعلم؟!

زادت دموع والده المتكأ على كرسيه بقوًى خائرة وعينان أبتا رؤية بكاء إبنه المسكين...هاهوذا يدفع ثمن خطيئته الآن، فلكل كذبةٍ نهاية.

وما كاد الوضع يهدأ قليلاً، حتى نطق تايهيونغ بالقطرة التي أفاضت كأس الألم!

- انا...انا مجرد خطيئة! انا ضحية نزوةٍ لم يكن لي شأنٌ بها!..انا إبنٌ غير شرعي!..ألم تفكر في كل هذا؟!

لم يكن لدى والده أي حجة...إنه منهارٌ كلياً ولا يعرف ما يجيب!

- ألم تفكر بإيرين المسكينة التي سُجن والدها بتهمةٍ لم يكن هو فاعلها؟! وفوق كل هذا انت من قتل والدتها!..لما؟! لما فعلت ذلك؟!
لم تتوقف أسألته أبداً!

يريد معرفة كل شيء...فتلك الفتاة التي أحبها كانت ضحية طيش والده هي الأخرى!

- لست انا من قتل والدتها! أظن بأنك تعلم حقيقة كونها إبنة خالتك...
همس والده بنبرةٍ واهنة وضعيفة، لكنه لم يحصل على الإجابة، فقرر إكمال حديثه:
- كانت لوالدتك أختٌ توأم تشبهها الى حدٍ كبير...بل إنها نسخةٌ طبق الأصل عنها!
لم أكن أعرفها جيداً، ولكنّ والدتك كانت متعلقةً بها كثيراً، حتى انها كانت تذرف دموع الشوق على فراقها من بعد هروبها...وبعد وفاة والدتك بسنة توفيت هي الأخرى، وكل ما علِمته حينها أنّ زوجها السكير هو من قتلها، ولكن عند مجيئِنا الى بيت المزرعة هذه السنة قُلِبت كافة الموازين لتظهر حقيقة قاتلها...وقد كان جدك بالفعل!
لقد ترك لي رسالةً في مكتبة المنزل ولم أعلم بأمرها الى أن وجدها جين صدفةً فجلبها لي...صُعقت حينما علِمت بأن جدك هو الفاعل، ولكن الصاعقة الكبرى كانت عندما فهمت السبب!
يبدو أنّ خالتك قد جائت لسيول حتى تبحث عنك من بعد وفاة أختها، ولم تعلم أنها آتيةٌ للموت برجليها!
زارت الشركة حتى تراني، وقد كُنت حينها خارج البلاد، فوجدت سكرتيرة جدك...طلبت منها رؤيتي فأخبرتها الأخرى بأنني مسافر، لذا غادرت بعدها وقد علِم جدك بأمر قدومها، وبما أنهما نسخةٌ طبق الأصل عن والدتك، ظنها حبيبتي السابقة، أي ظن بأنها أُمك!
وظن أيضاً بأنها قد عادت لتفسد حياتي بما أنّ لا دراية له بأمر وفاتها وبأن التي أتت هي توأمتها ليس إلا! لذا تتبعها وبعث بمن قتلها حتى يتخلص منها ثم لُفِّقت التهمة لزوجها الذي وجدته الشرطة بقربها وهو ثملٍ حد الإغماء!
زوجها لم يتذكر أي شيء حتى يدافع عن نفسه، لذا سُجن بدلاً من القاتل الحقيقي!
وجدُّك قد إعتذر لي في رسالته التي كتبها قبل مماته بأيامٍ معدودة وأخبرني فيها بأنه من قتل حبيبتي وبأن ذاك الرجل بريء...وهو لم يعلم بأنها توأمتها وانه قد أخطأ خطأً فادحاً!

طأطأ تايهيونغ رأسه لأسفل دون نطق أي حرف، بينما دموع حسرته لم تأبى التوقف!

فقلق والده من صمته، وقال بخفوت:
- تايهيو...

لم ينهي كلامه لأن الآخر قد إستقام بالفعل وأسقط كل ما وقعت عليه عيناه فوق الطاولة بإهتياج.

دوى صوت تحطم الأشياء في أرجاء المنزل، فدخلت والدته...او لنقل من كان يظنها والدته، وشقيقته بفزع.

- مالذي يحدث؟!
نطقتا بإرتيابٍ وفزعٍ من إهتياجه الغير مفسر، ولكن الآخر لم يتوقف عند هذا الحد!

فهو قد صرخ من جديد معلناً إنهياره:
- لا تنطق بإسمي! لقد دمرت حياة الجميع!
ألم تشعر بالذنب ولو قليلاً؟! هل كانت رؤيتك لها وهي تبتسم كل يومٍ وانت تعلم بالحقيقة أمراً هيّناً؟! ألم يتملكك الأسف لما سببته لها؟! كله بسببك!
قطرت يده اليسرى دماءً كان سببها قطع الزجاج التي حطمها، فصرخت المرأة التي ظنها أمه يوماً ما بذعر وأمسكت كفه المصاب:
- بني مالذي فعلته بنفسك؟!

توقف بالفعل لكلمة بني، ثم أنزل رأسه قليلاً قبل أن يبتسم بهدوء ويناظرها بإمتنان، وما هي سوى لحظاتٍ حتى وضع كف يده على وجهها القلق بلطف.
- لن أنسى دفئكِ معي أبداً...شكراً لكِ...أمي المزيفة!

كانت هذه آخر كلماتٍ سمعها الجميع منه قبل أن يغادر وسط تحديقات أخته المرتابة والغير مدركة، وكذلك من أطلق عليها لقب والدته المزيفة، والتي لحقت به صارخةً بإسمه وسط بكائها حتى يعود:
- مالذي تقوله تايهيونغ؟ بني عُد أرجوك...لا ترحل.


لكنه لم يكن ليسمع أي شيءٍ عدا أنين قلبه الجريح، فتركها تبكي من خلفه وغادر.

أما شقيقته فهي لم تُعيي ما تفعل عندما رأت والدها يسقط مغشياً عليه!

________________________

- الى أين تأخذني جين؟!
سألته ايرين للمرة الألف منذ ركوبهما السيارة، لكنه يكتفي بالقيادة وترديد ذات الجملة:
- إصبري وستعلمين.

أغمضت عيناها وتنهدت بإنزعاج، ثم إستدارت نحو النافذة بصمت.

لم تُلحَّ عليه كل هذا الإلحاح إلا لأنها شعرت بخطبٍ ما من غرابة تصرفاته، وخصوصاً بعد أن سمعته يخاطب رجلاً ما على الهاتف بعد ركوبهما السيارة مباشرةً...أما الآن، فقد مرت نصف ساعةٍ على خروجهما بالفعل!

تأملت المكان بالخارج الى أن قطبت حاجبيها فور أن قرأت اللافتة.

'سجن سيودايمون'

- لما أتينا الى هنا جين؟!

ركن سيارته على جانب الرصيف وأطفأها، ثم حدق بها قبل أن يقول بجدية:
- ايرين ركزي معي وإسمعي كل ما أقول بالحرف الواحد.

تملكها الذعر لِما يحدث رغم جهلها، ولكنها أومأت بعد تردد، فتنهد هو وروى لها كل شيء.

كانت مصدومة الى حد عدم النطق والإكتفاء بهمر الدموع في صمت!

الى أن قال مختتماً كلامه:
- ولهذا أتينا الى هنا...يجب أن نخرج والدكِ فهو بريء! آسفٌ بحقٍ نيابةً عن جدي الراحل، رغم أنّ أسفي لن ينفع الآن ولن يغير أي شيء!

كانت خرساء لا تجيد النطق!

إكتفت بالتحديق في وجهه مع نظرات ملؤها الفراغ، ثم وبعد دقائق من الصمت، قررت التعبير بالكلمات...وقد كانت هادئة، وهذا ما أثار قلقه عليها:
- أيعني هذا أنّ والدي كان مظلوماً طيلة هذه السنين؟!

صمتت لبرهة بعد هذا السؤال، ثم أشاحت بنظراتها الخاوية للجانب وأضافت متسائلة من جديد وبذات الهدوء:
- أيعني هذا أنّ إبن خالتي المفقود هو...تايهيونغ؟!

عادت للصمت مجدداً، ولكن دون أن تنطق مرةً أخرى!

الأمر لم يكن مؤلماً كما هو الحال عند تايهيونغ!
فهي تعلم بأن والدتها مقتولة بالفعل، ولكنّ ما صدمها الآن وجعلها تمقت نفسها هو براءة والدها من دم والدتها! وكذلك أمر قرابتها بتايهيونغ!

دموعها المنهمرة كانت على أبيها المسكين، لم تعرف او تتخيل كيف ستقابله وتخبره بهذا بعد كل هذه السنين...وهل سيعرفها إن رآها؟! فهو لم يرها منذ أن كانت رضيعة، وهي لا تعرف شكله حتى! لا تعرف سوى إسمه، وهو سانغهيون!

وكل ما فعلته هو فتح باب السيارة والنزول على الفور،  لحق بها جين فوجد انها على وشك الدخول، لذا أسرع وأمسكها:
- تريثي ايرين، فلننتظر المحامي حتى يأتي...لا تتسرعي، فقد وكّلت واحداً من أجله بالفعل.

إرتخت بالفعل وأغمضت عيناها مهمهمةً بالإيجاب، فما كادا يعودان الى السيارة حتى أتى ذاك المحامي.

دخلوا سوياً وقلبها يطرق طبول مشاعرها المبعثرة بينما جسدها يرتعش بشدة!

لاحظ جين إرتعاشها هذا، فأحاط كتفيها بذراعه وإحتضنها حتى تهدأ ريثما ينتهي الأمر.

- مرحباً سيدي...أتينا لزيارة سجينٍ يدعى يون سانغهيون
خاطب جين الشرطي المسؤول عن الزيارات بينما لا يزال يحتضن ايرين.

- إنتظر لحظة.
غادر ذاك الشرطي حتى يُخبر والدها بأمر زيارتهم...لكنه تأخر كثيراً! فبدأ القلق يدبُّ في أوصال ايرين.

وبعد مدةٍ لا بأس بها عاد ذاك الشرطي ليقول معتذراً:
-  آسف...ذلك السجين قد أنهى فترة حكمه منذ عامٍ تقريباً!

صُعق كليهما بما سمِعاه للتو! كيف سيجدانه الآن!

- سيدي...نحن لا نعرف شكله، لذا هل يمكننا رؤية صورته من ملفه رجاءً؟
طلب منه جين وقد أمل بأن يوافق الآخر.

- بالطبع...إنتظروا قليلاً.

إبتسم براحة ونظر نحو ايرين الخائفة، فشدد إحتضانه لها وقال بصوتٍ خافت:
- لا تقلقِ...سيمرُّ كل شيءٍ على ما يرام.

أومأت له، بيد أنّ كلماته هذه قد ذكرتها بشقيقه!
كان قد نطق بذات الكلمات ليلة البارحة وهو يُطمئنها.

فكرت به...وبحاله الآن...وماذا يفعل؟..وخصوصاً بعد إكتشافه للحقيقة! هي قلقةٌ عليه بالفعل!

- نعتذر سيد لي على إتعابك.
إعتذر جين من ذاك المحامي والذي إستأذنهم وغادر بما أنّ الذي أتى من أجله في الخارج بالفعل ولا حاجة لوجوده الآن.

فبقيت هي وجين لوحدهما بينما ينتظران قدوم ذاك الشرطي والذي أتى بعد لحظاتٍ وهو يحمل ملفاً ما.

فتح الشرطي ذاك الملف ورفعه حتى يريا الصورة...وقد كانت القشة التي قسمت ظهر البعير!

- سـ...سيد يونغجاي؟!
كان هذا كل ما تلفّظ به جين وسط نظراتها ايرين المصعوقةِ وبقوة!

هل كان والدها بقربها طيلة هذه الأيام وهي لم تعلم!

________________________

يجلس جونغكوك في حديقة منزله على الأرجوحة ذات الوسائد، بينما هيري تتوسد صدره.

كانا يقضيان وقتاً خاصاً وجميلاً بمفردهما، فعلاقتهما باتت مستقرةً الآن وكل شيءٍ واضح.

وأثناء إستجمامهما هذا رنّ هاتف جونغكوك مقاطعاً خلوتهما، فحمله وقطب حاجبيه للمتصل، ثم أجاب:
- مرحباً لورا.

إزاداد تقطيبه لحاجبيه، وكذلك إعتدل في جلوسه، وبسرعةٍ تسائل:
- مهلاً، لما تبكين؟!
وما إن قالها بصوته القلق حتى إبتعدت هيري عن صدره بملامح لا تقل عنه قلقاً.

- ماذا؟! حسناً حسناً إهدئي ولا تخافي، انا قادمٌ حالاً.

وقف مباشرةً وحشر هاتفه في جيب بنطاله، لتسأله هيري بقلقٍ وخوف:
- مالذي يحدث؟!

- حدث شجارٌ كبير بين تايهيونغ وعمي جينهو!
أخبرتني لورا بأن والدها قد فقد وعيه وتايهيونغ خرج من المنزل وهو مصاب ولا يجيب على هاتفه!
أجابها بينما يركض نحو الداخل من أجل أخذ معطفه، فلحقت به هي الأخرى وأخذت معطفها قبل أن تسأل من جديد بنبرةٍ مذعورة:
- ومالذي حدث بالضبط؟!

- لست أعلم، أخبرتني بأنهم قد نقلوا والدها الى المستشفى، أما جين وايرين فهما مختفيان!
الأول لا يجيب، وايرين تركت هاتفها في المنزل!
أكمل إجابته لها بينما يصعد السيارة وهي برفقته، لينطلقا بأقصى سرعة نحو المستشفى.

كان جونغكوك يقود بسرعةٍ جنونية بينما يتصل مِراراً وتكراراً.

- اللعنة لما لا تُجيب!
ضرب المقود أمامه بإهتياج لعدم إجابة تايهيونغ على إتصالاته المتتالية.

وقد زاد غضبه هذا من خوف هيري، والتي إختلطت عليها الأمور حتى لم تعرف ما تفعل او ما تقول!

وكل ما فكرت به حينها هو...أين ذهبت ايرين؟!

فكرت بالإتصال بها ولكنها نسيت هاتفها في المنزل بالفعل، كما ولن تجازف بحياتها وتطلب ذلك من جونغكوك، فهو يبدو في أوج غضبه الآن.

هو قلِقٌ على صديقه الذي إختفى ولوحده في وقتٍ شارفت فيه السماء على توديع الشمس بعد ساعتين!

______________________

كان يجلس أمام قبرها بينما يبكي بحرقة!..إنها أول مرةٍ يبكي فيها بهذا الشكل!

قلبه يكاد يصرخ من الألم على والدته التي تمنى لو يراها او يلمسها لمرةٍ واحدة!

كان يخاطبها بعتابٍ وصوتٍ قد أهلكه البكاء كما لو انها ستجيب:
- لما ذهبتِ وتركتني وحدي؟!
لم أكن أعلم بأنّ الأيام تخبِّأ لي ألماً كهذا!
أمَّاه...هل كنت لأكون بهذا الحال لو لم تتركيني؟!
عقلي يكاد يُجن! وقلبي يأبى تصديق ما يجري!
أرجوكِ أمي...أجيبيني!
إنخفضت نبرة صوته في آخر كلمة، كما لو انه يائسٌ بالفعل!

حتى الرجل الذي يعمل بالمقبرة ظل يحدّق نحوه بشفقة.

مرر يده الدامية فوق ثراها قبل أن ينطق بلهجةٍ قد خلت منها الحياة مع دموعه التي لازالت تنهمر على وجنتيه بسخاء:
- امي...آسفٌ على كل ما حدث، لم أزركِ يوماً، ولم أجلب لكِ الزهور التي تحبينها من قبل...انا آسف.
حتى...حتى عندما أتيتُ هذا الصباح كنت كالغريب تماماً! ورغم شعوري بشيءٍ تجاهكِ إلا انني ظللت أحدق بأسمكِ المنقوش على حجر قبركِ كالأحمق...انا آسف حقاً يا أمي!

إتكأ بعد ذلك على عمود قبرها، ونزع قلادته وفتحها حتى يرى من كانت سبباً في وجوده داخل هذا العالم، والتي هي سبب بكائه الآن أيضاً.

تأمل صورتها وإبتسم بإنكسار قبل أن يمرر إبهامه عليها وينطق بحشرجة:
- لقد كنتِ جميلةً للغاية! لا أظن بأنّ والدي قد تمكن من تجاوز ذكراكِ حد هذه الساعة...لقد شعرت بألمه وهو يتحدث عنكِ، لن ألومه...فأنت تبدين حسنة الروح أيضاً.

أغمض عيناه وشفتاه المتشققتان ترسمان ذات الإبتسامة، ثم عاد برأسه الى الوراء حتى يهدأ قليلاً ويجمع شُتات نفسه.

ظل جالساً قرب قبر أُمه لوقتٍ طويل دون أن يُحس بذلك، ثم إستقام من دون أن ينفض ثيابه حتى!

جرَّ قدميه بتثاقل نحو سيارته منطلقاً بها الى المجهول مع نظراتٍ فارغة وملامح ذابلة ومُصفرّة.

_______________________

فتحت ايرين باب السيارة على مصرعه ما إن وصلت، وركضت بسرعة نحو إسطبل الخيول.

فلحق بها جين وهو ينادي:
- انتظري ايرين!

دخلت وبحثت عنه، ولكن ما مِن أثرٍ له!

لذا أسرعت نحو غرفته الصغيرة والتي تقبع على مقربةٍ من الإسطبل.

دخلتها وبحثت عنه بعينيها المرتعشتين، ولكنه غير موجودٍ هنا أيضاً!

- فلنسأل عنه السيدة شين.
خاطبها جين بينما يلتقط أنفاسه ويشير نحو المنزل، فأسرعا نحوه ليجدوا انه في حالة فوضى عارمة!

الخدم مشتتون والأوضاع مريبة، فتسائل جين مجعداً حاجباه فور أن تسلل القلق لترائبه:
- مالذي يحدث؟!

خرجت السيدة شين من المطبخ ما إن سمِعت صوته، وقد سارعت بإحتضانه ونطقت بقلق:
- بني...والدك قد فقد وعيه ونُقِلَ الى المستشفى.

وسّع عيناه ليقول بعدم تصديق:
- أبي!

فأومأت له قبل أن تضيف:
- لا تقلق...سمعنا بأن حاله أفضل الآن، لقد ذهبت لورا والسيدة ريونغ برفقته.

رفع شعره عن جبينه بيد، والأخرى تخصر بها.

- ومن أخذهم؟
سألها بعد أن أغمض عيناه ورتّب أنفاسه المهتاجة.

- السيد يونغجاي.

خرج جين بعد سماعه لجوابها، وكذلك ايرين أن أخذت هاتفها...هما ليسا بحاجةٍ للبقاء هنا، فهي ستجده بالمستشفى على أي حال.

ولكن ما إن خرجا حتى لمحاه وهو ينزل من السيارة، فأسرعت ايرين نحوه وإحتضنته مطلقةً سيل دموعها المشتاقة.
- أبي...

راقب جين ما يحدث عن بُعد، وقد تعجّب لرد فعل السيد يونغجاي المتلخص في كونه قد إبتسم بحنّية وبادلها الحضن بينما يمسح على شعرها...هذه ليست ردة فعلٍ قد تصدر من شخصٍ لا يعرف إبنته ويتعرض لمثل هذا الموقف بعد سنواتٍ عدة من فُراقها!

هي أيضاً قد تملكتها الحيرة، ولكنها لم تسأل، فشعورها الآن لا يُضاهيه أي شيء...إنها مرتها الأولى في الحصول على حضنٍ دافئ من أحدِ والديها!

- غاليتي...
نطق بها بعينان قد أدمعتا لتحشر رأسها في حضنه أكثر بينما تبكي بصوتٍ مسموع.

- انا آسفة أبي...آسفة لأني لم أكن الإبنة التي قد تتمناها! وآسفة لأني لم أكلف نفسي عناء زيارتك ولو لمرةٍ واحدة في حياتي!

ربت على شعرها بحنان، ونفى وسط دموع فرحته مشدداً على إحتضانها:
- كلا يا إبنتي لا تعتذري! انا المخطأ...لم أكن أباًّ صالحاً...انا لا أستحقُّكِ حقاً.

شعر جين بالسعادة لأجلها...ولكنه في ذات الوقت مشتت وقلقٌ مما حدث.

والده بالمستشفى وهو لا يعلم ما به! كما ولم يسمع أي شيءٍ عن شقيقه منذ خروجه...وفوق كلِّ هذا والدته وردة فعلها بعد علمها بالحقيقة...إنه عاجزٌ كلياً!

لم يجد ثلاثتهم الوقت المناسب للشرح او حتى التبرير، فهي ما إن أشبعت شوقها منه ذهبت مع جين طالبةً منه إنتظارها حتى تشرح له ما حدث حين عودتهم.

_________________________

- يونغي..مالذي حدث؟!
سألته شقيقته بقلق ما إن لمحته يغادر القسم الذي به السيد جينهو بينما كانت في طريقها إليه برفقة جونغكوك، فأجابها بعد أن أخذ لمحةً سريعة لها وللقادِم معها:
- لقد إنخفض ضغط دمه ففقد وعيه، وضعه قد تحسّن الآن، ولكنه لا يزال فاقداً للوعي...من الجيد انهم قد أسعفوه في الوقت المناسب، وإلا لما كنا لنتوقع مدى سوء الذي سيحدث.

أزفرا أنفاسهما براحة قبل أن يكملا طريقهما نحو ذاك القسم، اما يونغي فقد ذهب بالفعل نحو بقية مرضاه.

وجدوا لورا تبكي وبجانبها جيمين الذي يُهدؤها، كما ولمحوا السيدة ريونغ وهي جالسةٌ بمعالم قد فقدت الحياة ونظراتٍ فارغة بينما إيونها تجاورها وتمسّد على ذراعها بلطف، وأخيراً بيكهيون الواقف قربهما في صمت...ولكن ما مِن أثرٍ للبقية!

وبعد لحظاتٍ أتت ايرين برفقة جين بينما يلهثان من كثرة الركض.

أسرع جين وإحتضن والدته الشارذة بقلق، بينما ايرين قد لِحقت به وإحتضنت لورا الباكية.

- أمي...تعالي معي.
ساعدها جين على الوقوف، ثم أخذها نحو الغرفة المجاورة، كما وطلب من الممرضة أن تحقنها بإبرة مهدئ حتى تنام وترتاح قليلاً.

عاد جين بعد أن أغلق باب الغرفة على والدته بهدوء، ليأخذ لورا ويذهب لمحدثتها على إنفراد...فمن حقها أن تعرف كل شيء.

اما البقية، فقد ظلوا جالسين في الرواق.

- ايرين...مالذي يحدث؟
سألتها إيونها بقلق، فما يحدث لهذه العائلة يعنيها كثيراً...انهم بمثابة عائلتها الثانية بحق.

تنهدت ايرين بتعب وأجابت مدلكةً جبينها:
- أظن بأنّ معظمكم يعلم عما حدث مؤخراً، لذا سأختصر الموضوع.

وبعد كلماتها هذه روت لهم القصة وكل ما جرى، والتي ما إن سمِعها جونغكوك وعلِم بما حلّ بصديقه حتى لكم الحائط قربه بأعصابٍ مستنفذة ولعن من بين صرير أسنانه:
- اللعنة!

ربّت جيمين على ذراع ايرين بقربه وأنبس ملطفاً الأجواء:
- لا تحزني...السيد جينهو بخير، أنظري للجانب المشرقِ من الأمر، فعلى الاقل ظهرت براءة والدكِ.

أومأ بيكهيون وكذلك هيري رغم صدمتهما ليوافقا كلام جيمين...هما لم يتخيّلا بأن يكون والدها بريئاً بعد كل هذه السنين.

ولكن لن ننسى إيونها المشدوهة والمحدقة نحو الفراغ بشروذ، هي أكثر من صعقه الخبر هنا من بعد جونغكوك طبعاً.

تذكرت ايرين أمر تايهيونغ، فحاصرت شفتها السفلى بين قواطعها وناظرت جونغكوك بعينان لامعتان قلقاً على الآخر:
- جونغكوك...ألا تعلم اين هو تايهيونغ؟

أغمض عيناه بوهن قبل أن يعود لفتحهما ويدلّكُ ما بين صدغيه.

- لا أعلم...لا أعلم حقاً! ولكن آمل بأن يكون بخير، حاولت الإتصال به مراراً ولكنه لا يجيب.

بدأت تبكي بصمت خوفاً من أن يرتكب جريمةً بحق نفسه، وكذلك من أن يُصيبه مكروه...خصوصاً بعد أن علِمت بأمر إصابته والتي لا تعلم مدى سوئها!

فإحتضنها جيمين حتى يهدّئها.

جونغكوك لم يتوقف عن محاولة الإتصال به ولكن ما من جدوى، فجلس بفقدان أمل قرب هيري التي إحتصنته بينما تتمتم بكلماتٍ مهدئة.

اما بيكهيون فقد شعر بإرتخاء إيونها التي كانت لا تعرف للسكوت معنى، ولكن إبتسامتها المعهودة تلك قد فارقت شفتيها ولأول مرة، فتقدّم نحوها وأخذها للمشي قليلاً علّه يخفف عنها.

بقيت ايرين جالسةً بصمتٍ يخفي خوفاً وقلقاً كبيريْن خلفه...هي تكاد تُجن من فرط تفكيرها به!

شعرت بالإختناق داخل المستشفى، فقررت الخروج لإستنشاق بعض الهواء بمفردها.

سارت بخطواتٍ متثاقلة ومهمومة وسط حديقة المستشفى مع منظر الغروب الحزين...كما لو انه حزينٌ لأجلها او يعبِّر عن حالها.

ظلّت تسير من دون وجهة الى أن صادفت تايمين يتكأ على مقدمة السيارة ويحتسي القهوة.

وما إن لمحها حتى إعتدل ووضع كوبه جانباً لينحني لها بإحترام.

- لا أحب الرسميات كثيراً...لذا تصرف بأريحية.
خاطبته بعد أن أزفرت انفاسها وإتخذت لنفسها مكاناً بجواره.

إستقام ورمش عيناه عدة مرات قبل أن ينظر لوجهها الحزين...هي لا تعلم بأنّ شخصيته كتومة وهادئة لأبعد حد، فهو يتصرف على طبيعته فعلاً ولكن ببعض الرسميات كنوعٍ من الإحترام.

- لا تشغل بالك بي...أنهي قهوتك كما لو انني لست موجودة.
عادت لمخاطبته بينما تتأمل الغروب، فحدق بها بتردد قبل أن يفعل ما طلبت منه.

هو غير معتادٍ على الحديث مع الفتيات! لذا وجد أمر سؤالها عن حالها شيئاً صعباً قليلاً رغم ملاحظته لتكدّرها.

أطلقت تنهيدةً مثقلة ومهمومة بعد أن إتصلت بالذي يشغلُ بالها ولم يُجب للمرة الألف، فنظر إليها تايمين قبل أن يسألها وهو مترددٍ بعض الشيء:
- آ...آنستي...هل انتِ بخير؟

رفعت نظراتها المتعجبة نحوه...هل يخاطبها هي؟ هل هو تايمين حقاً؟!

ومن بعد نظراتها تلك أعادت عيناها نحو منظر الغروب وهي تبتسم بإنكسار.

- لا أظن ذلك...

- هل...هل يمكنني مساعدتك؟
عاد لسؤالها بعد أن تدارك سوء حالتها النفسية، فنظرت نحوه وأجابت:
- يمكنك فعل ذلك إن وجدت مكان تايهيونغ...إنه مختفٍ منذ عصر اليوم ولا نعلم أي شيءٍ عنه!

- أعلم هذا.
أجابها بينما يحدق بالأرض، فعادت هي للنطق بنبرةٍ قد طغى عليها القلق:
- هو لا يرى جيداً في الظلام، وانا خائفةٌ من أن يصيبه مكروه!
هي لم تُفصح عن سرّه هذا إلا وهي تعلم بمعرفة تايمين للأمر، فهو يد تايهيونغ اليمنى على أي حال.

ورغم قلقه هو الآخر عليه، إلا انه لا يظهر ذلك...ليس لأنه غير مهتم، ولكنه لا يعرف كيفية التعبير خصوصاً وانه وحيد ولا يجِد شخصاً ليظهر له قلقه حول الآخر.

صمت لمدةٍ بينما يفكرة، الى أن عاد للنظر نحوها بثبات وقال:
- أظن أني أعرف مكانه بالفعل.

إستدارت نحوه بحاجبين مقطبين.
- أحقاً ما تقول؟!

- لست متأكد، ولكنه قد يكون هناك.

- هل يمكنك أخذي إليه؟ أرجوك...لا يمكننا تركه بمفرده وهو بهذا الحال...أرجوك تايمين!
ترجّته بعينانِ مدمعتان، فصمت للحظاتٍ ثم أومأ.
- حسناً.

إحتضنته كشكرٍ على ما فعله من أجلها، لكنه قد ذُعر من إقترابها...فهي فتاةٌ بالنهاية وهو غير معتادٍ على هذا!

اما هي فلم تتمالك نفسها وفعلت ذلك دون تفكير...

صعدت السيارة برفقته قبل أن تحمل هاتفها وتتصل بجيمين.

- جيمين...انا ذاهبةٌ لمكانٍ ما وقد أتأخر، لذا لا تقلقوا علي ولا تبحثوا عني لأنني قد أعود بالغد.

- ولكن ايرين الى اين ستذهبين؟!

- سأخبرك فيما بعد...وداعاً.
أغلقت الخط مباشرةً حتى لا يسألها أكثر...هي لن تمنحهم آمالاً زائفة، فقد لا تجده!

ومن بعد ذلك أغلقت هاتفها الى حين إشعارٍ آخر.

لم تتحدث طوال الطريق لأنها تفكر وتدعوا بأن تجده ويصحّ حدس تايمين.

اما الآخر فهو قليل الكلام دون سبب...

دخل بعد مدةٍ من القيادة نحو طريقٍ غير معبد ومليئٍ بالأشجار الضخمةِ شاهقة الإرتفاع...بدى كما لو انه طريقٌ الى وسط غابة!

وبفضل ما رأته قطبت جبينها، وسألت تايمين بحيرة مراقبةً الظلام الذي قد حلّ بالفعل من النافذة:
- تايمين...اين نحنُ؟!

- نحن ذاهبان الى منزل الغابة...قد لا تعرفينه لأنكِ لم تأتي إليه من قبل.
أجابها بينما يركّز على الطريق المظلم أمامه، وكل ما ينيرها هو ضوء السيارة.

شعرت بالخوف من هذا الظلام، والذي ذكرها بأفلام الرعب مع شدة البرد وصدى صوت الذئاب بدلاً من زقزقة العصافير في منزل المزرعة ومنزل المدينة...وفوق كل هذا توسطه للغابة!

كيف إستطاعت خالتها العيش فيه طيلة تلك المدة؟!..هذا ما فكرت به.

لمحت بعد لحظات دخولهم الى منزلٍ ذو سورٍ شاهق وبطرازٍ خشبي أسود جميل.

وسّعت عيناها وصرخت بفرحة ما إن لمحت سيارة تايهيونغ المركونة أمام المنزل:
- إنه هنا بالفعل!

إبتسم تايمين براحة، فحدسه لم يخطئ أبداً، كما وأنّ فكرة مجيئه برفقتها الى هنا كانت أفضل فكرة وأفضل قرار.

فتحت باب السيارة بسرعة وركضت بأقصى ما لديها نحو باب المنزل...لكنه كان مغلق!

- لا تقلقي...يوجد نسخةٌ إحتياطية من المفتاح أسفل أصيص النبتة.
أشار لها تايمين نحو نبتةٍ وُجدت قرب الباب قبل أن يهمّ بإخراجه.

وما إن وجده وفتح الباب حتى خاطبته بعد رؤيتها للدرج المقابل لهما:
- إبحث عنه في الطابق السفلي، وانا سأبحث بالأعلى.

أومأ لها لتصعد بسرعة وتباشر بفتح باب كل غرفةٍ تصادفها.

بحثت وبحثت في كل الغرف ولكن لا أثر له!
الى أن تبقّت غرفةٌ واحدة والتي هي بآخر الرواق ذو الأنوار الخافتة، فأسرعت نحوها على أمل أن تجِده هناك.

فتحت بابها ببطئ خوفاً من فقدانها للأمل إن لم تجده بِها، ولكنها لمحت معطفه الذي كان يرتديه صباح هذا اليوم وهو برفقتها مرمياً على السرير!

بالإضافة الى مفاتيح سيارته الملقاةِ على الأرض وهاتفه المحطم لأشلاء!

كان الجو هادئاً ومخيفاً لأبعد حد! مع أنوار الغرفةِ الخافتة كحال الرواق تماماً، وستائرها المتراقصة بفضل نسمات الهواء الباردة المتسللة من النافذة المفتوحة!

ذُعِرت من فكرةٍ سوداوية قد إحتلت عقلها، لتسرع نحو النافذة وتنظر لأسفل، ولكن لا يوجد شيء!

لذا أزفرت أنفاسها بإرتياح ودلّكت ذراعيها بحثاً عن الدفئ، فالغرفة باردةٌ بشكلٍ كبير نظراً لنافذتها المفتوحة، والتي أغلقتها على الفور.

وما إن إستدارت حتى لاحظت باباً آخر داخل الغرفة وقد تكهنت بكونه الحمام.

لذا تقدمت نحوه بخطواتٍ مرتعشة نظراً لعدم صدور أي صوتٍ منه، ثم فتحت بابه ببطئٍ هو الآخر...يلي ذلك توسيعها لعينيها!

●•●•●•●•●•●•●•●•●•●

#يتبع...

- رأيكم بالبارت؟

- كلمة لتايهيونغ؟

- كلمة لإيرين؟

- كلمة لجين؟

- كلمة للسيد جينهو؟

- كلمة للسيدة ريونغ؟

- كلمة للسيد يونغجاي؟

- كلمة لورا؟

- كلمة لجونغكوك؟

- كلمة لهيري؟

- كلمة لجيمين؟

- كلمة لبيكهيون؟

- كلمة لإيونها؟

- كلمة لتايمين؟


- توقعاتكم للبارت الجاي؟

- نسبة حماسكم من عشرة؟

إذا صارلي شي فرح كون متأكدة من السبب مسبقاً😂

بعرف اني حيوانة للمرة الثانية😁
بس ما بستمتع إلا لما أتخيل وجوهكم المتشوقة والمتوعدة بقتلي...هذا رونقي يا جماعة😂

وهلا...أخيراً فهمتو السبب والخفايا تبع اللغز.

وش شعوركم بعد كل هالصدمات😁

شو أكثر شي صدمكم في الحقائق يلي إنكشفت؟

حاولت أوضح الحقيقة بالكامل، بس إذا فيه أي شي مو مفهوم، فياريت تسألوني هون👇 حتى جاوبكم...علماً بأن فيه أشياء ما فسرتها بهاد البارت لأنها رح تتفسر بالبارتات القادمة إن شاء الله.

طبعاً مثل ما انتو عارفين، انو نظامي في التنزيل أسبوعي، ومن المفترض أنشر البارت يوم الأربعاء.

بس فيه بنوتة طلبت مني أنشر البارت كهدية بمناسبة العيد، وطبعاً انا وافقت لأنو ما بيغلى عليكم شي، خصوصاً وأني رح أعتبرها هدية العيد مني لإلكم...بتمنى يكون عجبكم البارت😊

وبالنسبة للتنزيل في الفترة الجاية، فرح يكون كل يوم سبت...يعني البارت الجاي يوم السبت بإذن الله.

أما عن التفاعل، فخذوا بوسات كتااااااااار💋 على تفاعلكم الحلو بالبارت الماضي، يعني عنجد عدد الكومنتات كان هائل والتعليقات مرة حلوة❤

تدرون أنّ أفضل جزء عندي بعد ما أنشر البارت هو قراءة تعليقاتكم، لدرجة أني بنتظرهم لحتى أعرف آرائكم حول الأحداث، غير انو فيه كومنتات بتخليني افطس ضحك والله😂

على كل حال...

نجي لفقرة التشويقات.

*إسم البارت الجاي: ذوبان الجليد.

*المقتطفات التشويقية:~

- لما فعلت هذا بنفسك؟ لما؟!

~

- هل أبدو وسيماً الى هذا الحد؟

~

- أهلاً وسهلاً بكِ...على الأقل سأجدُ أنيساً لطيفاً.

~

- على كل حال أتيت لزيارة والدك والقيام بالواجب نحوه، كما وجلبتُ هديةً لطيفة معي من أجله، وقد أحبها كثيراً.

~

- صدقني...ستندم أشد الندم على كلامك هذا، فأنت من سيعترفُ بهذا يوماً ما وأمامي أيضاً.

~

- ألا تعتقد أنّ التبرير لن يجدي نفعاً الآن؟! على كل حال...أردت أن أفهم سبب إخفائك لهذا عن الجميع، وأنت من سيخبرني بهذا الآن!

~

- أعلم هذا، وسأعيدها للمرةِ الألف أمي...هو نادمٌ أشد الندم ويريد إصلاح أخطائه بأي ثمن!

~

- وانا لن أترككِ أبداً غاليتي.

~

- اجل...رجلٌ بشخصية قوية وكريزما ملفتة، مع فتاةٍ أنعم من الحرير وأطيبُ من الطيبة نفسها.

~

- إبقي هكذا ولا تتحركِ...فإن تحركتِ لن أضمن لكِ عدم إنجابي لطفلٍ قبل أن أتزوجكِ حتى!

~

- لماذا أشعر بأنهن يظنّاننا ثنائياً؟!

~

- لستُ خبيراً بما أنّ كافة تجاربي بائت بالفشل، ولكنني أعلم أنّ الأنثى تشبه البحر تماماً! جميلةٌ في مظهرها...جحيمٌ عند غضبها...وغامضة في أعماقها، أليس كذلك؟

إكتبوا يلي فهمتوه من المقتطفات هون👇

وهلاّ رح خليكم تتشوطوا على نار هادية لبين ما ينزل البارت الجاي😎



See you next part...

Continue Reading

You'll Also Like

34K 3.9K 20
-عندمـا تُصبح حياتـها تحت رحمـة شخصيـن: الأول أناني عـنيـد والـثاني قاتـل مـتسلسـل كاره للنسـاء. •ميـن يونغـي. •كيـم سـون. -أعلى التصنيفات:- 1#- نفسـ...
9.5K 1.6K 40
انـتَ مِـن جَـنُـوب الـعَـالـم وَ انّـا مِـن شَـرقُـهُ وَ بِـرُغْـم هَـذا قَـد أحـبَـبْـتَـنِـيّ . . ...
27.7K 2.4K 12
"الحياة لعبه متاهات لا مفر إلا ان تجتاح هذه الطرق فأن عليك دخول كل المتاهات لكي تصل الى مخرج و لكن ربما تتوه وتبقى معلق في أحدى المتاهات للأبد"
6.4K 1.2K 40
كأموات عدنا للحياة لاكن بعد مذا 🥀 بعد ان اقمت سعيرا على الارض انتقاما وقصاصا لموتنا الاول 🌺 كما اقسمت سابقا ساعيد قسمي الان لا ليس قسمي وحدي انه ق...