- الساعة كانت حوالي 2:00 بليل ،كُنت قاعد ادام قبر والدي ، كُنت بعيط و بكلمه و بسأله ليه سابني ؟
و فجآة ... !
..
دخلت البيت و أنا طاير م الفرحة و أول شخص قابلني كان أخويا أحمد اللي أكبر مني بسنتين و فرح لما عرف إني اخدت شهادة التخرج بدرجة أمتياز مع مرتبة الشرف
- الف مبروك التخرج ياعم أكرم ، ولا اقول يابشمهندس
-ههه حبيبي ، الله يبارك فيك يا حبيب اخوك ، العزومة ع حسابك النهاردة هاا
- بس كدة دا أنت تؤمر ، دا أنت أخويا و حبيبي يلا
" وقتها خرجت بنت عمي من أوضة والدي و اللي بتشتغل دكتورة"
- أكرم ، كويس أنك جيت بباك عايزك
- كُنت لسه هدخله ..
" فأتدخل أخويا مصطفى و قال "
- من ساعة ما صحى و هو بيسأل عليك ، مع إني قولتله إنك في الجامعة بتستلم شهادة التخرج ، ادخله طمنه
- حاضر ، هرجعلك هاا ، مش هتهرب م العزومة
- هههه متخافش مش ههرب
"دخلت لوالدي و قعدت قصاده ، و مسكت إيديه و بوستها "
- إزيك الوقتي يا والدي ؟
- أنا كويس ، و هبقى كويس أكتر لما أتطمن عليك
- أتطمن يا والدي أنا نجحت بأمتياز مع مرتبة الشرف ابسط ياسيدي
- أفهمني يا ابني ، فيه حاجات أكبر بكتير لازم تنجح فيها ، فيه مراحل و امتحانات اصعب بكتير ، مش كل الناس تتمنالك الخير
فيه ناس الشر ماليهم ، فيه شياطين ع هيئة بشر ، بيكرهوا اللي احسن منهم
- مش وقت الكلام دا يا والدي أنت أرتاح و...
- اسمعني للأخر يابني ، دا أكتر وقت لازم يتقال فيه الكلام دا ، اسمع يا أكرم مهما ضلمت في وشك هتلاقي بصيص النور خارج من قلبك .. من قناعة قلبك إن الخير جاي
-أوعا تيأس ، أوعا تسيب الأزمات تهزمك ، أرمي الحُزن ورا ضهرك و اسلب السعادة عافية من جوا الحُزن ، أمشي و أضحك بكل قوتك و قول أنا أقوى ..
أوعا تضعف ادام اي حاجة غير سجادة الصلاة
- الوشوش ، الوشوش خداعة ، و لكل واحد وش تاني ، حفلة تنكر و اللي زيك اللي من غير اقنعة هما ضيوف الشرف ، متخافش من اللي يضربك ع وشك ، خاف من اللي يضربك في ضهرك
- أعمل الصح مهما كانت النتيجة ، أوعا تنام يوم ظالم ، أوعا تحط ضميرك ف الدولاب و تخرج
- أرفع راسك و قول الحق لو على نفسك ، متخافش أوعا تخاف غير من ربك
- لو ليك حاجة عند الكلب قوله يا كلب
- حاذر كل الناس ، كل اللي حواليك ، كل اللي حواليك يا أكرم
...
كانت آخر جملة من والدي ، كان آخر كلامه و نصايحه ، آخر نفس خرج قدامي و مش عارف أعمل حاجة غير إني كُنت بصرخ
مات و إيده على إيدي ، و أنا بقيت حي ميت
..
اتحولت من شخص شغوف ، متميز ، ناجح ، رياضي و وسيم
لشخص كئيب ، باهت ، ممل ، فاشل ، هزيل ، أجعد ، دقنه خبت ملامح وشه و السواد اللي تحت عيونه لايق مع ضلمه أوضته
كُنت واقف في أوضة والدي في الضلمه قدام صورته ، و ملامحي ساكته تماماً
موته ساب وجع و صدمة و فراغ جوايا مش قادر أوصفهم ، الشخص اللي كبرت لقيته هو اللي بيمسك إيدي ، بيشيلني إن وقعت ، بيصقفلي لو عملت حاجة صح ، بيعلمني و ينصحني ، مش ناسي لما كنا نروح الجامع نصلي أو يسهر معايا ع القهوة نلعب دومنو ، مش ناسي ضحكته لما يغلبني ع آخر لحظة و يقولي بكرا تتعلم و تفوز
الشخص اللي كان الأب و الأم و الصديق ، و كلهم ماتوا في يوم !
كُنت شارد و بفتكر ذكرياتي مع والدي
لحد ما بسمة بنت عمي قاطعت سرحاني
- ممكن أدخل ؟
- أتفضلي يا بسمة
- دقنك طولت ، أنت ناوي تستشيخ ولا اي ؟
" ابتسمت إبتسامة خفيفة "
- أنا مخنوق يا دكتورة ، مش انتِ دكتورة عالجيني
- أنا آسفة يا أكرم ، مقدرتش وقتها اعمله حاجة ، كان الوقت فات
- لا مفيش داعي ، دا مش ذنبك
- مش ناوي تخرج طيب ؟
- مش قادر
- عدا 9 شهور و أنت على نفس حالتك ، حرام عليك نفسك
- 9 شهور ؟ .. حاسس إنهم 9 سنين ، أبويا وحشني أوي
- بباك لو لسه موجود و شافك ع حالك دا صدقني كان هيزعل منك يا أكرم
- مش قادر أستحمل فكرة إنه معادش موجود ، أنا حاسس إني ضايع
- أنا معاك و مش هسيبك ، همسك بأيدك و هساعدك لحد ما ترجع أكرم القديم ، أنا بحبك
رغم إن بسمة أكبر مني بسنة إلا إني بحبها من زمان جداً ، من أيام الطفولة ، دايماً كانت جانبي في أي مشكلة ، دايماً كانت تاخد بالها مني و كإني إبنها ، كانت تعيط لو تعبت شوية و تخاف عليا من أي حاجة ، تلقائياً لقيت نفسي بحبها
.. و بالحُب اللي في قلبها قدرت ترجعني أكرم القديم و تخرجني م الحالة اللي أنا فيها
حلقتلي دقني بنفسها ، و سرحتلي شعري
و جابتلي بدلة جديدة و طلبت مني البسها
و خرجنا في موعد
كانت أول مرة أخرج من بعد وفاة والدي
كُنت مفتقده بس كُنت مبسوط بوجود بسمة معايا ، كُنت ببصلها و عايز احضنها و اقولها شكراً على وجودك في حياتي
دخلنا مكان حلو جداً و كمان هادي جداً
- أكرم أنا هروح التواليت و راجعه بسرعه
- براحتك ، هطلبلك على ما تيجي ، تحبي تطلبي ايه ؟
- حاجة ع زوقك ، أنت عارف
و مشت بسمة راحت التواليت و أنا كُنت قاعد بقلب في المينيو و فجآة شوفت والدي !
شوفته قاعد قدامي و بيبصلي و ساكت
- بابا .. !
اتصنمت ، للحظة مستوعبتش هل هو بجد ولا أنا بتخيل
لسه بمد ايدي لقيته إختفى
فهمت إني بتخيل بس اللي مفهمتوش هدوئه و نظرته الحزينة اللي وراها حاجة
لقيتني بسرعة بقف و بجري برا ، ركبت عربيتي و مشيت ، كُنت سايق بأقصى سرعتي كإني بسابق ، بس بسابق ذكرياتي
وصلت ، كان المكان اشبه بـ الخلا ، الهوا كان شديد و الضلمه كانت في كل اتجاه
و خطواتي كانت بطيئة ، مش خوفي م المكان
لكن خوفي من إني أنهار و أبكي
قعدت قدام القبر و فضلت أتكلم
- إزيك ؟، أكيد بخير يا أطيب أب و أكيد في مكان أحسن من هنا ، بس أنت وحشتني أوي
سيبتني ليه ؟ طب كُنت خليك شوية كمان
، كان لسه فيه كام دور دومنو ، كان لسه فيه كام مرة تضحك ، كان لسه كام مرة تاخدني تحت ايدك و نروح نصلي ، كان لسه كام مرة أحضنك ، أرجع أحضنك بس .. بس والله
مش من عادتي أعيط بالشكل دا ، لكن صوت عياطي كان مكتوم من فترة كبيرة ، يمكن من شدته كان يصحي الميتين ..
- العياط بيعذب الميت
" اندهشت و بصيت جانبي لقيت الصوت لبنت حلوه قاعده جانبي على بعد خطوتين و كانت بتبص قدامها ، و شعرها كان مغطي وشها ، كانت لابسه فستان أبيض ، كان الهوا بيطير شعرها ، حاولت المح وشها لكن معرفتش "
- أنتِ مين !
- مش مهم
- أنتِ بتعملي ايه هنا ؟
- أنتَ بتعمل ايه هنا ؟
- أناا بزور والدي الله يرحمه ، و أنتِ..
- بزور حد كان غالي عليا
- الله يرحمه
"ردت بعصبية"- متقولش الله يرحمه
- أا أنا أسف
- بعد كدة متعيطش هنا ، متبقاش مزعج
" كُنت مستغربها جداً و مستغرب إزاي بنت لوحدها في المقابر و في نص الليل !"
- بس أنتِ مش خايفة تيجي هنا في الوقت دا !
-الخوف مش من طبعي
- بتيجي هنا ع طول ؟
- باجي كل ما يكون في عياط
- ها !
- كل ما قلبي يعيط
- و قلبك بيعيط امتى ؟
- كُل يوم
- أنا أول مرة اجي هنا ، ارتحت جداً لما جيت ، باين عليكي فقدتي حد بتحبيه جداً ، بس تعرفي ؟.. كان بيقولي اسلب السعادة من جوا الحُزن بالعافية ، خليكي قوية اضحكي ف وش الحُزن و قوليله أنا أقوى منك ، مش متخيل إني أقول الكلام دا لحد و أنا أكتر حد محتاج حد يواسيني ، بس أنا عندي قناعة إن دا قضاء ربنا و إن الحياة لازم تستمر ، حاولي تعيطي العياط بيخفف الوجع مرة ع مرة ، معدناش هنبكي
هنفتكر الذكريات الحلوة و هنبتسم و نضحك
..................-
" ملقتش منها اي رد فعل ، فكملت كلامي"
- أنا همشي تحبي أوصلك ؟
"هزت راسها ، تقريباً كانت حزينة جداً و عشان كدة كلامها كان قليل"
العربية كانت قريبة ، مشيت و هي مشت جانبي عن بعد خطوة مكانتش بتبصلي نهائي ، مع إني كُنت ببصلها ، لكن مش لامح وشها بسبب شعرها ، أول مرة أشوف شعر بالجمال دا ، طويل جدا و تقيل لدرجة إنه مخبي ملامحها و اكتافها
وقفت ادام باب العربية و أنا فتحتلها باب العربية و لفيت عشان أركب
لقيتها إختفت !!
استغربت جداً و نزلت م العربية و فضلت أبص حوليا و اتلفت و مش عارف أندهلها بـ ايه
اختفت تماماً في لمح البصر ، ركبت عربيتي و مشيت و أنا مش مستوعب
.. طلعت أوضتي و لسه هحط دماغي ع المخدة لقيت بسمة بتتصل
- أكرم أنت روحت فين !!
- أنا أسف يا بسمة ، حقك عليا حصل حاجة كدة و كنت لازم أمشي
- كان ع الأقل المفروض تقولي يا أكرم متسبنيش كدة و تمشي ، و اتصلت عليك كتير و أنت مبتردش ، أنت بجد بتتصرف تصرفات لا تطاق
- أنا عارف إنها حركة مش كويسة و تزعل و تضايق ، بس والله كان غصب عني ، خلاص متزعليش بقاا
- يا سلاام بالسهولة دي !
- طب ايه يرضيكي ؟
- تردهالي
- طب أنا هعوضك و عازمك ع العشا بُكرا ، ايه رأيك ؟
- اممم
-هاا صافي يا لبن ؟
- حليب يا قشطة
- يبقا اتفقنا ، بُكرا الساعة 10 تكوني جاهزة
- اتفقنا
- تصبحي على خير
- أكرم..
- ايه ؟
- بحبك
" قالتها و الفون فصل شحن ، هو كدة دايماً يجي المشعارف ايه في الأوقات الحلوة "
حطيت دماغي ع المخدة و نمت
**
صحيت الساعة 5 الفجر و مش عارف ليه لقتني باخد مفاتيح العربية و بجري بسرعة كإن فيه حاجة لازم الحقها بس ايه هي مش عارف
ركبت العربية و كُنت طاير بيها و فجآة كإن خيال مر من قدامي و في لمح البصر لقيتني في عربيتي مقلوبة و متدغدغة و تدريجياً بفقد وعيي لحد ما سمعت خطوات و أنا بحاول افتح عيني ، شوفت حد بيقرب ، شوفت رجليها كانت بنت حاولت اشوف وشها ، لقيت شعرها مغطي ملامحها ، نفس الشعر الطويل نفس كُل حاجة
شفايفها كانت باينة ، كانت بتبتسم بطريقة شيطانية و غريبة ، دي آخر ابتسامة شوفتها
قبل م العربية تنفجر بيا
***
قومت مفزوع من الكابوس المريب ده
- اعوذ بالله من الشيطان الرچيم ، اعوذ بالله من الشيطان الرچيم
كُنت عرقان و بترعش و مستغرب الحلم ، و اللي حصل في المقابر ، ليه حلمت بالبنت دي !
و ليه كانت بتبتسم ؟!
-أنا لازم أشوفها تاني
.. كُنت بستنى الوقت يعدي عشان أروح المقابر و أشوفها ، كان الوقت بطيء جداً
الساعة دقت 10 و أنا ناسي تماماً ميعادي مع بسمة ، بسرعة قومت جهزت نفسي و خرجت و قدم الباب اتصلت ببسمة و اعتذرلتها عن تأخيري ، قالتلي إنها جاهزة و استعجلتني ، نزلت و ركبت العربية و لسه هدوس الفرامل افتكرت حلم امبارح ، و اتشائمت من العربية
فنزلت من العربية و وقفت تاكسي
روحتلها لقيتها واقفة قدام بيتها فنزلت من التاكسي و روحت وقفت قدامها
- أسف مرة تانية
- مفيش داعي يابني محصلش حاجة أصلاً كُنت لسه بجهز
- يلا ..؟
- بس فين عربيتك !
- امم ماليش مزاج اسوق فسيبتها و جيت بالتاكس
- بس....
- ايه ،هتفرق يعني ؟
- لاء أبداً ..
ركبنا التاكسي و روحنا المكان اللي روحناه المرة اللي فااتت
قعدنا ع نفس التربيزة و اخدت مني المينيو
- هطلبلك أنا على مزاجي
- ها ! طيب ، يبقا احسن
" سرحت و أنا ببص في ساعتي و بستنى الوقت يعدي"
- ايه رأيك تاخد شاندوش برجر ولا ..... أكرم !
- ها بتقولي حاجة ؟
- مالك يا أكرم من ساعة ما جينا و أنت سرحان و في مكان تاني خالص كإنك مش معايا !
- لاء أبداً مفيش حاجة
- أنا هقوم أطلب الوجبات و هاجي
- خليكي و أنا هقوم
- لالا خليك شكلك مش مركز ، هجيبهم أنا
و فعلاً قامت بسمة تجيبهم و أنا كُنت في عالم تاني خالص لحد بعد ثواني جت حطت الوجبتين و قعدت
- طلبتلك برجر ، هيعجبك أووي
" ابتسمتلها " : أكيد هيعجبوني ،أنا بثق في اي حاجة منك ، بثق فيكي ثقة عامية ، أنا عارف ان الفترة دي تاعبك معايا و مأهملك و يمكن بنسى و بسرح كتير ، لكن صدقيني بحاول ع قد ما اقدر أرجع لحياتي لكن أنا لسه تعبان ، لسه محتاج شوية وقت
" حطت ايدها ع ايدي "
- أنا مش محتاجة منك اي حاجة يا أكرم ، أنا عيزاك أنت بس ، و معاك لحد ما ترجع بخير ، معاك لو لآخر الـ...
" لسه مكملتش كلامها ، فجآة بنت بتجري خبطت في كرسي بسمة و وقعت عليها كوباية قهوة سخنه ، بسمة اتفزعت و جرت ع التواليت
بينما أنا لفيت دماغي و فضلت باصص ع البنت التانية اللي كانت بتجري ، كانت شعرها طويل ، و نفس الفستات الأبيض ، نفس كُل حاجة ..
وقفت فجآة في نص الطريق ، و أنا وقفت و طلعت وراها ، فضلت ماشي و بقرب بخطواتي ناحيتها ، المرادي هشوف وشها و هسألها انتِ مين و ليه حلمت بيكِ و ازاي بتختفي فجآة و تظهري فجآة ، هسألها اسآله كتيرة ،
- خطوة بس، خطوة و هعرف كل حاجة
.. عدت عربية نقل من قدامي قبل ما اوصلها و في لمح البصر و زي كُل مرة اختفت
احترت و كُنت هتجنن ، لفيت و رجعت تاني
كانت بسمة طالعة م التواليت و هي مش قادرة تدوس على رجليها ، سندتها لحد ما قعدتها
- أنا مش فاهمة ايه البنت المتخلفة دي !
- بتوجعك أوي ؟ تعالي اخدك و نروح لدكتور
- بس، بس انت مأكلتش
- مش مهم
- لالا ، كدة كدة مش بتوجعني أوي ، ناكُل و بعدين نروح لدكتور
- خلاص ،اللي يريحك
و بدأنا أكل ، كُنت حاسس ان بسمة موجوعة و مع ذلك مش عايزة تبينلي عشان متبوظش الخروجة ، كانت بتبصلي و تبتسملي
- اووف واحدة غبية ، معتذرتش حتى
- يمكن مأخدتش بالها ، لسه بتوجعك ؟
- لاء الوجع بدأ يخف ، المهم الشاندوش عجبك ؟
- جداا طعمه حلو أوي
"فجآة بسمة مسكت بطنها "
- ااه
- فيه ايه مالك ؟!
- معلش هروح التواليت ، ثواني
- اسندك طيب ؟
- لاء ااه لاءلاء خليك
و مشت بصعوبة لحد ما دخلت ما اختفت عن عنيا ، اما أنا جالي اتصال من أحمد أخويا
- ايوة يا أحمد
- حضرتك أخو أحمد ؟؟
- أيوة ،أنت مين ! و تليفون أخويا معاك ليه ؟
- صاحب التليفون اتنقل المستشفى ،عمل حادثة للاسف العربية اتقلبت به و حالته حرجه جداً
!! -
**
كُنت بجري زي المجنون لحد ما بقيت قدام أوضة العمليات ، حاولت أدخل لكن منعوني
صرخت و عيطت ، كُنت بموت و أنا شايف أخويا أحمد الدم مغرقه ، و أخويا مصطفى هو كمان كان عمال يعيط و يقولي
" أنت السبب ،أنت السبب "
للحظة بطلت عياط و فضلت أبص لمصطفى و بحاول أستوعب كلامه
الساعة دقت 12 و أخيراً الدكتور قابلنا
- أحمد حالته ايه يا دكتور ؟ هو كويس صح ؟ قول انه هيبقى كويس
- إحنا عملنا اللي نقدر عليه ، لكن حالته لسه مش مستقرة ، قرار حياته الوقتي في ايد ربنا ، ادعوله
..في الناحية التانية كان واقف اتنين ظباط
و كانوا بيتكلموا مع عمي
و بعدين الظابط جه وقف قدامي
- أنت أكرم ؟
- أا ايوة ايوة حضرتك أنا أكرم
- هل كان فيه عداوة بين اخوك أحمد و اي حد ؟
-لاا أبدلا ،أحمد طيب و محترم و طول عمره في حاله ، بس ليه ، هو فيه ايه ؟
- ألعربية اتقلبت لان فرامل العربية كانت مقطوعة باليد ، يعني مكانتش حادثة ،دي جريمة قتل بفعل فاعل ، يعني اللي عمل كدة قاصد يقتل صاحب العربية
- لكن دي عربيتي أنا !
فجآة شوفتها في مراية قدامي ، شوفت البنت ام الشعر الطويل ، كالعادة كان وشها مش باين
لكن شوفت شفايفها ، كانت بتضحك
رجعت لورا كام خطوة ، بعدين لفيت ملقيتهاش ، طلعت اجري ، فضلت اجري كتير أوي تقريباً ساعتين أو يمكن اكتر لحد ما وصلت عند المقابر
وقفت اتنهد و بعدين صرخت
- اطلعيييي ، اخرجيلييي ، انتي سمعاااني
"لقيت صوتها جه من ورايا" : وطي صوتك ،متبقاش مزعج
زعقت عليها : انتِ مين ؟ و ليه عملتي كدة !! أنا متأكد إن انتِ اللي قتلتي أخويا
- الميتين مبيقتلوش يا أكرم
- ايه !
- هات إيدك
" بصتلها بإستغراب"
- هات إيدك متخافش
قربت و حطيت إيدي على إيدها لقيت إيدي لامسه الهوا تماماً !!
شديت إيدي بسرعة
- أنتِ عفريتة !
قالت بعصبية : متقولش عفريتة ،أنا روح
- أنتِ ، أنتِ وهم أكيد أنت بتوهم
- الوهم الحقيقي هو اللي أنت كُنت عايشه طول السنين اللي فاتت ، كل اللي حواليك كانوا بيخدعوك
- أنتِ واحدة كداابة ، أنتِ مجرد وهم أصلاً ، وهم في دمااغي
" جيت امشي لقيتها وقفتني لما قالت"
- هيتصلوا بيك الوقتي يقولولك إن بسمة ماتت
- بسمة ! انتِ واحدة كذابة و مجنونة اختفي من قدامي بقاا اختفي
" و فجآة رن تليفونه و كان رقم بسمة"
- اهوه بسمة بتتصل عرفتي إنك كـ..
" قبل ما ينهي جملته كان لقاها اختفت من قدامه"
فرد ع الاتصال : بسمة ، انتِ فين ؟ أنا أسف بـ..
- حضرتك اخوها ؟
- مين معايا ؟!
- أنا دكتور رامي ، الانسة بسمة اتسممت و للاسف وصلت المستشفى متأخر ، ياريت تبلغ اهلها عشان يستلموها
- اييييه !! انت بتقول ايه ! دا اكيد مقلب او انتو بتهزروا ،صح بتهزروا ؟!
- يافندم انا مبهزرش ، انا اسف لكن الخبر اللي قولتهولك حقيقي فعلاً
"التليفون وقع من ايدي و قعدت مكاني و أنا بعيط "
جه صوتها من ورايا : قولتلك العياط بيزعج الميتين
صرخت فيها : انتيييييي مييييين !
- أنا اللي جيت عشان انقذك
- هه تنقذيني ! أنا من لحظة ما شوفتك و كل حاجة بتتدمر ، أنتِ عايزه ايه ؟
- عايزه أحميك منهم ؟
- من ميييين ؟
- من اخواتك و بسمة و عمك ، كلهم
- انتِ واحدة كدابة ، أنا هقتلك
"قربت عليها عشان امسكها من رقبتها و اخنقها لكن عديتها و وقعت ع الارض "
جت وقفت قدامي و قالت
- لو ينفع امسك ايدك كنت مديتلك إيدي
، قولتلك الميتين مبيقتولوش ولا بيموتوا تاني
- أنا في كابوس ، أكيد دا كابوس و هفوق و أنتِ هتختفي و بسمة هتكون بتستناني عشان نخرج و أحمد هيكون في الشغل و هيتصل بيا يسألني اخدت الدوا ولا لاء
- فوق بقا ، مفيش اي حاجة من دي هتحصل لانهم ماتوا
- لاء أحمد مش هيحصله حاجة ، مش ممكن
كل كلامك كدب في كدب و أنتِ روح شريرة أنتِ اللي قتلتيهم
- هما اللي قتلوا نفسهم بنفسهم ، أحمد اللي بتقول عليه أخوك هو بنفسه اللي عطل فرامل عربيتك و كلهم اتفقوا عليك ، بسمة اصرت عليك تخرجها عشان و انت رايحلها بعربيتك تعمل حادثة ، و لحسن الحظ انك يومها نزلت م العربية و ركبت تاكسي لما لقوا خطتهم فشلت ، اخوك التالت مصطفى عطاهم فكرة السم و راح قابل بسمة و انتوا في المطعم لما قامت تجيب الوجبات و عطاها السم و هي حطت السم في وجبتك ، و أنا بس عملت تبديل بسيط
بدلت الوجبات لما هي راحت التواليت تغسل رجلها مكان القهوة اللي انا وقعتها عليها ، و انت كنت واقف تتلفت عليا و مش شايفني عشان أنا مكنتش عيزاك تشوفني
- انتِ كدابة ، أحمد ليه هيركب عربيتي و هو معطل الفرامل زي ما بتقولي ؟!
- لما واحد يطلعله روح او خلينا نقول عفريتة ،و ميلقيش قدامه ولا مهرب غير العربية اللي قدامه ،بيركبها بدون تفكير او حتى تركيز
- ايوة يعني انتي اللي عملتي فيهم كدة !
- عشان هما يستاهلوا كدة ، انت ازاي لسه مش فاهم
كلهم اتفقوا عليك و كانوا هيقتلوك ، بس الخطة اتقلبت عليهم و قتلوا نفسهم بنفسهم أخوك عطلك الفرامل عشان تموت في حادثة لكن هو اللي مات في حادثة و هو بيهرب مني
و حبيبتك حطتلك سم عشان تموت مسموم ، لكن هي اللي ماتت مسمومة
- و ليه هيعملوا كدة ليه هيبقوا عايزين يقتلوني !
-عشان الميراث ، بس مش دا السبب الرئيسي اخواتك الاتنين بيغيروا منك و بيكرهوك لانك مميز عن والدك و عند كل الناس بسبب اخلاقك و طيبة قلبك و زاد كرههم اكتر لما والدك عطاك اكبر حصة في الميراث دا غير الشركة بأسمك ، اما بالنسبة لعمك و بنته بسمة فهما كانوا شايفين ان والدك ظلمهم و معطهمش حقهم ، لانهم كانوا عايزين شركة والدك كانوا عايزين يورثوه بالحيا ، و لما مات لقوها فرصة بس طبعاً الشركة بإسمك فكان لازم يخلصوا منك
ذُهلت ، فكرت في الكلام لقيته يتصدق كل حاجة مرسومة صح ، اصل ليه بسمة تتسمم و أنا لاء مع اننا اكلنا نفس الاكل ! و ليه تصمم عليا اخرجها يومها ؟ و ليه اتضايقت لنا لاقتني روحتلها بالتاكسي ؟
و ليه صممت اقعد اكُل الوجبة مع انها رجليها كانت محروقة م القهوة !
ليه كان بينها و بين أحمد مكالمات كتيرة !
ليه لما كانوا يبقوا مع بعض و بيتكلموا و يشوفوني يسكتوا فجآة
ليه أحمد كان دايماً بيحاول بكل الطرق يقربني من بسمة و لولاه مكُنتش هفكر فيها أصلاً
أنا ازاي مفهمتش كُل دا !
- هيتصلوا بيك الوقتي يقولولك ان أحمد مات
- أحمد ! أنا مش مصدق
- زي ما قولتلك العياط بيضايق الميتين
و كمان العياط يستحقه الكويسين
فعلاً تليفوني رن ، كان مصطفى و قالي إن أحمد مات ، مقدرتش انطق بحرف مقهور عليهم و مقهور منهم مش عارف اعيط عليهم ولا منهم ،قفلت السكة في وشه
و قولتلها : طب و مصطفى ،كان معاهم ؟
- كلهم .. مصطفى أوحش واحد فيهم
و قريب جداً هتكون نهايته مش على إيدي ،بس بسببي
- أنتِ ليه عملتي كل ده ، ليه حميتيني منهم ؟
- لأن والدك قالي أحميك منهم .. أنا ماشية و دي آخر مرة هتشوفني
- اسـ..
" اختفت من قدامي"
- استنييي متمشيـــش ،استنــي..خليــكي"
…
مقدرتش ارجع البيت ، روحت قعدت في أوتيل و غيرت رقمي و بعدت عنهم نهائي
"بعد شهرين"
- وحشتني أوي يا والدي ، معادليش حد الا انت ياسيدي احكيله ، العالم وحش أوي و مخيف ، تعرف ؟ أنا عمري ما فكرت ان اقرب اشخاص ليا يطلعوا مزيفين ، كُنت بحبهم اوي ،مكنتش عايز دا يحصل ، لو كانوا طلبوا مني كنت اديتهم كل حاجة ، حتى لو حياتي ..كان لازم افهمك .. الوشوش خداعة و كل واحد لابس قناع و أنا كُنت ضيف الشرف
فجآة لمحت نفس البنت قاعدة ،بس المرادي لابسة فستان أسود و شعرها مغطي وشها و كانت بتعيط بصوت واطي
وقفت و روحت ناحيتها و طلعت منديل
- مش قولتي العياط بيضايق الميتين ؟
"رفعت شعرها عن وجهها فأكتمل القمر"
تنح قدامها ، ازاي ملامحها بالجمال دا و مغطياها ، لاء ازاي تبقى بالجمال دا و تعيط !
لاء ثانية هو الارواح بتعيط ؟!
- أنت مين !
- أنتِ مش روح ؟!
- لاء أنا روح !
- هي الارواح بتعيط ؟! بعدين مش قولتي مش هتظهريلي تاني !
- أرواح ايه و ايه اللي بتقوله دا ! أنا اسمي روح و بعدين دي أول مرة أشوفك
" حطيت صابعي في خدها"
- انتِ مش عفريته بجد !
- ايه دا يا مجنون انت ! لو سمحت انا فيا اللي مكفيني
- بس دا نفس شعرك و ايدك و نفس صوتك !
- أنا مش فاهمة حاجة ، انت شوفتني قبل كدة
ااه فهمت انت دكتور في المستشفى اللي أنا كُنت فيها ، صح ؟
- ها ؟ أا ...و أنتِ كنتِ في المستشفى ليه ؟
- أنا كُنت في غيبوبة طويلة ، فيه شخص اتهجم عليا و حاول يقتلني
- يقتلك !
- امم أنا ممرضة و كان فيه شخص بعتبره والدي بهتم بيه لإنه مريض ، للاسف اولاده كانوا جشعين سمعتهم بالصدفة و هما بيطلبوا من دكتورة تعطيه حقنه تموته ، و قولتله ع اللي سمعته ، و راقبتهم تاني و حاولت اتصنت عليهم في الڤيلا لكن كشفوني و عشان كدة حاول ابنه مصطفى يتخلص مني ، ضربني بسكينة بس لما عرف اني فوقت م الغيبوبة جالي المستشفى و حاول يقتلني تاني لكن مسكوه و هو في السجن الوقتي
- مصطفى !
- بيقولوا فوقت بأعجوبة و ربما حاجة كانت استحالة تحصل بس إرادة ربنا
" و فجآة دمعت" : بس للاسف فوقت ع خبر وفاة جدي و الشخص اللي كنت بعتبره زي بابا
" اديتها منديل تاني"
- ممكن متعيطيش ؟
لقيتها بصتلي بصه طويلة : صح العياط بيضايق الميتين
.. هو إحنا متقابلناش قبل كدة ؟
أنا حاسة اننا اتقابلنا
ابتسمتلها : حطي إيدك في إيدي كدة
.....-
- هاتي إيدك متخافيش
حطت إيدها في إيدي ، و ابتسمت و شعرها كان بيطير على خدها
- تعرفي إني من فترة عايز اقولك إن شعرك جميل
- هو أنت هتصدقني لو قولت إني حلمت بيك
- حلمتي بإيه ؟
- حلمت إنك بتحط إيدك في إيدي .. و بعدين وقعت
- بس المرادي مش هقع و إيدي في إيدك يا روح.
" أختارني العالم لأكون مالكك الحارس ،فلتقع و روحي ستمسك بك"
#انظر_بجانبك_يوجد_روح
#سناء_حازم ✍