سنمّار درع لينور

By tofy701

84.8K 7.6K 9.6K

.. "اسرق ما تشاء طالما هي أمور حسية" .. نشرت في يوم الثلاثاء : الموافق : ٢٦ يونيو ٢٠١٨م ١٢ شوال ١٤٣٩هـ انته... More

【 المقدمة 】
【 الفصل الأول 】
【 الفصل الثاني 】
【 الفصل الثالث 】
【 الفصل الرابع 】
【 الفصل الخامس 】
【 الفصل السادس 】
【 الفصل السابع 】
【 الفصل الثامن 】
【 الفصل التاسع 】
【 الفصل العاشر 】
【 الفصل الحادي عشر 】
【 الفصل الثاني عشر 】
【 الفصل الثالث عشر 】
【 الفصل الرابع عشر 】
【 الفصل الخامس عشر 】
【 الفصل السادس عشر 】
【 الفصل السابع عشر 】
【 الفصل الثامن عشر 】
【 الفصل التاسع عشر 】
【 الفصل العشرون 】
【 الفصل الواحد و العشرون 】
【 الفصل الثاني و العشرون 】
【 الفصل الثالث و العشرون 】
【 الفصل الرابع و العشرون 】
【 الفصل الخامس و العشرون 】
【 الفصل السادس و العشرون 】
【 ملاحظة 】
【 الفصل السابع و العشرون 】
【 الفصل الثامن و العشرون 】
【 الفصل التاسع و العشرون 】
【 الفصل الثلاثون 】
【 الفصل الواحد و الثلاثون 】
【 الفصل الثاني و الثلاثون 】
【 الفصل الثالث و الثلاثون 】
【 الفصل الخامس و الثلاثون 】
【 الفصل السادس و الثلاثون 】
【 الفصل السابع و الثلاثون 】
【 الفصل الثامن و الثلاثون 】
【 الفصل التاسع و الثلاثون 】
【 الخاتمة 】
【 أسوة ٢٠١٩ 】

【 الفصل الرابع و الثلاثون 】

1.1K 142 139
By tofy701

【 الفصل الرابع و الثلاثون 】

اللقاء.

*************

الفضول هو كل ما يشعر به آراش هذه اللحظة ... و بينما يقف هو خلف السيد غابرييل الذي يتحدث مع المرأة المسنة و يسأل عن أحوال أبناء سيده كان آراش يضرب قدمه بخفة على الأرض في توتر ... و لو أن الأمر بيده لدخل مباشرة و اقتحم الغرف واحدة تلو الأخرى بحثا عن "فاعل الخير" !

و أخيرا انتهيا من حديثهما و تحدث غابرييل إليه : هيا يا آراش.

حرك آراش رأسه إيجابا و أخذ يسير خلفه حتى وصلا للسلم الضخم المفروش ببساط أحمر يتلاءم مع ضخامته و صعدا الدرجة خلف الأخرى و ضربات قلبه تتزايد مع كل درجة من حماسته للقاء "فاعل الخير" ذاك.

تارة يتخيله شاب بعمر صغير و تارة أخرى كهل متوسط العمر و من ثم تتجلى أمامه صورة شخص كبير في السن بشعر أبيض يغطي رأسه و يمسك غليونه الخشبي العتيق في يده.

و لأنه كان منغمسا في أفكاره لم ينتبه إلى الطريق جيدا لكنه أحس بالوقت الذي قضاه في السير ... و ها هو ذا أخيرا يقف أمام بابه.

طرق السيد غابرييل الباب عدة طرقات : سيدي ... لقد وصلت و معي آراش.

سمعا صوتا رخيما من داخل الغرفة لم يكن واضحا لآذانهم جيدا لكنه كفيل بمعرفة ما يقوله : ادخل يا غابرييل.

أمسك السيد غابرييل قبضة الباب الذهبية و أدارها دافعا الباب إلى الأمام ليدخل و يدخل آراش خلفه و هو يتطلع لرؤية "فاعل الخير" ... كان رجلا يجلس خلف مكتبه الكبير و النافذة من خلفه تظهر الشفق الأحمر المتجانس مع زرقة السماء و تدرجات للون البنفسجي بدت واضحة بسبب اختلاط اللونين معا ... عدد من الشموع أضاءها لتصبح الرؤية أوضح له.

بدى له كهلا ليس بالصغير و لا العجوز و شعره بني مميز فقد يختلط عليك أحيانا باللون الأحمر القاتم المطفي ... لحية غزيرة تغطي وجنتيه لكنها كانت قصيرة بحدود فكه ... عيناه الهادئتان ذاتا لون أزرق مميز ... يشابه لون عيني ابنته !

لم يصدق آراش هوية الرجل الجالس أمامه و رمش عدة مرات و تحدث متلعثما : سـ ... سيد آرماند !

رسم ابتسامة لطيفة على محياه : مفاجأة صحيح ؟

لم يعرف آراش ما عليه فعله في هذا الوقت فعقله مليء بالأسئلة التي تزاحمت دفعة واحدة في رأسه و كانت كل مشاعره واضحة على محياه ليضحك السيد آرماند بخفة مشيرا إليه كي يجلس مقابلا له : تعال يا بني و استرح ... لديك اليوم كله لتسألني عن أي شيء تريده !

ازدرد ريقه مرطبا حنجرته التي جفت من دهشته و سار عدة خطوات غير متزنة حتى جلس على المقعد الوثير المقابل لمكتب السيد آرماند و كان يتجنب النظر إليه ... فهو الآن يعلم بلا شك أنه كذب عليه تلك الليلة !

حلت لحظة صمت قطعها السيد آرماند : ظننت أن لديك الكثير من الأسئلة لتطرحها علي لكنني أراك هادئا.

لم يعرف آراش كيف يتحدث أو بماذا يبدأ و هو يشعر بحرج شديد منه و من ثم قرر النطق بأي شيء فاستجمع قوته آخذا نفسا عميقا و تحدث متلعثما : إذن ... لماذا ؟ ... و كيف ؟

فهم السيد آرماند مباشرة ما يقصده آراش بأسئلته المتقطعة و أجابه : لماذا قمت بكفالتك و إخراجك ؟ ... الأمر بسيط ... لقد دافعت عن ابنتي و كنت "درعا" جيدا لها و أنا مدين لك و علي رد الدين أم أنني مخطئ ؟

و أردف : كيف عرفت بأمرك و أنك بين السجون بدلا من كونك في قصر الأمير ڤيكتور ؟ ... لربما الفضل يعود إلى عزيزتي لينور ... فهي من كانت تسأل عنك و تود معرفة أخبارك ... اخبرتني أن ابحث عن عائلتك ذات الدخل البسيط المكونة من والدين متخاصمين و أخوين و أخت ... و جدت العديد من العائلات التي ينطبق هذا الوصف عليها لكن لم يبدو أنك كنت أنت فردا من بينهم ...

واصلت البحث و أنا أكمل عملي في التجارة ... و بما أنني كذلك فإنني بطبيعة الحال لابد أن اسمع باسم "سنمّار" بين الحين و الآخر ... و قد تداولت عدة إشاعات غير مؤكدة عن أن المدعو "سنمّار" قد تم الإمساك به و هو في سجون المدينة التجارية و هذا ما يفسر سبب اختفاءه طيلة الفترة المنقضية ...

كان تزامن الإمساك بـ"سنمّار" مع بحثي عنك شيء غاب عن بالي و لم اهتم به و لم أفكر بربط الأحداث ببعضها ... لكنني و من دافع الفضول قررت السؤال عن "سنمّار" في سجون المدينة التجارية ... سألت عنه هناك و بعد العديد من المحاولات معهم أخبروني أنهم أمسكوا بشخص يُقال أنه "سنمّار" لكنهم لم يعلنوا بعد عن ذلك فهم إلى حد ما غير واثقين من كونك أنت هو "سنمّار" بعينه و يفضلون التحقيق أكثر بشأنك بدلا من الاستماع لأمير الدولة الأخرى ... و قد عهد إليهم الوزير شاڤيير بهذه المهمة ... سألتهم عن اسم "سنمّار" الحقيقي و أخبروني باسمك ...

هنا بدأت بربط الأحداث و اخذت أصف لهم شكلك و كنت أنت بالفعل هو آراش الذي ابحث عنه منذ مدة ... و قد تفاجأت من ذلك و بشدة فما سمعته عنك سواء من ابنتي أو منك شخصيا لم يدل البتة على كونك المدعو "سنمّار" ! ... أدركت مباشرة أنك كذبت علينا لكنني قررت أن أكفلك و أتكفل في أمر تبرئتك قدر الاستطاعة ... كل ذلك أخذ وقتا طويلا مني حتى أتمكن من إخراجك و بسبب ذلك تم تأجيل التحقيقات و المحاكمة الخاصة بك ..

استطاع آراش أن يفهم سبب بقاءه في سجن الإعتقال لفترة أطول من المعتاد ... تدخل السيد آرماند في قضيته جعلتهم يتركونه لوقت أطول في السجن لإتمام الإجراءات معه ... فلو كان سيخرج بعد عشرة أيام من بقاءه في سجن الإعتقال لمحاكمته فإن العشرة الأخرى هي بسبب انخراط السيد آرماند في شؤونه.

بعدما سمع آراش القصة كاملة ظل صامتا و الحرج يساوره أكثر بكثير من قبل فقد كذب عليه و على ابنته الكثير من الكذبات.

و أخيرا تمكن من تحريك شفاهه ليقول بارتباك واضح : اعتذر حقا على الكذب لكنني لم اعتد على إخبار الآخرين عن هويتي الحقيقية ... "سنمّار" عليه أن يحافظ على سرية هويته حتى لا يتم الإمساك به ... ألستُ محقا ؟

حرك رأسه بتفهم : اعتقد أن كلامك صحيح ...

و تحدث بشيء من الجدية : لدي سؤال يثير فضولي منذ تعرفت على "سنمّار" ذو الشخصية المجهولة ... و اعتقد أن الفرصة قد حانت لأطرح سؤالي على "سنمّار" عينه ..

سرى الخوف داخل آراش من نبرة حديثه و بات يحاول تخيل نوع السؤال الذي سيطرحه ليكمل السيد آرماند : لماذا يسرق "سنمّار" كمية قليلة جدا رغم أن بإمكانه سرقة الكثير ... أهي فقط سرقات لمحاولة إغاظة التجار لا لهدف آخر ؟ ... و أن هذه السرقات هي محاولة منه لجذب الانتباه و في الوقت ذاته حتى لا يكشف أمره سريعا ؟

أجاب آراش بنبرة هادئة و بصره معلق على كفيه اللذان يريحهما على ركبتيه : سد الجوع يا سيدي ... إنها فقط لسد جوع و احتياجات شاب مثلي لا يملك مهنة يستطيع امتهانها ... كل ما أجيده هو خفة اليد و السرقة.

لم يعرف لماذا أجابه الحقيقة ... ربما لأنه الشخص الذي اخرجه من السجن للتو ... و ربما لأنه في الحقيقة والد الآنسة لينور ؟ ... و يجد أن عليه الإكتفاء من الكذب على شخص مثله ؟

هزّ السيد آرماند رأسه متفهما و من ثم قال : و ماذا عن كتابة اسمك خلف كل سرقة ؟

و كما قال الحقيقة سابقا قرر أن يجيب بصدق : لم أرد أن يتورط أحد فيما أسرقه أنا و يزج في السجن بسببي ... حصل هذا الأمر ذات مرة لذا قررت أن اكتب اسمي لتبرئة المساكين الذين قد يتهموا بذلك ظلما.

علق على حديثه : ذلك نبلٌ منك.

فيما رفع آراش رأسه و نظر للسيد آرماند و بابتسامة مشاكسة و نبرة واثقة تحدث : و لكن لا انكر أنني أسعد بإغاظة التجار بكتابة اسمي ... أي أنني أضرب عصفورين بحجر واحد !

رسم السيد آرماند ابتسامة بسيطة من حديثه لم يعرف آراش كيف يصفها بالضبط و قال له : هكذا إذن ... يا لك من مشاكس ...

و أضاف : أتعلم أنني أكره السارقين ؟

لم تكن تلك بالمعلومة الجديدة على آراش فهزّ رأسه بخفة : أخبرتني الآنسة لينور بذلك ... و أنت تكرهني الآن صحيح ؟

ليقول السيد آرماند : لو أنني أكرهك حقا هل تظن أنني سأخرجك من السجن على كفالتي ؟ ... بالطبع لا ... فأنت مسثنى من الكره رغم سرقاتك و كذبك عليّ ... أنت انقذت عزيزتي و دافعت عنها و هذا يكفي لأعفو عنك.

ساوره نوع من السرور من حديثه و دفء غريب يتغلغل لأعماقه و لم يعلق بشيء بل رسم ابتسامة لطيفة على وجهه و تلك اللحظة التقت عيناه بعيني السيد الجالس أمامه و قد كانت لهما لون يشبه لون عيني لينور.

هو يعلم أن السيد آرماند هو والد لينور لكن عقله للتو يهضم هذه المعلومة و يجعله يستوعب أن لينور هذه اللحظة أقرب مما يتصور و سأل بسرعة : كـ ... كيف حالها لينور ؟؟

رد الوالد و قد ظهرت تقطيبة خفيفة على حاجبيه : بخير لكنها مدللة قليلا و تدعي التعب.

تعجب آراش مما قاله السيد آرماند و تحدث و القلق ظهر جليا على وجهه : هل هي حقا بخير ؟؟

حرك رأسه بخفة مؤكدا على حديثه ثم سأله : تود رؤيتها ؟

أصابه الخجل رغما عنه فهو لا يود رؤيتها و حسب بل يتوق إلى ذلك ... حاول قدر الإمكان عدم إظهار سروره و حماسته لرؤيتها و نطق بنبرة يحاول فيها أن يبدو متزنا : لا بأس.

و على هذا خرج كلاهما من مكتب السيد آرماند و سارا بين أروقة القصر الكبيرة المليئة باللوحات المعلقة في كل زاوية بشكل متقن و ذوق رفيع ... و بدأ آراش ينتبه للأشياء الجميلة من حوله.

وصلا لباب كبير و طرقه الوالد عدة طرقات : عزيزتي لينور.

لم يكمل حديثه حتى هاجمته بردها من داخل الغرفة : إنني نائمة !

رد عليها : النائمون لا يتحدثون يا عزيزتي ... على أي حال هنا ضيف بسيط يود مقابلتك !

عمّ الصمت للحظات كما لو أن ما قاله لم يصل إليها أما عن آراش فقد شعر و كأنه لم يسمع صوتها منذ زمن بعيد للغاية ... أعادت له الكثير من الذكريات المتعلقة بلقاءها و بقاءه معها ... رحلتهما في العربة ... ليلة الحديث عن الفراشة التي تسبق الاختطاف و الليلة الأخيرة التي جمعتهما ...

مشاعره انتعشت من جديد ... ليس و كأنه لم يكن يذكرها في الأيام السابقة بل لم تمضي لحظة واحدة دون أن تمر بمخيلته ... لكنه كان ظمآن ... و ها هو يرتوي من عذوبة صوتها.

رغب باقتحام الغرفة و رؤيتها لكن وجود والدها يمنعه من التصرف كما يشاء ... فهو لسبب لا يعلمه ذا هيبة و حضور بحيث يصعب عليه تجاهله أو غض البصر عنه و التصرف كما يحلو له.

قطع حبل أفكاره صوت والدها القائل : يبدو أنها متعبة الآن لذا دعها و لنذهب و لتناول العشاء.

ود آراش أن يتحدث و يخبرها بأنه هو هذا الضيف الذي أتى للقياها ... لكنه لم يعرف لماذا لم يفعل ذلك ... و لماذا انسحب بهدوء برفقة والدها.

*************

على مائدة العشاء يجلس الآن ... كانت طاولتها كبيرة و تحتل منتصف الغرفة ... و يجلس على رأسها السيد آرماند و عن يساره كان يجلس غابرييل أما عن يمينه فتى بشعر أشقر غامق و يشبه والده كثيرا و يبدو أصغر من آراش بقليل و كان وسيما بشكل لافت ... و إلى جواره فتاة صغيرة و لطيفة للغاية تملك شعر والدها لكن ملامحها الناعمة الجميلة تطابق الآنسة لينور كثيرا تقسم شعرها إلى نصفين و تربط كل نصف على حدى و إلى جوارها تلك المرأة المسنة التي فتحت لهم الباب.

عرفه السيد آرماند عليهم : هذا ابني الثاني و يدعى جو و الصغيرة ابنتي الثالثة و اسمها لارا ... إلى جوارها السيدة برانوين التي تعتني بها.

سكت آراش و هو يفكر فيما عليه قوله حتى قالت السيدة برانوين : تشرفنا بمعرفتك آراش.

تذكر آراش حينها ما يجب يقوله و قال متلعثما : بل أنا الذي تشرفت بمعرفتكم جميعا.

كان جو يحدق فيه بتمعن شديد و كأنه يحاول النظر من خلاله حتى التفت إلى والده و قال : أبي لماذا يشبه القردة ذلك الصبي ؟

تنحنح والده بقوة و زجره : جوزيف كم مرة أخبرتك أن تكف عن التحدث بوقاحة ؟

بالنسبة لآراش ودّ لو يضربه ضربتين تجعل الفتى الوسيم المدلل هذا ينسى اسمه حتى ... لكنه قرر تأجيل الإنتتقام منه لوقت لاحق حيث لا يكون السيد آرماند بالجوار.

تحدث السيد آرماند إلى آراش : اعتذر عن وقاحة ابني ..

و أردف : بالنسبة لابنتي لينور فهي نائمة لذا لن تنضم معنا في تناول العشاء.

حرك آراش رأسه متفهما و من ثم شرعوا في تناول الطعام و هو يفكر في سبب تغيب الآنسة لينور عن المائدة ... هل هي فعلا نائمة ؟ ... أم أنها حقا متعبة و مريضة ؟

ظل يطرح على نفسه الأسئلة و هو يتناول الطعام في حذر و يشعر بالضجر من ذلك فهو غير معتاد على التناول بهذه الطريقة المعقدة التي يشعر فيها و كأن مفاصل يديه و معصمه يصيبها شلل مؤقت ... لا يجد أي متعة في الطعام بهذه الطريقة و لا يستطيع تذوقه حتى !

انتهى العشاء و بدى أن غابرييل يرغب في الرحيل و بالطبع فإن على آراش الرحيل معه ... لكنه لم يرغب بالمغادرة قبل أن يرى الآنسة لينور و يطمئن عليها ... و من حسن الحظ فإن السيد آرماند طلب من غابرييل الصعود معه إلى المكتب ليحادثه قليلا بشأن الإجراءات و كيف أخرج آراش من هناك.

صعدا معا فيما أُخِذ آراش إلى غرفة الضيوف برفقة شقيق الآنسة لينور المدعو جوزيف.

جلسا متقابلين و آراش يفكر في طريقة مناسبة لضربه فيما قال جوزيف : أأنت هو المدعو آراش و الذي تحدثت أختي عنه طوال الوقت ؟؟

سؤاله جعل آراش يتعجب بما قاله و قد نسي أمر الإنتقام منه و في دهشة قال : أحقا كانت تتحدث معي طوال الوقت ؟

رد جوزيف منزعجا : لا تجب على سؤالي بسؤال !

ليقول آراش بانزعاج مقطبا حاجبيه : سؤالك غبي و لا يستحق الإجابة عليه ... بالطبع أنا هو آراش !

ثم تذكر صوت الآنسة لينور حينما كانت معا في العربة و قالت أنه يذكرها بأشقاءها الأصغر منها ... لابد أن هذا هو المعني بحديثها و صيغة الجمع كانت في محاولة منها لتبدو غامضة و كي لا تخبره بعدد إخوتها الحقيقيين.

أين الشبه بينه و بين ذلك المغفل الجالس أمامه ؟؟ ... يبدو شقيقها تافها و مزعجا و يفوقه في الوسامة بمراحل ! ... كيف تمكنت من إيجاد الشبه بينهما ؟؟؟

سأل آراش متجاهلا أفكاره اتجاه جوزيف : هل أختك بخير ؟

رد عليه : اعتقد أنها تتدلل و حسب ... منذ أن عادت من الحفلة و هي تتصرف بين الحين و الآخر على هذا النحو الغبي !

- ألا تعرف السبب ؟

- للأسف علمي علمك ..

- هل يمكنك أخذي إلى غرفتها ؟ ... أود محادثتها.

- لكنها لا تود ذلك !

- و ما أدراك ؟

- لأنها لا ترغب بمحادثة أحد و لست مستثنى من ذلك بلا شك !

انزعج آراش منه و صرخ في وجهه : كفاك مماطلة و خذني إليها !

اخرج جوزيف لسانه و هو يقول باستفزاز : لا !

و من ثم خرج من الغرفة تاركا آراش وحده الذي شعر و كأنه يتحدث مع طفل في العاشرة من عمره !

أخذ يحك رأسه بضجر : اعتقد أن عليّ البحث عن غرفتها بنفسي.

نهض من الأريكة الناعمة التي كانت يجلس عليها و سار باتجاه الباب ليخرج منه و أخذ ينظر للأرجاء و إلى الممر الذي عليه أن يسلكه و قد كانت الظلمة تطغى عليه و حدث نفسه : تبا ... يبدو القصر كبير ... اعتقد أنني سأضيع فيه على هذا المعدل !

قرر السير فيه على أي حال حتى و إن ضاع سيتمكنون من إيجاده ليس الأمر و كأنه صعب أو مخيف البتة فهو سيتوه في قصر و ليس غابة !

و قبل أن يتحرك من مكانه و يخطو أولى خطواته سمع صوتا طفوليا يقول : هل رأيت جو ؟

حرك بصره لصاحبة الصوت التي كانت شقيقة لينور الصغرى و كانت تنظر له ببراءة و تمسك في يدها دمية صغيرة لطيفة و ترتدي فستانا به الكثير من الزكرشات ... بدت له كالدمى باهظة الثمن و التي تباع بأسعار خيالية ... و بالطبع سبق له أن سرق عدة دمى و باعها بثمن بخس مقارنة بسعرها الحقيقي.

أجابها : لقد كان هنا قبل لحظات لكنه خرج من الغرفة و لا أعلم إلى أين ذهب ..

ثم سألها : هل يمكنك أخذي إلى غرفة شقيقتك لينور ؟

سألته متعجبة : ألا تعرف أين غرفتها ؟

ضحك بخفة من سؤالها الذي يدل على براءتها فهي تظن أن الجميع يعرف أين تقع غرفة شقيقتها دون أن تدرك أن هناك أشخاص قد لا يعرفون مكان الغرفة -كما هو الحال معه-.

أجابها : لقد نسيت أين هي ..

أخذت تسير : الوصول إليها سهل جدا !

سار خلفها ليتبعها في المسير و هو يركز في الطريق الذي يسلكه حتى يحفظه جيدا ... انعطفا من عدة منعطفات و سارا بين الممرات و أخيرا وصلا إلى غرفتها و قالت مشيرة إلى الباب : هذه هي غرفتها ... لكنها نائمة الآن لذا ستأتي معي إلى غرفتي !

نظر لها باستغراب : لربما تكون مستيقظة ؟

حركت رأسها نفيا : إنها نائمة منذ وقت طويل ... كلما طرقت الباب قالت أنها نائمة !!

حدث نفسه ببلاهة : يبدو هناك شخص واحد فقط صدق ما تقولينه يا آنسة لينور !

و من ثم قال : حسنا يا صغيرتي سأوقظها بنفسي لذا يمكنك العودة إلى غرفتك !

و أمسك بمقبض الباب ليفتحه فصاحت بصوتها الحاد الصغير : خطأ !

نظر لها ببعض الضجر فيما أكملت : عليك طرق الباب أولا ثم تسألها إن كنت تستطيع الدخول أو لا !

رددتها كما لو أن هذا الكلام أعيد على مسامعها مرات لا تحصى و قد خطرت في باله السيدة برانوين ذات الظهر المنحني ... لابد أنها من قامت بتعليمها ذلك فهي تبدو مقربة منها.

فعل ما قالته الصغيرة على مضض و طرق الباب عدة طرقات ليصله صوت الآنسة لينور : لارا أخبرتك أنني نائمة !

انزعج منها و من عذرها السخيف فأمسك بقبضة الباب و أدارها ليفتحه بقوة و هو يقول : كفاك نوما و استيقظي !!

فزعت الآنسة لينور و التفتت سريعا لحيث الباب بصدمة غير مصدقة لما سمعته أذنيها فقد كان الصوت مألوفا لكنه ليس من أصحاب البيت !

كانت تستلقي على سريرها و ترتدي ثوبا طويلا من القطن بلون أبيض بدى أنه للنوم و شعرها الأشقر يتناثر في كل اتجاه لكنها جلست حالما سمعت صوته و ظلت تنظر له بعدم استيعاب أما عنه فقد أخذ يحدق بها و الخجل اقتحم قلبه و بقوة مسببا ارتفاع في نبضاته و ضخه للدم ..

نهاية الفصل الرابع و الثلاثون.

*************

انتهينا هنا ... بلقاء آراش و لينور بعد فترة طويلة !
أحدهم وصف الفصل بكونه دافئ و لطيف ... هل تتفقون معه ؟ 🙊

وصلنا للعدد المطلوب بسرعة غير متوقعة البتة و صادمة ! 🌚😂
أشكركم حقا على التفاعل الذي رأيته الفصل السابق كان رائعا للغاية 🙈💕

هذه المرة إذا وصل عدد التصويتات إلى تسعة و عشرون تصويت و التعليقات مائة و عشرون تعليقا فسأنشر الفصل القادم 😌👏👏

و الآن ننتقل إلى الأسئلة !

رأيكم في الفصل ؟

مالذي سيحدث بين آراش و الآنسة لينور ؟

توقعاتكم لما سيحصل ؟

قراءة ممتعة للجميع 🎈

٢ فبراير ٢٠١٩.

Continue Reading

You'll Also Like

7.3K 933 63
أرض أمارياسن؛ أرض غريبة يقطن بها سكان عجيبون. أين موقعها في الكون؟ممالك ثلات و رابعة غير مرغوب فيها، صراع بين الخير والشر بأطياف ملونة بالحيرة والتسا...
9.4K 643 13
في زمن الحّرب و العَداوة حِكاية تُسرد
4.5K 471 27
أحيانًا قد يكون الطيبون هم أول الراحلون.؟ سكارليت فتاة تبلغ من العمر ١٨ وهي في اخر مراحل الثانوية هل ستكون السنه الاخيرة من الثانويه مميزه وهل ستتعرف...
23.5M 1.7M 100
عندما تجتمع مجموعة من الوحوش الجائعة على فتاة صعبة المنال تكون النتيجة كارثة بشرية إغتصاب جماعي وعادات متخلفة وظلم لا متناهي وأًناس لا ترحم إن كانت...