【 الفصل الرابع و العشرون 】

1.2K 141 102
                                    

【 الفصل الرابع و العشرون 】

الشاب الصغير.

*************

صمت الليل و سكونه هو ما كان يحيط بالمدرب و تلميذه الذي يروي قصته له ... و منها يحاول إعطاءه دروسا قد تفيده في حياته و تمنعه من الوقوع في الخطأ دون أن يعلم أنه من الصعب على صغير مثله استعياب الدروس جيدا دون ضربة على الرأس ... و أن هناك مواقف في الدنيا تخيرك بين خيارين أحلاهما مر.

فرغم كل تحذيرات المدرب جيك لآراش بعدم اللجوء لطريق الـ"دروع" مهما حصل و عدم دخول السجن إلا أن آراش وجد نفسه مخيرا بينهما !

اختار أن يكون "درعا" على دخول السجن من دون محاولات جادة تمام الجدية في التخلص من قبضة الأمير ميرزا و افتعال الفوضى و الهرب بل صدق الأمير حينما أخبره أنه سيعيد له حياته السابقة كما كانت.

لكن لم يبدو أن الأمير حافظ على الوعد ... و لبالغ الأسف نسي آراش نصائح مدربه حين أخبره أن لا يثق بأحد ... و وقع ضحية لقراره الخاطئ ...!

كان عليه محاربة الأمير و محاولة الخلاص منه كما لو أنها مسألة حياة أو موت ... لكن طيب تعامل الأمير ميرزا معه جعلت آراش الذي لم يتلقى معاملة طيبة كهذه في حياته كلها يثق به مباشرة دون شعور منه ... فقد حرم الصبي من الكلمة الطيبة و رقة التعامل و الحديث اللين منذ ولادته و حتى يومه هذا !

تابع المدرب جيك رواية قصته : مكثت في السجن فترة طويلة لم أحسب لها حساب ... لكنها طويلة للغاية و لو كان بإمكاني وصفها لوصفتها بالسرمدية ... كما لو أنني ألقيت فجأة في السجن ... لا أذكر البداية سوى كذكرى عابرة و محض خيال و لم أشعر بوجود نهاية لما يحصل بل كل ما يستوعبه عقلي هو مجرد تدفق للوقت أعيشه مرغما في الظلام ...

روتين كئيب يدور حول الأكل و الشرب و النوم و الاستيقاظ و قضاء الحاجة ... نمى الشعر في وجهي حتى اصبحتُ ذا لحية كبيرة ... و فقد جسدي مرونته و قوته و غدوت جلدا على عظم ... و عقلي قد هجرني منذ وقت طويل و ترك الاستماع إلي فقد ضجر من الجنون الذي احتل رأسي ...

كنت انتظر الخلاص من هذا المكان و لو بالموت ... تمنيت لو أجد سكينا أو أي أداة يمكنها إنهاء حياتي بسرعة فقد سئمت العيش و البقاء كالقمامة لا ازيد سوى تعفنا مع الأيام ...

كانت الدموع لا تزال عالقة في وجه آراش البريء الذي بكى لتأثره و هو يستمع لقصة مدربه جيك و سأل بصوت مكتوم : و ماذا حصل بعدها ؟

أجاب جيك : بعد انقضاء تلك الفترة الطويلة جدا أتى للمكان شاب صغير في السن و يبدو أنه متدرب جديد و بدى أنه في جولة حول السجون ... و قد التقت عيناي بعيناه لجزء من الثانية ...

سنمّار درع لينورWhere stories live. Discover now